إجماع الرأي على إنتخاب مفتي المناطق وليس تعيينهم ..

بقلم الشيخ مظهر الحموي

مع إنتهاء مدة ولاية مفتي المناطق في لبنان ووفاة بعضهم (يرحمهم الله) بدأت وتيرة الأحاديث تتصاعد في المجالس وأوساط العلماء والهيئات الدينية والسياسية في التحضير لهذا الإستحقاق الفائق الأهمية وخاصة في مثل هذه الظروف الحالكة التي تمر بها الطائفة السنية مع ما أصابها من ترهل وتآكل وإستهدافات ومؤامرات تصابحها وتماسيها تراوحها وتغاديها.
ولقد تناهى إلينا أنه هناك نية عند البعض من أجل أن يكون إختيار مفتي المناطق وعضوية المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بالتعيين وليس بالإنتخاب خلافا للمرسوم ١٨/٥٥ .
فمن أجل الأمانة الإسلامية وجدنا أنه من الضرورة أن نبين رفض الأكثرية لعملية التعيين الذي قد يكون بطرق عديدة…
ونلفت النظر أن من أهم مثالب التعيين هو تفرد بعض الجهات بعملية الإختيار بما يعني إلغاء قناعات الهيئة الناخبة ومن تمثل وفرضه عليهم مما يسبب هنا تساؤلات بل وإشكالات قد تؤدي الى إهتزاز ثقة المسلمين بهذا التعيين ومن وراءه.
إن رفض الأكثرية لمبدأ التعيين نابع من تحفظهم على التفرد بهذا الإستحقاق الهام ، أضف الى ذلك جملة من الإشكاليات التي تنسحب على المفتي المعين ومنها انه سيعزو فضل إختياره الى من عينه، ويظل ولاؤه في الدرجة الأولى للذي إختاره ، وهذا يوقعنا حتما في مأزق إرتباط مفتي المناطق بالولاء لمن عينوهم ، والركون إليهم ، مما يعني تسييس هذا المنصب الديني الهام وتحريفه عن مكانته ودوره ومهماته، وصرفه عن الإهتمام بحاجات المسلمين كافة ،والإنحياز الى فئة موالية لمن يعينوا المفتين ، وهذا قد يؤدي حتما الى وضع قلق وتجاذبات نحن في غنى عنها ، بعد أن عشنا بعض أجوائها الملتبسة في العقود الماضية.
ولا يخفى عليكم أن مفتي المنطقة المعين او المكلف او عضو المجلس الشرعي المعين لن يكلف نفسه عناء العودة الى الهيئة الناخبة ومن تمثل لإستشارتها في العديد من الأمور الهامة ، بل بصراحة سيدير ظهره لها ويولي عنايته الى من عينه ، وهذا مما يضعف دور مفتي المناطق وأعضاء المجلس الشرعي ويحجم مهمتهم بل قد يصبحون في منصب فخري لا قرار لهم ولا حتى رأي.
على خلاف ذلك فإن المفتي الذي تختاره الهيئة الناخبة (مع التمني بتوسيعها لتشمل كافة الأطياف والإختصاصات …) ينبثق عن إجتماع الناخبين في الدرجة الأولى بناءً لمواصفات مقبولة من غالبية الناخبين، مما يتيح للمفتي المنتخب أن يكون حريصا على رفع مطالب المسلمين بأمانة وجرأة ، والتعبير بإسمهم في المواقف والشؤون الهامة بدون حرج أو مسايرة ، بل على العكس فإنه يحافظ على مسافة معقولة بين الآخرين.
وهذا الرأي هو خلاصة مواقف السادة العلماء وأكثرية السادة أعضاء الهيئة الناخبة والمؤسسات الإسلامية ، الذين يرون أن إختيار المفتي أو عضو المجلس الشرعي ينبغي أن يكون بالإنتخاب وليس بالتعيين فليست الهيئة الناخبة قاصرة ولا جاهلة بل أكثرها من أهل الإختصاص والمعرفة ، ولا مبرر أبداً للتذرع بالحجج الواهية ، أنه لا يمكن إجراء الإنتخابات في مثل هذه الظروف ، والكل يعلم انه جرت إنتخابات لنقابات كبرى منذ فترة قصيرة وستجرى إنتخابات مماثلة وقريبة جدا لنقابة المحامين في الشمال ويمكن ايضا تحديد موعد لإنتخاب مفتي المناطق وإجرائها في اقرب وقت ، مما يتيح الفرصة لجميع المؤهلين لهذا المنصب فرصاً متكافئة للتحضير لهذا الإستحقاق وتدارس الأمر من قبل الهيئة الناخبة بهدوء وتمعن.
فهل يفكر من يريدون التعيين بدل الإنتخاب في هذه الملاحظات التي قدمناها (من أجل أمانة الإسلام) قبل أن يحاولوا الإقدام على تعيين يخالف المرسوم ١٨/٥٥ والذي قد يثير اللغط والتشرذم والمماحكات والإعتراضات التي قد يسببها مثل هذا التعيين المتسرع وخاصة في مثل هذه الظروف الحالكة بالمسلمين السنة في لبنان ؟.
وللحديث صلة ..

أخوكم الشيخ مظهر الحموي

شاهد أيضاً

المفتي إمام استقبل وفد مجلس الطائفة الارمنية في الشمال مهنئا بالفطر

استقبل مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام في مكتبه بدار الفتوى، وفدًا من مجلس الطائفة …