لما كانت منطقة “الجناح” تسمى “سان سيمون و سان ميشال”(٣/٢)

 

زياد سامي عيتاني*

في عام 1937 إفتتح رجل الأعمال ميشال سمعان، الذي إكتسبت عائلته ثروتها في فنزويلا، بشكل مفاجئ (لا يخلو من المجازفة لدرجة التهور)! مشروعاً سياحياً، على مساحة 42،500 متراً مربعاً، وتشغل 400 متراً من الشريط الساحلي المتاخم لها، مستأجرة من بلديات الشياح والغبيرة وحارة حريك، أطلق عليه إسم “السان سيمون”، حيث ما لبث أن إنضم إليه قريبه جوزيف سمعان.


يومها، أطلقت على الرجل المثير للجدل توصيفات مختلفة ومتناقضة، فالبعض إتهمه بالجنون، والبعض الآخر بالغامض، لكن قلة قليلة من الناس إعتبرته إنسان مستنير وصاحب مشروع رؤيوي سابق لزمانه! لا سيما وأنه كان يحلم بشاطئ رملي خلاب، تحيط به شاليهات خشبية على النمط الأوروبي، مستوحاة من شاطئ “دوفيل” في “هونفلور” أو “الكوت دازور”…
بلغ عدد شاليهات “السان سيمون” أكثر من مائتين وخمسة وعشرين شاليهاً، محاطة بحكمة في سبعة صفوف منتظمة.
ورغم ذلك لم يكن من السهل الحصول على واحدة منها، لأن قوائم الانتظار طويلة، علماً أن تلك الشاليهات كان يشغلها بشكل أساسي السفراء وعائلاتهم، إضافة إلى الفئة المخملية والميسورة من اللبنانيين، الذين كانوا يقضون فيها أياماً بلياليها، تحيداً في عطلة نهاية الأسبوع، إذ كانوا يقضون أوقاتهم مابين السباحة والصيد وحمام الشمس، في حين كان الأطفال يتمتعون ببناء القلاع الرملية على الشاطئ الذهبي، وسط مراقبة الحراس…
أما في الليل، فكان يتحول “السان سيمون” إلى حفلات فنية للأمسيات الشاطئية الموسيقية الراقصة، التي لم تكن قد عرفتها بيروت بعد.
مع زيادة الطلب، إزداد عدد الشاليهات، حيث صار يمكن الوصول إلى الشاطئ لمستأجري الشاليهات السعداء والمتميزين، والاستحمامين الآخرين مقابل رسوم دخول، والمشتركين والضيوف.
في عام 1970 ، وجد سمعان أنه من الضروري خصخصة المنتجع، حيث يمكن فقط للمشتركين في الشاليه والمستأجرين وضيوفهم الوصول إليه، ليشهد “السان سيمون” في ضوء ذلك تغييراً جذرياً، حيث بات مقصداً للشخصيات والفنانين ونجوم وملوك أجانب ومحليين.
كما شهد أيضا عملاء جدد يبلغون من العمر ثمانية وستين عاما، وصغار سن أيضاً مشبعين بموجة (الهبي). كل ذلك دون أن يفقد أي شيء من هذه البساطة الرشيقة والطبيعية التي جعلت منه أسطورة.
بإختصار، تمكن آل سمعان المثيران للإعجاب من خلال فكرتهما “المجنونة”، ومن خلال هذا المزيج المجتمعي الراقي الذي تمكن من تجميعه من رؤساء ووزراء ونواب وسفراء ونخب بورجوازية، أن يجسد شعار: “لبنان سويسرا الشرق”، بعدما صار منتجعه السياحي مرادفاً لحياة جديدة…
****
-يتبع: السان ميشال.
*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

شاهد أيضاً

ضاهر:” تمنى على الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة وقف السجالات العدائية “

تمنّى النائب ميشال ضاهر على “الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة”، وقف “السجالات العدائيّة في ما بينها، وإيلاء …