ملايين الأطنان من المحروقات صادرتها الأجهزة وقيادي قواتي يحتكر 50طناً والمعلومات له بالمرصاد*

**دولة تزيدُ مواطنيها قهراً وذُلاًّ وقرارات تُمعِنُ فيه قتلاً*

*حكومة وحاكم مركزي اجتمعوا على إفقار شعبهم بقرارٍ من الشركات والمحتكرين*


• *أحمد موسى*

*فجأةً وعلى آخر روح، ابتدعت السلطة حلاًّ مورفينياً لأزمة المحروقات: فتح حساب مؤقت لتغطية دعم عاجل واستثنائي للبنزين والمازوت على سعر 8 آلاف ليرة، بدل نقل يرتفع إلى 24 ألفاً، ومساعدات اجتماعية طارئة لموظفي الإدارة العامة والأسلاك الأمنية، أما من لا يملك ألفاً من الليرات ولا مدخولاً فليمت قهراً وذُلاًّ وجوعاً ولا من يسأل!!، ومدارس على الأبواب يتأرجحون بين اكتواء الأقساط والخوف على حياتهم جراء فيروس كورونا ومتحوراته، وأموالٍ صُرِفت (مليون ليرة + واللابتوبات) لم تصل لمستحقيها بل ذهبت لمتحوري الفاسدين والمحتكرين، كسابقاتها الـ400 ألف ليرة، يبدو أن وزارة التربية أصابها فيروس الإحتكار أيضاً وأيضاً.*

واليوم كانت جهنم حاضرة بحشدها وعديدها وبمرافقة أمنية على كل محطة بنزين قررت أن تفتح أبوابها، إشكالات بعدد الطوابير الماثلة أمام المحطات، ذل واحتقار، والناس تحولت إلى رهائن، بعضهم أمضى ليله حتى الصباح، وبعضهم الآخر لم يجد مكاناً لكي ينتظر، هي محروقات فعلية، أودت بالمواطنيين وأحرقت ما تبقى لديهم من صبر وصمود وقدرة على التكيّفِ مع واقعٍ صارَ مستحيلاً.

لائحة الانهيارات في الوطن الصغير تتوسع، واللبناني يتجرع سمومها على مذبح الحياة المهدورة كل يوم، واحدة من أسوأ هذه الانهيارات هي أزمة المحروقات التي رفعت منسوباً هستيرياً في الطوابير الممتدة لمسافات طويلة يتلوى اللبناني فيها، وسط درجة حرارة مرتفعة، ولا يقتصر الأمر على هذا، إذ يكاد لا يمر يوماً من دون وقوع إشكالات أمام المحطات يؤدي بعضها إلى سقوط جرحى.

لعنة طوابير الذُّل على محطات المحروقات، أصابة الأفران الذين تجاهلوا التسعيرة الرسمية واستغلوا أصحاب الأفران الذُّل وحاجة الناس فباعوا الربطة صغيرة الحجم بـ8000ليرة ممتنعين عن تزويد المواطنين بالربطة العادية حجم كبير، لتستمر وتيرة الذُّل التي يبدو انها أمام مشهدية الإذلال لكا شيئ، فأزمة مياه تشق طريقها إلى لائحة معاناة اللبنانيين، إذ حذرت منظمة اليونيسف من أن أكثر من أربعة ملايين شخص في أنحاء لبنان سيواجهون احتمال تعرضهم لنقصٍ حاد في المياه أو انقطاعهم التام عن امدادات المياه الصالحة للشرب في الأيام المقبلة.


*معاناة مستمرة وبهدلة*
“بهدلة” كلمة واحدة تختصر كل ما جناه اللبنانيون بفعل السنوات الثلاثين الماضية التي باعهم فيها السياسيون الكثير من الكلام، بحيث دفعوا ثمنه باهظاً في صناديق الاقتراع، أصواتاً لتجار المواقف السياسية، ليتبين في المحصلة أنهم لم يشتروا إلا الإفلاس، وهي أزمات متنقلة ومفتوحة في آن، فهل يستفيق المسؤولون قبل فوات الاوان، أم أن ما حصل في الكهرباء والمحروقات والدواء والطحين سيتكرر في المياه، معرضاً ما تبقى من أمننا الغذائي إلى “الخطر؟”.
لكن، لماذا تأخر المعنيون في اتخاذ مثل هذا القرار طالما لا بد منه؟، وهل بهدلة المواطنين كما حصلت كانت ضرورية قبل رفع الدعم ولو جزئياً؟ ثم: من أين سيفتح الحساب الموقت لتغطية الدعم العاجل والاستثنائي للمحروقات؟، هل من الاحتياطي الإلزامي؟، وقبل كل هذا، لماذا حصلت هذه القرارات الفجائية؟ توفرت الإعتمادات في المركزي، وهبّت الصرخة الشمطاء من وكرها المعوكر، وانبهرت مصر وأُبهرت عزيزتها الهاشمية، ومن قال أن الياسمين تستطيع الرياح الغربية هزّه ليفوح ريحه ضنّاً كمها انها انحت أمام عتوّها وهي بالفعل تتمايل لتنهض من جديد، كل ذلك ليس صدفةً، إنما أصبعاً حرّكت المياه الراكدة في ذاك الشرق (إيران) لتبحر سفنها في عرض البحر وطوله لترسو على شواطئ قاهرة الغطرسة الصهيونية والعربدة الأميركية بعد أن تسلّم على من قال ذات فجرٍ “أنظروا إليها إنها تحترق”، وللتذكير “أنظروا إليها وادخلي في سلام وأمن”.
*النفط الإيراني نهاية أيلول وأميركا وإسرائيل لا تجرؤ*
قالها السيّد ومضى، السفن الإيرانية من النفط والمواد الغذائية والأدوية وغيرها (…) ستدخل إلى ميناء بيروت وكفى، (ستصل الشهر المقبل)، وخط عبورها أرض لبنانية، إيجاز ليس بإعجاز، وليفهم الأميركي والصهيوني، أنه كما سفارة عوكر أرض أميركية وميناء حيفا أرض محتلة من إسرائيل، فالعين والسن بالسن وحذار من البادئ أظلم.
الوطنُ المصابُ بتعددِ الامراض، دواؤهُ بقبضةِ المحتكرينَ كما المحروقات في شتى القطاعات، هكذا كشفت مداهماتُ وزيرِ الصحةِ لبعضِ مستودعاتِ الادوية، ومداهماتُ القوى الامنيةِ لاصحابِ الخزاناتِ النفطية، وهكذا ستَكتشفُ كلُّ ادارةٍ او وزارةٍ متى قرّرَ المعنيونَ فيها بمكافحةِ المحتكرين، والمحتقرينَ لارواحِ الناسِ وكراماتِهم.


*مستودعات الدواء والمحروقات جنوياً وبقاعاً بحماية سياسية حزبية*
وزيرُ الصحةِ حمد حسن أدى قيطه للعلا، وواجبِه المهني والوطني فوجدَ انَ كُثُراً لا يقومونَ بواجبِهم الانساني، ولا يحافظونَ على شرفِ مهنةِ الصيدلةِ قبلَ المحافظةِ على القوانينِ والانظمة، ولو يتمكنُ الوزيرُ من اكمالِ المسيرِ لوجدَ على طولِ الاراضي اللبنانيةِ الكثيرَ الكثير، والاملُ بانْ يجدَ بيئةً كتلكَ التي لفَظت مرتكباً بالامس، ولم تَتعصب لانتمائِه او فعلِه المنافي، فكانَ وحيداً امامَ بشاعةِ فَعلتِه او سوءِ تقديرِه وادائه، واِن تكررَ ما جرى معَ جميعِ المحتكرينَ وفي شتى القطاعاتِ لَخَفَّ عن اللبنانيينَ بعضٌ من عبءِ الحصارِ الاميركي وادواتِه، ولو تصرفَ الجميعُ كما تصرفت البيئةُ التي حاولَ ان يتسترَ بها محتكرٌ فتركتهُ لشرِّ فَعلتِه، لما تمكنَ الكثيرُ من الاشرارِ من حجبِ المازوتِ والبانزين والرغيف والحليبِ والدواءِ عن محتاجيهِ الذين يصارعونَ الموت، ولما بقيَ بعضُ المحتكرينَ متحفظاً على ما يقاربُ المليوني ليترٍ من البانزين حتى الامسِ في منطقةِ زحلة كما جاءَ في بيانٍ لقوى الامنِ الداخلي، وهو المحميُ ببطاقةٍ سياسية وحزبية، تماماً كصاحب مستودعات الأدوية في جنوب لبنان.
*الشركات أكبر المحتكرين*
وفي سردٍ لواقعة الإحتكار، فوفق مصادر معنية كشفت المستور فتقول: أن الشركات المستوردة لمادتي البنزين والمازوت “تتعمّد خلو خزاناتها من مادتي المحروقات بهدف إفراغ السوق منها وممارسة الإحتكارية والضغط، وصولاً إلى تهديد الأمن الإجتماعي، وإفراغ البلاد أمنياً أمام الفوضى”، وبالتالي تضيف المصادر، أن مكوث السفن المحمّلة بالمشتقات النفطية في عرض البحر تحت حجّة فتح الإعتمادات المالية في البنك المركزي ما هي إلاّ “حجّة واهية”، فخزانات الشركات المستوردة “ممتلئة على آخرها”، والأمر مقصود، وللتأكيد على هذه المصادر، فغنه ومع إعلان السيّد حسن نصرالله عن تحرّك سفينة النفط العملاقة الإيرانية إلى لبنان، فوراً أصبحت الإعتمادات المالية متوفرة والصهاريج تحرّكت في السوق اللبناني والسفن الماكثة تحرّكت لإفراغ حمولتها، وعدلت الشركات الكبرى عن قرارها في توقف عملها في لبنان، وتوفرت المحروقات في الأسواق، ورضخ المعنيون ووافقوا لسوق المحتكرين والشركات فرفع الدعم الجزئي ومع نهاية أيلول (توقيت وصول البواخر الإيرانية) رفع الدعم الكلي.


المصادرات حجمها صادم.. أين تذهب*
وطن مصاب بمرض الإحتكار والحصرية بغطاءٍ سياسي وحزبي، امتهن أصحاب السياسة إلهاء اللبنانيين بلترٍ من البانزين ومثيله من المازرت والغاز، وصولاً إلى التفتيش عن حبّة دواء ورغيف خبزٍ، والآن قسط المدرسة تليه القرطاسية، مسرحية مكشوفة والمواطن أسير لزبائنية الساسة والمتسلطين.
وحده وزير الصحة الدكتور حمد حسن أخذ قراراً بـ”قطع رأس الأفعى”، تنفيذاً لخطاف الفصل وسيّد الفصول، داهم مخازن ومستودعات الدواء “المدعوم” رافضاً خلفية المحتكرين السياسية والحزبية، وقرّر توزيع الأدوية وإلزام أصحاب المستودعات تسليم مخزونها على الصيدليات والمواطنين.
*مخازن بآلاف الأطنان من المحروقات قرب مطار رياق العسكري*
ضربة الوزير حسن سبقها تحرّك الأجهزة الأمنية اللبنانية، الجيش اللبناني، استخبارات الجيش، فرع المعلومات، الأمن العام وأمن الدولة، فكانت ضرباتهم موجعة للمحتكرين والمهربين وتجار السوق السوداء لمادتي البنزين والمازوت والغاز، بعد أن تحوّلت هذه المادة إلى قنابل موقوتة في المدن والقرى وقرب المرافق العامة والأمنية، ووفق مصادر فإن حجم المصادرات لمادتي المحروقات تجاوزت الحجم الكلي لحاجة لبنان منها، فبلغت حوالي 50 مليون طناً من بنزين ومازوت تمّت مصادرتها من المحطات ومستودعاتها وفي مستودعات خاصة وفي المزارع والحقول الزراعية والأبينة والمنازل، وحتى الأن لم تُعرف أين ذهبت ولصالح مَن!؟، فضلاً عن توزيع قلّة منها ذهبت لصالح الأفران والبلديات والمولدات الكهربائية.
*قيادي قواتّي يخزّن المحروقات و”المعلومات” بالمرصاد!*
ضربة استباقية لـ”فرع المعلومات” بقاعاً، حيث داهمت القوة الضاربة في فرع المعلومات مستودعات ضخمة في سهل حوش الامراء في زحلة وعلى مقربة من مطار رياق العسكري، وعثر فيها على 38 خزاناً من الخزانات الضخمة ممتلئة بمادة البنزين تقدر سعتها بحوالي 50طناً من البنزين المدعومة على سعر 1500 ليرة للدولار من أموال الشعب اللبناني، ومقدّر سعتها بحوالي مليوني ليتر من مادة البنزين.
ووفق مصادر أمنية فإن الكمية المحبكرة من البنزين تعود إلى القيادي القواتي ابراهيم الصقر المالك لعدد من محطات المحروقات تسمى “محطات الصقر”، وضربت القوة الضاربة طوقاً أمنياً لافتاً وغير اعتيادي في محيط الخزانات لوصول وفد من إدارة مصفاة الزهراني الذي باشر بسحب الكمية المصادرة وبيعها لصالح خزينة الدّولة اللبنانية.


الطوق الأمني الغير اعتيادي لم يكن بسبب كميات البنزبن الضخمة المحتكرة، وعزت مصادر إلى وجود كمية كبيرة من “نيترات الأمونياك” بالقرب من خزانات البنزين.
وفيما أوقف المدعي العام التمييزي غسان عويدات مارون الصقر شقيق ابراهيم الصقر، قيد التحقيق في الحادثة، عُلِم أنه تمّ توقيف ابراهيم الصقر في الحادثة نفسها للتحقيق معه.
وعلى خلفية الحادثة، تعرض مراسل lbc في زحلة الزميل نايف درويش للاعتداء والترهيب و مصادرة كاميرته وجهاز الlaptop من قبل افراد عائلة المحتكر الصقر أثناء محاولته تغطية تاحادثة.
وفي وقتٍ لاحق، نوّه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي بـ”جهود فرع المعلومات في قوى الأمن في الكشف عن أكثر من مليون ونصف ليتر من البنزين داخل مستودعات في زحلة”، وقال متوجها الى عناصر قوى الامن: “أنتم الضمانة لحقوق المواطن في وجه قليلي الضمير”.
وفي إطار المتابعة الدقيقة والمتابعة المعقدة لفرع المعلومات، وأمن الدولة: ضبط 1630025 ليتراً من المحروقات المُخزّنة في المحطات من 1 تموز ولغاية 23 آب.
وصدر عن المديرية العامة لأمن الدولة – قسم الإعلام والتوجيه والعلاقات العامة البيان الآتي: “نتيجة الكشف على محطات المحروقات التي أجرتها دوريات المديرية منذ 1/7/2021 لغاية 23/8/2021 تم ضبط كمية من المحروقات المخزنة بلغت 1630025 مليون وستماية وثلاثين ألفا وخمسة وعشرين ليترا مقسمة بين 1198655 ليترا من مادة البنزين و431370 ليترا من مادة المازوت، وجرى إلزام أصحاب تلك المحطات ببيع المخزون للمواطنين وفق التعرفة الرسمية.

كما ضبطت كميات ضخمة من المحروقات مخبأة في مستودعات خارج المحطات تفوق الخمسة ملايين ليتر موزعة بين 4865420 ليترا من المازوت و68374 ليترا من البنزين، وتم توزيعها على المستشفيات والأفران والبلديات والمؤسسات الحيوية والمولدات الكهربائية التي تحتاج إليها، وتم توقيف 35 شخصا بجرم احتكار محروقات، تخزين مادة البنزين وبيعها في السوق السوداء، مخالفة التسعيرة الرسمية لبيع المحروقات والتلاعب بعدادات محطة محروقات، وذلك بناء على اشارة القضاء المختص.
إن المديرية العامة لأمن الدولة تدعو المواطنين إلى التحلي بروح المسؤولية الوطنية في هذا الظرف العصيب، ومعاونتها في مكافحة ظاهرتي الاحتكار والتهريب من خلال تزويدها بالمعلومات المتعلقة بهذا الخصوص عبر مختلف وسائل التواصل المتوافرة”.


*خشبة المحاصصة تطيح مسافات الولادة الحكومية*
اما المداهماتُ السياسيةُ الى الآنَ فلم تتمكن من العثورِ على الحكومةِ المخبّأةِ في عزِّ الحاجةِ اليها، معَ الخوفِ من انَّ طُولَ تخزينِها قد يُشكِّلُ خطراً عليها، فتُتلف كما تُلِفت سابقاتها، إذ وحل الوكيل (المستشارون) مكان الأصيل (الرئيسين عون وميقاتي) ففي الأمر إصابة هدفٍ في مرمى الإعتذار قبل الولادة الوهمية، فالامتارِ الحكومية أبعد من الكيلومترات والصيغ والمسودات وإلهاء المواطنين، فبين عين التينة ـ بعبدا ملعب واسع هدّافوه أميركيون وفرنسيون، لا يمكن عبوره إلا استرضاء اللاعبين على خشبة خلاصٍ نخرتها المحاصصة والفساد والمحتكرون وتجار الدم.

شاهد أيضاً

البعريني تابع مع كركي أوضاع الضمان ونوه بالمباشرة بقبض الإشتراكات في مكتب حلبا

استقبل المدير العام للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الدكتور محمد كركي في مكتبه في المقر الرئيسي …