ثورة التعليم وثورة المعلومات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما هي الأمور المدهشة التي تحدث عندما يتم ربط المدرسة بشبكة المعلومات المركزية

أحمد فقيه

    عندما وصل الكبيوتر لأول مرة إلى صفوف المدارس في أمريكا منذ أكثر من ثلاثة عقود تنبأ عندها الباحثون في عصر المعلومات بثورة مدهشة. مخازن معلومات العالم ستكون خلال لحظة أمام العقول الشابه. وباجتياز المساحات الشاسعة الرقمية، يمكن الحصول على التاريخ، الجغرافيا، والعلوم حية على الشاشة. لم يكن هناك أداة تعليمية قوية كهذه القوة منذ عهد غوتنبرغ. تنبؤاتهمالجريئة لم تكن خاطئة، بل كانت لا تزال فجَّة، غير ناضجة. أجهزة الكبيوتر هي بالفعل موجودة في كل مكان في المدارس الأمريكية، إلا أن استخدامها يفوق قليلاً كتب التدريبات الالكترونية، أو كأماكن للصغار ليلعبوا بها ألعاب حرة. الثورة الواعدة فشلت بأن تصبح شيئاً ملموساً.

الشاشة تصبح أرضًا واسعة للتنقيب، وهي تعرض مشهدًا للنجوم أو موقعًا قديمًا للحفر.

 

ومضات لمستقبل مشرق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    إلا أننا نستطيع أن نلحظ هنا وهناك ومضات كما يمكن أن يكون  مستقبلاً. وتقول مجلة “تايم” (  time)  ليس هناك من مكان تستخدم منه التكنولوجيا مشكل متقدم. شائع كما هو الحال في مدرسة دالتون، وهي أكاديميه خاصة للطبقة الراقية في مدينة نيويورك. فطلبة المدرسة البالغ عددهم 1300 ، يتمتعون بمصادر تحسدهم عليها أية مدرسة أخرى: هناك مكتبة تشتمل على 62000 مجلد، وستديوهات مخصصة في التدريب على مهارات مثل فن العمارة، والرقص، وغيرها من الفنون والنشاطات الأخرى. إلا أن ما يميز هذه الدرسة عن غيرها هو الطريقة التي تستخدم فيها التكنولوجيا لتغيير الدور التقليدي للمعلم والذي ينظر إليه وكأنه وحيٌ أو معجزة، ودور الطالب كمتلقي سلبي، على طريقه “إسقني العلم”. إن زيارة إلى صفوف والتون يعطينا ومضة عما يعتقد الكثيرون بأنه سيكون مستقبل التعليم:

    مثال على ذلك هناك غرفة رقم “711“. وهي للدراسات الاجتماعية. وهنا على الطلاب البحث. كل مجموعة خصص لها حقبة من تاريخ الأشوريين. ومهمتهم هو كشف النقاب عن تلك الحقبه. وتحليل أي عمل من نتاج الانسان يجدونه، ثم يشكلون بحثاً عن طبيعة المكان والناس الذين كانوا يعيشون هناك في ذلك الوقت.

    وبالطبع لا تستطيع المدرسة أخذ الطلبة إلى الشرق الأوسط للحفر والبحث والتنقيب، بل عوضت ذلك عليهم بالبحث المشابة تماماً من خلال الكبيوتر الذي يوفر عليهم الوقت ويهيء لهم الجو المشابه تماماً من حيث الصوت، والمادة، وكل شيء.

التعليم البناء

ـــــــــــــــــــــــ

وتتابع مجلة time فتقول :

    لم يكن صدفة أن مدرسة دالتون بدأت باستخدام العناصر التكنولوجيه بالبرنامج القديم.

    اعمال الحفر عبارة عن مجاز لنوعية “التعليم البناء” يتم تنميته في المدرسة: الطلاب يجب أن ينقبوا (يحفروا) عن المعلومات، ثم يبنون ما توصلوا إليه من معلومات من الحقائق الاوليه التي لاحظوها. والذي تفعله التكنولوجيا هو أنها توسع مدى الخبرة بحيث تزود الطالب بالعديد من الملاحظات. “إنها تنقل التعليم من الكبار الذين يعطون الاجابات إلى الطلبه الذين يبحثون عن الإجابات”.

ويضيف الناظر، جارد دوتان قائلاً:” إننا نعمل بموجب البديهية المعروفة بأننا ندرك ونتذكر ما اكتشفناه بأنفسنا بشكل أفضل بكثير مما اكتشف او قيل لنا “.

    إن هدف أي مدرسة هو تجهيز طلاب للعالم الذي سيعيشون فيه. وتؤكد دالتون على التعليم الجماعي _ هذه المجموعات الصغيره حول الكبيوتر. وكما يقول موريتي، هذا هو التحضير الكامل لعالم تعتمد فيه معظم الأعمال علميه كانت ام غير علمية، على الفرق التعاونيه. الطلاب يحضرون أوراقهم بشكل جماعي.

المؤتمرات

ــــــــــــــــــ

   وأهم ظاهرة جديرة الملاحظة بالنسبة للنظام، هي “المؤتمرات” _ وهي عبارة عن مناقشات جماعية حول مواضيع محددة. والندوة هذه السنة للصفوف العليا حول الحقوق المدنية. ويعلق موريتي على هذا الإجراءا فيقول: عندما يبدأ الأبناء بأخذ وقتهم الخاص خارج الصف للاجابة على أسئلة هامة بالنسبة لهم ويصبحون معروفين بمراكز داخل مجموعة أوسع، فهذا يعتبر نوعاً من تطور الشخصية لم يكن ممكناً في المدرسة القديمة.

    وعندما سئل ناظر المدرسة عن مدى ملائمة تجارب والتونَ بالنسبه لمدارس الولايات المتحدة القديمة مع الميزانية المختصرة والاولاد الأقل تميزاً، أجاب وباصرار: “إنها ملائمة جداً”. ويضيف قائلاً: صحيح أن الأمر يحتاج مع البداية لمبالغ طائلة لخلق المهارة والقدرات الكافية إلا أنه بمجرد أن يتم تطوير هذا الأمر، لم يعد مكلفاً أبداً.

ولكي تثبت هذه النقطه بدأت مدرسة والتون بعرض تقنياتها التعليميه لبعض المدارس العامة.

البيانات لوحدها لا تكفي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    وللأسف، فإن استخدام المعلومات والبيانات لوحدها لا يكفي لاحداث ثورة تعليمية. هناك بعض المدارس اليوم لديها قوة كمبيوترية لاجراء برامج معلوماتية مثل تلك المستخدمة في دالتونَ. وأقل منها لديها مصادر لدعم شبكة من المدارس. فإي شخص يرى ما تفعله التكنولوجيا للتعليم لا بد أن يقتنع بمستقبلها المشرق. وتقول كريستينا هوبر، عالمه كبيوتر، وخبيرة بالتقنيات التعلميه:”هناك شيء لا مفر منه بهذا الخصوص”. إنها تعتقد بان الأمر قد يستغرق 10 سنوات أو 20 سنه قبل أن تصبح هذه تكنولوجيا واسعة الانتشار. ولكن المتنبئين بالعصر التعليمي لما بعد غوتنبرغ، سيكونون في النهاية على صواب.

الترجمة عن: غلوديا وليس

مجلة(تايم)

شاهد أيضاً

لا تثق

بقلم فايز ابو عباس. / الخيام لا تثق بمن بنى القصور .. قلاعا وغدا … …