بعض ماقاله كبار الشخصيات المسيحية في الامام علي أمير المؤمنين

  • جميل ظاهري

لو تصفحنا التاريخ برمته لم نجد شخصية كنّ حتى الذين مغايرين لها في الدين والعقيدة أحترام كما هي شخصية الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، التي نالت إعجاب وانبهار ومحبة واحترام كبار الفلاسفة والأدباء خاصة في الديانة المسيحية، أولئك الذين بهروا بشخصية الإمام علي (ع) الى حد فاق الإعجاب والتقدير، حيث سنعرض عليكم بعض تلك الأقوال ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى “عيد غدير خم” المبارك والميمون.
لا تقل شيعة هواة إن في كل منصف شيعيا
جلجل الحق في المسيحي حتى صار من فرط حبه علويا

*بولس سلامة
# الشاعر بولس سلامة: قد يقول قائل، ولم آثرت علياً دون سواه من أصحاب محمد (ص) بهذه الملحمة “ملحمة الغدير”؟ ولا اُجيب على السؤال إلاّ بكلمات فالملحمة كلّها جواب عليه، وسترى في سياقها بعض عظمة الرجل الذي يذكره المسلمون فيقولون: (رضي الله عنه، وكرّم الله وجهه، وعليه السلام).. ويذكره النصارى في مجالسهم، فيتمثّلون بِحكَمه ويخشعون لتقواه، ويتمثّل به الزهّاد في الصوامع، فيزدادون زهداً وقنوتاً، وينظر إليه المفكّر فيستضيء بهذا القطب الوضّاء، ويتطلّع إليه الكاتب الألمعي فيأتمّ ببيانه، ويعتمده الفقيه المدرة فيسترشد بأحكامه…( ملحمة الغدير: ص 20 – 22).

الكاتب والباحث جورج‎ جرداق في كتابه “الإمام علي صوت العدالة الإنسانية”: ماذا بك‎ يـا دنيـا لـو كنت‎ تجمعين‎‎ كل‎‎ قواك‎ وتصنعين في‎ كل دهر وزمان‎ مثل‎ علي‎‎‎ بنفس‎ فكر علي وقلـب‎ علـي ولسان‎ علي‎‎‎ وذو الفقار علـي وكمـالات‎ علـي (ع).. إنّه ليستحيل على أيّ مؤرّخ أو كاتب، مهما بلغ من الفطنة والعبقريّة، أن يأتيك حتى في ألف صفحة بصورة كاملة لعظيم من عيار الإمام عليّ، فالذي فكّره وتأمّله وقاله وعمله ذلك العملاق العربي بينه وبين نفسه وربّه لمِمّا لم تسمعه اُذن ولم تبصره عين، وهو أكثر بكثير ممّا عمله بيده أو أذاعه بلسانه وقلمه…

# الباحث‎‎ شبلي شميـل‎‎:‎ الامام‎ علي‎ (ع) سيد الأفاضل‎ والنسخـة الوحيدة‎ التي‎ لم‎ يشهد لها الشرق‎ والغـرب‎ مثيلا لها في‎ السابق‎ والحاضر.. الإمام عليّ بن أبي طالب، عظيم العظماء، نسخة مفردة لم يرَ لها الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً…

# الكاتب والمؤرّخ والفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل في كتابه “الأبطال”: أمّا علي، فلا يسعنا إلاّ أن نحبّه ونتعشّقه، فإنّه فتى شريف القدر عالي النفس يفيض وجدانه رحمةً وبرّاً، يتلظّى فؤاده نجدة وحماسة. وكان أشجع من ليث، ولكنّها شجاعة ممزوجة برقّةٍ ولطف ورأفة وحنان، جدير بها فرسان الصليب في القرون الوسطى، وقد قُتل بالكوفة غيلة، وإنّما جنى ذلك على نفسه بشدّة عدله حتى أنّه حسب كل إنسان عادلاً مثله…( الإمام علي أسد الإسلام وقدّيسه: ص71).

# الباحث الفرنسي البارون كاراديفو في كتاب (مفكّرو الإسلام): وعليّ هو ذلك البطل الموجَع المتألّم، والفارس الصوفي، والإمام الشهيد، والروح العميقة القرار التي يكمن في مطاويها سرّ العذاب الإلهي…

# الباحث والكاتب الشهير سليمان كتاني في كتابه “الإمام علي نبراس ومتراس”: كان علي (ع) باكر النضج، قويّ البيّنة، حادّ الذكاء، ثاقب النظر، شجاعاً، ملمّاً بدرجة عالية بالعلوم، وترك أثراً كبيراً بعده في كتابه نهج البلاغة.. بهذه المناجاة أحببت أن أقرع الباب في دخولي على علي بن أبي طالب، وأنا أشعر أن الدخول عليه ليس أقل حرمة من الولوج إلى المحراب. والحقيقة، أن بطولته هي التي كانت من النوع الفريد وهي التي تقدر أن تقتلع ليس فقط بوابة حصن خيبر، بل حصون الجهل برمتها، إذ تتعاجف لياليها على عقل الإنسان…

# الأديب والشاعر اللبناني جبران خليل جبران: أنّ ابن أبي طالب كان أوّل عربيّ لازم الروح الكلّـيّة وجاورها وسامرها، وهو أوّل عربي تناولت شفتاه صدى أغانيها على مسمع قوم لم يسمعوا بها من ذي قبل، فتاهوا بين مناهج بلاغته وظلمات ماضيهم.. فمن اُعجب بها كان إعجابه موثوقاً بالفطرة، ومن خاصمه كان من أبناء الجاهلية.. وما أقول في رجل تحبه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة، وتعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة، وتصور ملوك الفرنج والروم صورته في بيعها وبيوت عباداتها،وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها» وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله…(الإمام علي صوت العدالة الإنسانية: ج5 ص226 ـ 227).

# الأديب الكبير ميخائيل نعيمة: إنّ عليّاً من بعد النبيّ سيد العرب على الإطلاق بلاغةً وحكمةً، وتفهّماً للدين، وتحمّساً للحقّ، وتسامياً عن الدنايا، فأنا ما عرفتُ في كلّ من قرأت لهم من العرب رجلاً دانت لـه اللغة مثلما دانت لابن أبي طالب، سواء في عظاته الدينية، وخطبه الحماسيّة، ورسائله التوجيهية، أو في تلك الشذور المقتضبة التي كان يطلقها من حين إلى حين مشحونة بالحكم الزمنية والروحية، متوهّجة ببوارق الإيمان الحيّ، ومدركةً من الجمال في البيان حدّ الإعجاز ، فكأنّها اللالئ بلغت بها الطبيعة حدّ الكمال، وكأنّه البحر يقذف بتلك اللالئ دونما عنت أو عناء!.. ليس بين العرب من صفت بصيرته صفاء بصيرة الإمام عليّ…( الإمام علي صوت العدالة الإنسانية: ج1 ص35 وج5 ص228 ـ 229).

# الاُستاذ رئيف خوري: الإمام علي (ع) عظيم لا كالعظماء، لإن كان جميع العظماء يرتبطون بمناسبات تاريخية معيّنة، فترسم فيهم ملامح من أحداث عصر خاص، وتتجلّى فيهم سمات من أحوال بيئة معلومة، فإنّ العظيم حقّاً هو الذي يشمخ بشخصيّته وتفكيره ليشتمل على آفاق وأبعاد تتخطّى عصره وبيئته الى منفسح الزمان الأرحب ذلك هو الخلود بأتمّ معانيه، وسيّدنا الإمام علي (ع) من أفذاذ العظماء الذين تجاوزت عظمتهم حدّ الارتباط بمناسبات تأريخية معيّنة، فأرسلوا أضواء جلبت آفاقاً وأبعاداً رائعة في معارج الشوق الإنساني، فإذا هم حاضرون أبداً لا يغيب لهم حضور … فالإمام علي (ع) وإن أصبح عَلمَ دين وطائفة ، فلا لدين هو ولا طائفة ، بل للناس أجمعين.. فهو مثال الحاكم الذي كان همّه تطبيق المبادئ والأخلاق الواجب تطبيقها تطبيقاً صحيحاً ، ولم تكن غايته مجرَّد النجاح، وإنّما هي ممارسة رسالة . ومذ كان الحكم عنده ممارسة رسالة، فإنّ رأس الصفات التي تحلّى بها الزهد…(مجلة العرفان: ج 4 مجلد 54).

# المبدع الشاعر الراحل خليل فرحات في كتابه “في محراب علي”، حيث جمع أجمل القصائد فيه، عبر فيها عن علاقته الخاصة بأبي الحسن (ع) التي نشأت عندما أصيب بداء استعصى شفاؤه عندها توسل بالإمام(ع) فشفاه الله تعالى ببركته، مما جاء في إحدى قصائده:
دللت على الرحمان هل كنت غيره؟ ففيك استوى الرحمـان بالفعل والفكـر
وفيـك تجلت قدرة الله آيـة كما شعشعت في الضوء خالصة الدر
وفيك رأى الوجدان معنى وجـوده وقيـمة عيش المرء في مهمة العسر
تعالت بك الأرضون واشتد ظهرها فلولاك هذي الأرض مقصومة الظهر

# الأديب وسفير لبنان في بلدان عدة نصري سلهب في مقدمة كتابه “خطى الإمام علي”:علي (ع) من أولئك البشر الذين كتب عليهم أن يموتوا لتحيا بموتهم أمم وشعوب، وأعداء علي (ع) من أولئك النفر الذين آثروا الحياة على الموت فأماتوا بحياتهم كل إباء وشمم. ذكراه ليست ذكرى البطل الذي استشهد فخلد في ضمير الله بقدر ما هي ذكرى الغادرين الذين غدروا فخلدوا في نار جهنم.. حري بعلي وهو في الدنيا خلوده أن يبكينا لاننا من الساح فررنا واخلينا الميدان لاعداء لنا يجولون فيه ويصولون بل يسرحون ويمرحون كم نحن اليوم بحاجة لعلي…

# الشاعر الكبير سعيد عقل: أنا أحب الإمام علي بكل ما فعل، والربط بيني وبين الإمام علي هو الكبر، ما كتب كلمة إلا وفيها كبر، كذلك الوقوف الى جانب المبدأ(الشاعر سعيد عقل في حوار مع جريدة “الشراع” سنة 2009).. وقال في قصيدته الشهيرة في الإمام علي:
كلامي على رب الكلام هوى صعب تهيبت إلا أنني السيف لم ينب
حببت عليا مذ حببت شمائلي له اللغتان القول يشمخ والعضب
ومن لا يحب البيت، سيف عليه جميل، وذاك النهج كوثره عذب؟
كلام كما الأرباب في طيلسانها ألا فلتداوله وترتعش الكتب

# الشاعر والوزير السابق جوزف الهاشم، اعتبر أن من يتعرف الى شخصية الإمام علي (ع) استهوته، ومن استهوته أثرت فيه، ومن أثرت فيه اقتدى بها، ومن اقتدى بها أصلح نفسه، ومن أصلح نفسه تصالح مع الآخرين، وأن لعل الذين يجهلون الإمام أو يتجاهلونه يتهموننا ونحن نعظمه بالمغالاة أو بالإفراط العاطفي(مقدمة كتاب “علي والحسين في الشعر المسيحي” ص9،8).. وانضم الهاشم الى قافلة الشعراء ونظم قصائد عدة للإمام أحدها بعنوان “القرآن البشري” جاء فيها:
نعم العلي، ونعم الإسم واللقب يا من به يشرئب الأصل والنسب
لا قبل، لا بعد في بيت الحرام شدا طفل، ولا أعتز إلا باسمه رجب
هو الإمام، فتى الإسلام توأمه منذ الولادة، أين الشك والريب؟
تلقف الدين سباقا يؤرجه صدر النبي، وبوح الوحي يكتسب

# الشاعر جورج شكور أصدر ملحمة شعرية أسماها “ملحمة الإمام علي” ذكر فيها تاريخ الإمام (ع) من ولادته الى وفاته، ومما قاله:
شق الجدار المستجار وأحاط حرمتك الفخار
ولدتك في البيت الحرام وكان من شهدوا وحاروا
الله أكبر، يا علي ولدت، والتحم الجدار

# رئيس إتحاد الكتاب اللبنانيين سابقا، الشاعر النائب غسان مطر قال في قصيدة رائعة بعنوان “علي الإمام”(ألقاها في الأمسية الشعرية التي أقامها المركز الإسلامي الثقافي في بيروت عام 2010) جاء فيها:
مَنْ رَضِيٌّ يَهْفو إِلَيْهِ الأَنامُ؟ وَبَهِيٌّ بِهِ يُضيءُ الْكَلامُ؟
وَسَخِيٌّ تُرْخي السَّماءُ عَلى كَفَّيْهِ نوراً فَتُشْرِقُ الأَيّامُ
مُفْرَدٌ في النُّهى يُحَكَّمُ في النّاسِ فَتَأْتي مِنْ رَبِّهِ الأَحْكامُ
وَكَفى الطُّهْرَ أَنْ يُقالَ عَلِيٌّ وَكَفى الدّينَ أَنْ يُقالَ الإِمامُ

# الشاعر الأستاذ ريمون قسيس، من أدباء زحلة قال في قصيدته “علي الفارس الفقيه الحكيم”:
بذي الفقار الذي لولاك ما كانا يا فارس الساح كم أرديت فرسانا
وفي حنين وفي صفين أذهلهم سيف أباد زرافات ووحدانا
سيف بكفك هل إلاّك يحمله أنت العلي على الله ما هانا
ليست هناك من شخصية كبرى ليس في التاريخ الإسلامي فحسب بل في التاريخ البشري برمته، استطاعت أن تجمع كل الصفات السامية كشخصية الامام علي أمير المؤمنين، حيث مجمل كيانها الواقعي لغزا، ومجمل صورتها كيانا من الصعب احتوائه؛ وهذا ما دفع بالكثير ممن يختلفون عن المسلمين عقائدياً بأن يتغنون باسمه وبإيمانه وحنانه وعطفه وعبقريته وحكمته وحنكته وصفائه ومحبته ومودته وإنسانيته وبطولته، كوسام شرف لهم ايضاً.
jameelzaheri@gmail.com

شاهد أيضاً

وجه كتاب توصيات لوزارة التربية

مطر: “فلنخفف على طلاب المدارس الرسمية” تجاوبا” مع طلاب المدارس الرسمية في صرختهم حيال الامتحانات …