أيام تفصلنا عن كارثة حتمية وخطيرة

فوضى أسعار المحروقات وسيطرة المحتكرين وتآمر المحطات وغياب وزارة الطاقة عن الرقابة والاتفاق مع المهربين

أحمد موسى

في عيد ِالاضحى، المواطنون منشغلون بواجباتهم الاجتماعية ِبما تيسر َوبما تبقى لهم من قدرة ٍشرائيةٍ، وما أصعبها أن يعود َهؤلاء إلى منازلِهم، فلا يجدون كهرباءَ تُنيرُ غُرفَهُم وتَحفظ ُمأكولاتِهم وتُخَفّفُ حرّ الصيفَ عنهم، وصيدليات أُفرِغت رفوفها من الأدوية، وإذا وجدت فأسعارها ملتهبة، ضرف الـSURGAM بـ35 ألف ليرة، والمواد الغذائية في السوبرماركت بأسعار خيالية مع إضافة 15% على السعر الموجود، أما الأفران فيتحدث موظفوها وفق “تعليمات” أصحابها عن غلاء وفقدان لرغيف خبز، ومحطات الوقود بين تلاعب في عداداتها وفق اعترافات أصحابها في إحدى بلدات البقاع الغربي (يحمر)، وأخرى تضغط على زبائنها باعتماد الطوابير والاحتكارات، وحدها “محطة برشان” في مشغرة شكّلت متنفساً لسكان المنطقة التي تفتح يومياً أمام المواطنين الذين ارتاحوا من العجقة وطوابير الذل والمهانة، أمر انسحب أيضاً على “محطة طربين” في لالا إذ يرفض صاحبها البيع بغير تسعيرة الدولة كما يقول المواطنون الذين يقصدونها لتعبئة سياراتهم بالوقود.

انه لامر صعب في دولة تتحكم بكهربائها الاعتمادات، واشتراكات يسيطر على تغذيتها تقنينُ المازوت والاستغلالُ وخبرية تفريغِ البواخر واحدةً تلو الأُخرى، والاحتكاراتِ في الموادِ الغذائيةِ والدواءِ والطحينِ والمازوت.
فوضى الدواء
فهل من يسمع ُصراخ َهولاء، وهم المعرضون لشتى انواع ِالظلم، ولا يكادون يسمعون خبراً ساراً عن استيراد ِالدواء المنافس ِبسعره وجودتِه حتى ينسفَ المحتكرون المتسلطون على هذا البلد حقّ الناس بالدواءِ المدعومِ من جيوبهم من دونِ رادعٍ ولا ضمير بل ويُبَشّرُك الصيدلي بالمزيد من رفع الأسعار كما يجري في عدد من صيدليات الرفيد وضهر الأحمر في راشيا.
المحتكرون
هؤلاء المحتكرون اعضاءُ فاعلونَ في زمرة ِالضغط ِوالحصار، هكذا تؤكد ُالحقائق ُاليومية، وتتأكدُ نواياهم عندما تتلاقى تصرفاتهُم وافعال ُمن يقف وراءَهم مع اعلانِ جو بايدن تمديدَ ما سماها حالة َالطوارئِ حولَ لبنان لمزاعم اقتصادية وامنية كما يشتهي ان يزوِّر الاميركيون الوقائعَ ويختلقوا الذرائع، على من يكذِب بايدن، وهل ادارتُه وحلفاؤها وادواتُها متضررون من ازمةِ لبنانَ كما شعب لبنان متضرر من سياساتِهم وحصارِهم ولعبِهم بحبالِ الاضطراب الاقتصادي والمعيشي وحتى الامني؟!!.
أيام تفصل لبنان عن كارثةٌ
وبعد استفحال أزمة شح مادة البنزين التي تشلّ البلاد وتتفاقم يومياً، تتفاقم أزمة شح مادة المازوت إلى فقدانها لشكل مفاجئ وباتت تهدّد جميع القطاعات الحيوية في البلاد، مع تعذر مؤسسة كهرباء لبنان على تأمين الكهرباء ولو حتى بصورة جزئية، إنها كارثةٌ محتّمةٌ وخطيرةٌ ستنفجر في لبنان بعد أيام، لا يعيرها أحدٌ أيَّ إنتباه!، فهل من تدارك للأمر؟.
الشتاء على الأبواب، وفي مثل هذا الوقت من كل عام، يبدأ المواطنون خاصةً في المناطق والقرى والبلدات الجبلية التحضيرات لإستقبال الشتاء والبرد القارص، وأهم شيء “تحضير مستلزمات الصوبيا وتعبئة خزانات المازوت بما تيسّر!”.
لكن هيهات، يبدو الجلسة قرب الصوبيا ستصبح من الماضي عند الكثير من اللبنانيين، فالعديد منهم بدأوا بالفعل رحلة البحث الشاقة عن مادة المازوت النادرة والباهظة الثمن والمفقودة في كثيرٍ من الأحيان، ويواجهون خلالها ارقاماً خيالية لسعر البرميل الواحد الذي وصل سعره في السوق السوداء الى مليون و200 الف ليرة للبرميل الواحد، يعني أن تكلفة التدفئة لأي بيت ستفوق الـ 6 ملايين ليرة كمتوسطي الحاجة لفصل الشتاء.
سيطرة السوق السوداء
الخطير في الموضوع أنه مع الإرتفاع التدريجي الأسبوعي لسعر صفيحة المازوت، وإن وُجدت فبسعر السوق السوداء، وفقدانها من السوق (تحصيل حاصل)، بدأ سكان المناطق والقرى الجبلية باللجوء على نحو مخيف الى “قطع للأشجار وجمع الحطب من أجل التدفئة”، فكرة بدأت تدور في بال الكثيرين من أهالي القرى الجبلية تلك، وعليه، فالغطاء الحرجي في لبنان حتماً سيكون مهدداً بالزوال من الآن فصاعداً، أمر يُنذر بكارثةٍ كبرى في حال عدم تدارك هذا الأمر، في إنتظار المعنيين التحرك فوراً قبل فوات الأوان!، وبالطبع لن يحصل.
فوضى الأسعار وغياب المعني
وحدها الفوضى في أسعار البنزين والمازوت إضافة إلى طوابير السيارات على المحطات تجتاح معظم المناطق اللبنانية ووزارة الطاقة تتفرج وكان شيئاً لم يكن ولا يعنيها الأمر، وزارة الطاقة التي تصدر جدول اسعار المحروقات أسبوعياً بصفتها المعنية بالأسعار،
بعض المحطات تلتزم بالأسعار الرسمية والبعض الاخر وهم يشكلون الأكثرية بعدم الالتزام بالسعر الرسمي وتباع صفيحة البنزين بـ160 ألف ليرة والمازوت ب تفوق الـ120 ألف ليرة (السوق السوداء)، واللافت أن عدد كبير من المحطات في البقاع الغربي تلجأ إلى بيع كمياتها من المحروقات (بنزين ومازوت) ليلاً للمهربين في وقت أن محطات تعتمد بيعها “ديليفيري”، ولا من يسأل من المعنيين (…).
واذا كانت وزارة الطاقة غير قادرة على مراقبة تنفيذ قراراتها، فلماذا تصدر جدول الأسعار أسبوعياً وهي عاجزة عن تطبيق ما تقرره، والمواطن ضحية جشع التجار وغياب وزارة الطاقة؟، وعيش يا مواطن الذي يحرمه المحتكرون والتجار وأصحاب المحطات وبعلم الشركات المستوردة ـ المحتكرة ومصافي النفط ووزارة الطاقة بالإتفاق مع المهربين لهذه السلعة وتحديداً “المازوت”، هي لعبة قذِرة.
البركس
عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس أوضح في حديث لـ”كواليس”: “لا يوجد حل إلا برفع الدعم نهائياً ليصبح الاستيراد حر، لأنه لا يمكن الاستمرار بسياسة الدعم، لفقدان احتياطي بالدولار لصرفه على الدعم”، وهذا سينعكس سلباً على سعر صفيحة البنزين والمازوت التي سترتفع إلى الـ400 ألف ليرة لبنانية، الذي سيرفع سعر صرف الدولار أيضاً، ما يؤدي إلى ارتدادات سلبية على كل حياة المواطن”، لافتاً إلى أن ” أزمة المازوت أكبر من البنزين”.
مشيراً إلى أن “أزمة المازوت انعكست على الكهرباء واليوم على الأفران والفنادق والمطاعم والمقاهي والمستشفيات ومختلف القطاعات الصناعية وباقي القطاعات التي باتت مهددة بالإقفال أو التوقف عن العمل في حال استمرت أزمة المحروقات في البلاد”.
أبوشقرا
وفيما يوضح ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا لـ”كواليس”: أن “أزمة المازوت مستمرة”، أكد أن “لا قرار برفع الدعم عن المحروقات”، لافتاً إلى أن أسعار استيراد المحروقات وتسليمها إلى المحطات “وفق دولار 3900 ليرة”، وهذا السعر مستمر حتى 9 أسابيع قادمة.
وفيما أوضح أبوشقرا أن سبب الإزدحام على المحطات “لدى المواطن خوف من المفاجآت في الأسعار”، فضلاً عن “التخزين في المنازل”، أكد أن مشاهد الإزدحام على المحطات “ليس طبيعي”، والله يعين المواطن، محمّلاً المسؤولية في ذلك إلى “الدولة”.

شاهد أيضاً

جائزة أفضل صورة صحفية في العام… لقطة من غزة “تفطر القلب”!

فاز مصور “رويترز”، محمد سالم، بجائزة أفضل صورة صحفية عالمية لعام 2024، الخميس، عن صورة …