وعدت صديقاً “للراديو”

د.سلمان صبيحة


في هذا الزمن الرديئ من سنوات الحرب الملعونة على بلدي الحبيبة سورية ، والحصار الجائر المفروض من قبل الدول الغربية والتآمر المفضوح من ذوي القربى وما خربته يد الإرهابيين التكفيريين وداعميهم لغالبية البنى التحتية للكهرباء والماء و لموارد النفط و الغاز و مصادرالطاقة و محاولاتهم قطع كل شرايين الحياة ، بقي ويبقى الشعب السوري بكل فئاته ومكوناته صامداً صابراً ويبتدع طرق وأساليب للصمود والتكيّف مع كل المتغيرات ..وبسبب الإنقطاعات الكهربائية المتكررة والطويلة ، فرض جهاز ” الراديو ” وجوده بكل قوة علينا وأنا شخصياً قدمت إعتذاري عن سنوات البعد والهجران لهذا الجهاز العظيم الذي ورثته عن والدي رحمه الله.
آه كم من الزمن مضى لم أسمعك فيه أيها ” الراديو ” لقد نفضت عنه الغبار و أجريت له الصيانة اللازمة وعدت صديقا له من جديد ، وجلست أستمع له ليعود بي الزمان إلى الوراء لأتذكر كيف كبرت وترعرعت بجانب هذا الجهاز الذي لم يكن موجود منه في ذلك الزمان إلا عند عدد محدود من العائلات ، كان الجيران والأصدقاء يتجمعون حوله ليسمعوا إذاعة دمشق أو صوت العرب من القاهرة او رسائل التواصل والإطمئنان للأهل والأقرباء الذين فرقتهم الحرب العدوانية الصهيونية عام ال1967 وكان يعتصرني الحزن والألم والتفاؤل عندما أسمع صوتاً يقول : ” أنا فلان ابن فلان أُهدي سلامي إلى اخوتي و أقربائي بيت أبو فلان وفلان… نحن بخير طمنونا عنكم .. وإننا لعائدون “. كذلك تذكرت برنامج ” مرحبا يا صباح” و برنامج ” صوت فلسطين من دمشق ” و برنامح “صوت القوات المسلحة ” ومسلسل “حكم العدالة “
كذلك عادت بي الذاكرة إلى أيام حرب تشرين التحريرية حين كان يقول المذيع : “هنا دمشق …صرح ناطق عسكري بما يلي …” ويتابع المذيع أخبار انتصارات جيشنا العربي السوري البطل وقواتنا المسلحة على الجبهة الجنوبية وكيف كانت طائرات العدو الإسرائيلي تحترق وهي تهوي فوق دمشق وريفها وكيف يراقب الشعب السوري المعارك من على أسطح المنازل والشرفات بمعنويات عالية و روح وطنية لا توصف وكيف كانت فيروز تغني ” خبطة أدم وياجبهة العالي …
و غيرها من الأغاني الوطنية الخالدة …” .
وعندما نذكر “الراديو ” بالتأكيد سنذكر المذيعة فريال أحمد وكذلك مؤسس التمثيليات بإذاعة دمشق حكمت محسن و فرقة أم كامل ” تيسير السعدي ” و أبو فهمي و غيرهم و غيرهم من ذلك الجيل الذي تربينا على سماع أصواتهم الوطنية الصادقة العذبة .
لقد عدت صديقاً للراديو وأصبحت أطير على الأثير و لاحظت كم تطورت وتنوعت وتعددت المحطات الإذاعية …لقد عدت والعود أحمد… عدت كعاشق التقى حبيبته الغائبة عنه منذ سنين فصلى لها صلاة الحب الأولى على قبلة العشاق الأبدية.

11/7/2021

شاهد أيضاً

أفرام: “اقتراح قانون مع زملاء لتأمين تغطية صحية واستشفائية فعلية ولائقة للأجراء من خلال إتاحة خيار التأمين الخاص”

كتب رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” النائب نعمة افرام على منصة “أكس”: “نظراً للآثار …