هل من أمل لمستقبل واعد؟

أخوكم: حسين السيد عباس ابو الحسن

يقبع لبنان منذ أتفاقية الطائف تحت سلطة وهيمنة طبقة سياسية تفرز نفسها في كل أستحقاق أنتخابي عمدت الى ممارسة أبشع أنواع الظلم والتعدي على حقوق الشعب ومصادرة الأملاك العامة والبحرية حتى ومصادرة تجارة الاستيراد والتصدير وخاصة في مجالات مصادر الطاقة والأدوية والمواد الاستهلاكية الأساسية وحولت البلد في جميع مناطقه الى ساحات للخصومات وإحقاق الباطل وإزهاق الحق ضمن مسلسل نهب الأموال العامة والفساد المنتشر في صفوفها وفي إدارات الدولة مع الأتفاق فيما بين شرائحها على تقاسم الغنائم والمكاسب والمحاصصة ولم تعمد يوما الى تأمين مصالح الشعب الذي بدأ يعاني آلام العوز والحرمان والجوع وفقدان العمل لمئات آلاف العمال الذين صرفوا أو سيصرفون لاحقا من وظائفهم . وفي كل إستحقاق إنتخابي يتحفنا السياسيون بوعود عنوانها الخداع والتضليل وتأتي نتيجتها بالخيبة والفشل وزاد الطين بلة غياب المسؤولية غن أدارة الأزمة المالية وتفلت الأسعار التي أصبحت في حالة من جنون الإرتفاع ، إضافة الى تضييع الحقوق المالية للمودعين ومع هذا يتشدق بعض المسؤولين بأن أموال المودعين محفوظة ومضمونة !!!!! وبأن مواقف الأميركان هي التي أدت الى الحالة التي نعيشها .

صحيح أن أميركا هي الداعم الأساسي للعدو الإسرائيلي ولم تكن يوما الا مع مصالح هذا العدو و ضد مصالحنا ولكن :
هل أمريكا هي التي أمرت السياسيين بسرقة المال العام وبمصادرة الأملاك البحرية والعامة ؟
وهل أمريكا هي التي أمرت بإحتجاز أموال المودعين في المصارف المحسوبة والمملوكة من السياسيين ؟
وهل أمريكا أوعزت الى توزيع المخصصات مجانا على الجمعيات الوهمية ومخصصات مجلس النواب على تنظيف المراحيض بما يتجاوز المليوني دولار سنويا ؟
وهل أمريكا هي التي أوعزت الى إنشاء صناديق الهدر وتضييع الأموال ( المهجرين والأنماء والإعمار والجنوب وهيئة الإغاثة ) ؟
وهل أمريكا هي التي فرضت إجراء التلزيمات والمقاولات عن طريق التراضي ( برضيك وبترضيني ) ؟
وهل أمريكا هي التي أصرت على عدم إستقلالية القضاء ؟
وهل ؟ وهل ؟ وهل ؟

وعندما أصبح الوضع غير قابل للقبول به إشتعلت إنتفاضة ساحات الحراك في 17 تشرين ورأى الكثيرون فيها الأمل !!! غير أن مجاميع الجمعيات السياسية المتنوعة والمختلفة فيما بينها سياسيا وعقائديا واجتماعيا وعروبيا لم تستطع أن تفرز قيادة موحدة لتضع برنامجا مطلبيا وسياسيا واجتماعيا موحدا ولتضبط تحرك الساحات والشعارات …. فكان الفشل الى حد ما بالإنتظار !!! ثم برزت الفتن المذهبية والطائفية التي حرضت عليها القوى السياسية الحاكمة وعملت على تحريف بوصلة المطالب ثم عمد بعض هذه القوى الى رفع شعارات وتنظيم ندوات سياسية بهدف التطبيع مع العدو الصهيوني الى أن وصل بها المطاف الى الدعوة للإستعانة بالأميركي المتصهين والمتآمر على الوطن وسيادته في مقابل من يدعو الى مقاومة العدو الصهيوني ورفض أية علاقة معه أو مع أسياده الأميركان والاستعمار الغربي القديم الحديث ..
فوقعت الواقعة وانقسمت الساحات وأصبحت لكل ساحة مطالبها وسياستها .. مما أربك المواطن العادي وبخر آماله وضيع تطلعاته ..

فهل لقوىالحراك الشعبي بعد كل الذي جرى على مدى ثمانية أشهر أن تغير أستراجية تحركها لتتوجه الى عامة الناس كي تنتفض على ذاتها ؟ أي أن تنتفض على جلاديها وقياداتها السياسية ورعاة مزارعها المذهبية وأن تتمرد على حالات الخوف والإحباط وتتفلت من أساليب الترغيب والترهيب التي يمارسها السياسيون عبر أزلامهم وخدامهم ومحاسيبهم ؟؟؟؟ ولن ننسى أن الطبقة السياسية الحاكمة منذ ثلاثين سنة ونيف عمدت فيما بين مكوناتها القيادية الى تقاسم الغنائم والمحاصصة في الوظائف والنهب وسرقة المال العام والأملاك البحرية والمشاعات بكل وقاحة وصلافة دون أي وازع من ضمير أو حس وطني أو أخلاقي !!!!!

إن تغيير حكومة بحكومة أخرى ضمن هيمنة وإدارة القوى السياسية الحاكمة لن يؤدي الى الخروج من الواقع اللفاسد المزري الذي نعيشه . وأن تشكيل حكومة مستقلة من خبراء وإختصاصيين ليست للقوى الحاكمة أية سلطة عليها هو من المحال في الواقع الذي نعيشه الآن ..

ولذلك : لا بد من العمل على التغيير الجذري للولقع السياسي والعمل على أنتاج ممثلين للشعب عبر إنتخابات نزيهة واعدة ليس لأحد من الحاليين أي وجود أو تمثيل فيها . ” فمن جرب المجرب كان عقله مخرب ” ويكفي تجارب أودت بالبلد الى الهاوية !!!

فهل يمكن أن نصل الى هذا المبتغى ؟

نعم نستطيع …… ولكن كيف ؟

لقد إختبرنا جميع الأحزاب والتيارات السياسية التقدمية واليسارية والاشتراكية واليمينية والدينية والمذهبية وما يسمى بالوطنية والعروبية في جميع المناطق اللبنانية ومع جميع المذاهب الدينية الاسلامية والمسيحية والسياسية منذ عقود عديدة في عهود المقاومة الفلسطينية والوجود السوري وما بعد اتفاقية الطائف ومعظمها الغالب سقط تحت الغربال وما تبقى منها ربما سيسقط او هو على طريق السقوط … !!!!! ولم يعد أي أمل في الاعتماد عليها او التوكل بها للتغيير في الواقع اللبناني القائم ….

ونعلم جميعنا ان نسبة عدد المنضوين في الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة لاتتعدى في أكثر الاحتمالات والدراسات العشرين بالمائة .. وهذا ماحددته الانتخابات النيابية المتعاقبة . إذ نادرا ما تصل نسبة المنتخبين الى 35 او 40 بالمائة ، حيث تنال أحزاب السلطة مع حلفائها الثلاثين بالمائة آضافة الى آمتلاكها للمال والأعلام ودعم الدولة بجميع أجهزتها وكذلك الدعم الخارجي الإقليمي بينما يحصل المناوئون على ما بين 5 او 10 بالمائة .

إذن : هنالك أكثر من 60 بالمائة من الناخبين الذين لم يدلوا بأصواتهم إما بسبب الإحباط او الخوف او اللامبالاة أو الترهيب .. . وهؤلاء في معظمهم الساحقة هم من المستقلين الذين لاينتمون الى الأحزاب والتيارات او الشخصيات السياسية …

هؤلاء من يجب الإعتماد عليهم والتوجه اليهم في هذه المرحلة لتشكيل حالة إنتفاضة فعلية وتنظيم صفوفها ضمن برنامج وطني سياسي اجتماعي ثقافي علمي عابر للطوائف والمذاهب والمناطق ولربما سينظم اليها لاحقا كل من يتحرر من ربق الإنتماء للأحزاب القائمة والشخصيات السياسية بعدما يتبين له فساد وفشل من إنتمى اليها !!! …

إنها دعوة وطنية صادقة الى جميع المستقلين الشرفاء الغيارى ممن نفضوا عنهم غبار الإحباط والخوف أن ينخرطوا في حركة العزيمة الجامعة والعمل بصدق الإيمان وعصمة الكرامة التي يتمتعون بها لرسم معالم المستقبل المنشود وكتابة البرنامج السياسي الوطني الموحد الذي يطمح اليه الشعب كل الشعب حيث يتساوى الجنيع في الحقوق والواجباتةوالمواطنية والإنتماء …

فلا خوف بعد الآن من شرور الطغمة الفاسدة ، ولا إحباط بعد اليوم في نفوس آلت أن تنزع عنها لباس الخنوع والتقوقع واللامبالاة …

آن الذي يجب أن يخاف الآن هم اؤلئك اللصوص الذين خبأوا أموالهم في صناديق خزائن المصرف المركزي أو المصارف الخاصة او هربوا قسما منها الى الخارج . إنهم يخافون على أموالهم التي إكتنزوها بالحرام ويخافون على مستقبلهم السياسي …. !!!!

إننا بانتظار الإجابة والتجاوب ممن يرى في نفسه القدرة على الإنتظام لتغيير هذا الواقع المشؤوم الذي نعيشه ..

شاهد أيضاً

دبوس

ا لتآكل… سميح التايه ثلاثمائة من الصواريخ البطيئة، وبضع عشرات من المُسيّرات التي لا تندرج …