القميصُ الأبيضُ

الكاتبة سمية علي رهيف


تقدَّمَ غسان ليرتدي قميصهُ المدرسي الأبيض، أمسكهُ بكسلٍ وهو يتثاءب، فجأة صرخَ القميصُ بوجههِ غاضباً:
-اتركني بسرعة…
فَزِعَ غسان ورمى القميصَ على الأرضِ، وهو ينظرُ لهُ بخوفٍ، ثم قالَ للقميصِ وهو يرتجفُ:
-من متى وأنتَ تنطق؟
أجابهُ القميصُ الذي وقفَ أمامهُ، وكأنَّ شبحاً يرتديه، وقال:
-لقد نطقتُ من أجلِ أن أعلَّمكَ، لا أن أخيفكَ.
جلسَ غسان باعتدالٍ أمامَ القميصِ، وقال:
-ماذا تعلّمني؟
قالَ القميصُ وهو يشيرُ الى نفسهِ بكمّهِ الفارغ:
-هل أنتَ مقتنعٌ بأن تلبسني وأنا بهذا الشكل، متسخٌ وبدونِ كي؟
نظرَ لهُ غسان مفكراً وقال:
-لستَ متسخاً جداً.
غَضِبَ القميصُ وقال:
-هل تنتظرُ أن يتحولَ لوني من الأبيضِ الى الأسودِ، لتقولَ عني متسخاً! اسمع يا غسان، جمالُ الطفلِ بثيابهِ النظيفة المرتبة. كلُّ الناسِ سينظرونَ لكَ باحترامٍ إذا ما رأوكَ نظيفاً. وسيحبكَ زملاؤكَ في المدرسةِ ويتقرّبونَ منكَ أكثر.
فَرّكَ غسان رأسهُ بيدهِ وقال:
-أنتَ محق، حتى المعلمينَ يحبونَ التلميذَ النظيف.
فَرِحَ القميصُ وقال وهو يشجّعُ غسان:
-هيا يا عزيزي ارتدي اليوم ثياباً نظيفة، كي لا تتأخرَ عن المدرسةِ، وأنا أتركني عندَ المغسلة لتغسلني عند عودتكَ، وتلبسني نظيفاً مرتباً صباحَ الغدِ.
سَقَطَ القميصُ على الأرضِ، وعادَ كقطعةِ قماشٍ لا تتحرك، تخيّلَ غسان نفسهُ إنه كانَ يحلم، لكنهُ قالَ لنفسهِ بسعادة:
-حتى لو كنتُ أحلم، فأن الحلمَ كان مفيداً، وسأحققهُ وأغسلُ القميصَ، ومن اليوم لن ارتدي إلا الثيابَ النظيفةِ.

شاهد أيضاً

النكزة الأخيرة”… منشورٌ “ناريّ” للسيّد!

كتب النائب جميل السيّد، في منشور على حسابه عبر منصّة “إكس”: “كنا في المدرسة، احياناً …