من “قامة موسى الصدر”… إلى الوسيط “غير النزيه”

رضوان عقيل


يقول الرئيس نبيه بري ان ليس من أدبياته التخلي عمن يضع يده بيده. وهذا ما يمارسه اليوم مع الرئيس سعد الحريري ومع غيره، وان ما يجب ان يسري في لبنان في التعاطي السياسي عند حصول اختلاف ما هو منطق الخصومات وليس العداوات كما هو حاصل اليوم. ويعود رئيس المجلس الى تقديم معطياته التي تدفعه الى التمسك بالحريري لرئاسة الحكومة استناداً الى جملة من الامور تبدأ من موقعه الاقوى داخل الطائفة السنية وتنتهي عند مسألة ان مصلحة لبنان ان “نكون مع سعد”. ولا ينسى التركيز هنا على خطورة تجاوز مجلس النواب الذي سمّى الرجل لهذه المهمة وتكليفه تأليف الحكومة.

وعندما قدَّم مبادرته لم يسر بها من أجل تحقيق نصر على أحد. ويقسم بـ”الله العظيم” ان بنود مبادرته لاقت تأييدا من مختلف الافرقاء المحليين وصولاً الى الفرنسيين وهو على تواصل معهم، اضافة الى اكثر من دولة معنية بالملف اللبناني، حتى المعترضين من هذه الدول لم يقفوا حجر عثرة في طريقها. ولا يزال متمسكا بها و”سارية”. وعندما يجد أفضل منها ويؤدي الامر الى تشكيل الحكومة من خلالها سيخرج امام اللبنانيين ويعلن تأييده لها شرط ان تؤدي الى ولادة الحكومة و”سأخضع لمندرجات هذه المبادرة الجديدة”. ولذلك هو يرفض حصول اي فريق على الثلث المعطل، ولو تم تقديمه اليه على طبق من ذهب لعمد الى رفض هذا الثلث إنْ “لم نسمّه شيئاً آخر”، وانه على رغم كل الضغوط والظروف القاسية التي يعيشها اللبنانيون فثمة امكانية للخروج من هذا النفق شرط توافر عوامل الثقة التي تأتي عن طريق الحكومة وبناء الدولة وليس من خطابات نبيه بري ولا من جبران باسيل ولا من أحد.

ويعود بري في معرض حديثه الى الرسالة التي وجهها الرئيس ميشال عون الى البرلمان. وسبقها اتصال من عون ببري حيث كان الاخير يمضي عطلة عيد الفطر في دارته في المصيلح ونصحه بعدم توجيهها ولكن ليس من باب مصادرة حقه الدستوري وصلاحياته في توجيه مثل هذه الرسائل. وتوقف بري عند حيثية هذه الرسالة، وكيف انها ستجر الاحقاد بين المسلمين والمسيحيين ولم يقل له بين السنّة والمسيحيين. وعندما وصلت الى البرلمان جرى اظهارها بالمخرج المناسب.

ويشدد على مسألة ان البرلمان ليس ملكه، وان نظامه الداخلي والتعديلات التي أدخلت في الدستور تمت في الطائف عندما لم يكن نائبا آنذاك، وان تفسير الدستور هو من مهمة المجلس وليس من مهمة المجلس الدستوري. ويذكر كيف ان النائب السابق بطرس حرب وقف في الطائف وشدد على ابقاء هذه الصلاحية للبرلمان وليس لأي مؤسسة اخرى. ويتوقف عند انتاجية الدورة الحالية للمجلس وكيف تعمل اللجان من مختلف الكتل ليل نهار وانتاج جملة من القوانين التي تتعلق مواضيعها بمحاربة الفساد والتدقيق الجنائي المالي. ويأمل بري خيرا ويتمنى إقدام حكومة تصريف الاعمال على تفعيل المهمات المطلوبة منها اذا طالت اكثر فترة تأليف الحكومة المقبلة. ويقول: “لا أقبل مخالفة الدستور لكنني مستعد لان اقبل الموازنة في المجلس” على اساس انه في مقدور الحكومة ان تجتمع وتقر الموازنة “وهناك ضرورة وطنية تفرض السير بهذا المشروع ولا مانع من انعقاد مجلس الوزراء”.

ولا يريد الاستفاضة في الرد على باسيل والدخول معه في الملعب الذي يحبه. ويعود رئيس المجلس الى التذكير بوقائع ما دار في جلسات الحوار التي تمت في عين التينة في أيلول 2016 يوم كان يسعى الى وضع سلة من المشاريع والاقتراحات قبيل انتخابات رئاسة الجمهورية لتشكل له خريطة طريق اصلاحية، وعن تقديم مجموعة من الافكار حيال الدولة المدنية والتوجه نحو انتخاب مجلس للشيوخ وقانون انتخاب خارج القيد الطائفي، وان يكون في المرحلة الاولى مناصفة بين المسلمين والمسيحيين من دون تحديد حصة أي مذهب من المكوّنَين. ولاقى هذا الطرح قبول المشاركين الـ 16 على الطاولة ومعهم العدد نفسه من المعاونين. وخرج باسيل في الجلسة مخاطبًا بري:”أرى في موقفك هذا قامة موسى الصدر”. ولتأكيد كلام رئيس المجلس وبلورته طلب المشاركون ان يسمي كل فريق شخصا لإعداد خلاصة هذه الصياغة وكتابتها. وبعد مرور ثلاثة ايام تلقى بري من باسيل والنائب السابق سامي الجميل ان الأولوية هي التوجه الى الانتخابات الرئاسية. وفي خضم كل هذه الصورة المأسوية يعود بري للحديث عن اهمية الوحدة وانه ابان تفرّقهم وصل العدو الاسرائيلي الى قلب بيروت. ولا ينسى كيف حضر النائب علي عمار الى منزل رئيس المجلس واخبره ان الاسرائيليين على مسافة 500 متر من منزله في بربور، وانه ابان عدوان تموز 2006 فتح اللبنانيون منازلهم امام الجنوبيين النازحين ووضع الجميع خلافاتهم جانبا حيال انقساماتهم بين 8 و14 اذار. “وفي كل مرة نتفرق ستحدث كارثة”.

ويختم رئيس المجلس بكلام لرسام الكاريكاتور الراحل في “النهار” بيار صادق وهو يستغرب كيف ان من لا يتقبل احتلالاً لا يحافظ على استقلاله.

شاهد أيضاً

جهاز أمن مطار رفيق الحريري في بيروت يوقف طائرة تحمل عبارة “تل أبيب”

المديرية العامة للطيران المدني في لبنان تطلب من طائرة تابعة للخطوط الجوية الأثيوبية إزالة عبارة …