الشهامة الممزوجة بالإنسانية

إبتدأ العد العكسي
بعد اتخاذ القرار
وبدأت الساعات تتناقص ولم يبق إلا القليل منها
اخذت هاتفي المحمول…
هذا الرفيق المتابع لحركتي اليومية والكاتم لأسراري والفاضح لكل أخباري
وفتحت صفحتي (الفايس بوك) وعلى حائطها كتبت بعض الاسطر موثقة بصورة قل نشرها على هذا الجدار…
الجدار الذي يشبه العمر
الجدار الذي علقت عليه معلقات افكاري وقصائد امنياتي
الجدار الذي فتح امامي شبكة معلقة اطرافها بنجوم السماء شبكة تجاوزت حدود المجموعة الشمسية.
الخبر لم يكن خبرا عاديا ولا استفزازيا متعمدا
ولكن وقعه شكل صعقة (كهرحسية) او (كهرعاطفية) التي اثارت الاحاسيس والعواطف لدى الاوفياء من مروا الى جانب هذا الجدار
وقرأوا ما كتب عليه. وتركوا اجمل البصمات من الطف الانامل ممهورة بالعواطف النبيلة الصادقة محملة بالأماني الطيبة والمشاعر الرقيقة
لم يكن رقم هاتفي الخاص في متناول الجميع ولم كنت اعلم بأن هذا الفضاء مفتوح ليشمل كامل هذا الكوكب ولم كنت اعلم ان من يدخل صفحتي هذا الكم الهائل من الاحبة…
انهالت رسائل الاطمئنان عبر الخاص (ماسنجر) ومن جنسيات مختلفة اصدقاء اوفياء القاسم المشترك ما بيننا هو (انسانيتنا) نحن بني البشر.
جنسيات نحن وضعناها من فلسطين والاردن والعراق وسوريا والخليج ومصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب ومن السودان
ومن اوروبا وكندا وامريكا واستراليا وغيرها وغيرها….
يا لهذه الشبكة العنكبوتية الجبارة
يا لقدرتها على اتساع رقعة النشر والانتشار.
خبر صغير كهذا عم العالم عبر قطعة بلاستيكية احملها بيدي تعمل على الطاقة الكهربائية
ويا لهذه الانسانية المغروسة في نفوس احبة لم احادثهم من قبل
فهم مجرد اصدقاء على صفحتي
ولم يقتصر عمل هذه القطعة البلاستيكية على رسائل النصية (الماسنجر) المكتوبة بواسطة ( الكيبورد) بالاخرف بل تخطاه
الى رسائل صوتية مسجلة (فويس) تحمل ارق مشاعر الاطمئنان على صحتي.
كنت اقرأ واستمع واستمتع بما اقرأ واسمع ولكن لم يكن لدي المجال للردود
فالاوجاع تلاحقني والقلق يواكبني (غدا يوم اخر… انا في المستشفى لاجراء عملية جراحية) ( انا اوقفت المسيل للدم المسيل الذي لازم حياتي بعد اجراء عملية القلب المفتوح) والافكار تأخذ بي شرقا وغربا…. يمنة وشمالا.
وضعت الهاتف جانبا ورحت افكر في ابنتي وابني اللذين كانا يتابعان حالتي الصحية عبر والدتهم.
رغم حملي لهذا الثقل من الافكار كنت مرتاح لوضعهما انهما في وطن يحترمهما وفي ظل قانون يرعاهما وهما من المتفوقين
رن جرس هاتفي (………) اعاد الصوت بي الى الواقع نظرت الى الهاتف المرمي على الطاولة.
اخذته زوجتي وهي تعلم انني غير قادر على المحادثة
ونظرت الى الشاشة وقرات اسم المتصل
ورفعت بنظرها نحوي وقالت : فلان يتصل بك.
وفلان هذا هو زميل لنا في الوسط الفني….
فنان مرهف الحس طيب الاخلاق كمجموعة متكاملة من الشهامة الممزوجة بالانسانية
اجبت : اعطني التلفون لارد
اخذت الهاتف وفتحت الخط وبصوت مرهق منهك وبحنجرة غير قادرة على ترتيب الاحرف قلت
أنا : يا اهلا بالاستاذ
اجابني صديقي : سلامة قلبك استاذ حسين
أنا : سلمكم الله يا صديقي
اجاب : عندي كم سؤال بعرف انك مرهق وتعبان بتمنى تجاوبني عليهن
انا : تفضل
اجاب : انت بكرة باي مستشفى
انا : مستشفى كذا
اجاب : (سائلا) أي ساعة العملية
أنا : الساعة كذا
أجاب : (سائلا) شو فئة دمك
أنا : فئة دمي كذا
أجاب : ( سائلا) انا بكرة بكون عندك الساعة كذا
أنا : لا داعي لان ترهق نفسك في عناء التنقل وفي ظل ازمة البنزين وانت مقيم في منطقة تبعد عني مسافة طويلة
أجاب : خلص بكرة بشوفك ومنحكي بكل شي…. وانشالله تقوم بالسلامة….
(وحاول انهاء المكالمة)
أنا : لحظة يا صديقي…. ما تسكر الخط (وتابعت) حتى لو جيت ما بتقدر تشوفني لانو بالمستشفى ممنوع تفوت الا ما تكون عامل فحص ال (pcr)
اجاب : ولا يهمك اذا موجود الفحص بالمستشفى اول ما اوصل بعمل الفحص عالسريع.
أنا : صدقا ما تعذب حالك وانا عمليتي ما بهالخطورة لهالدرجة.
اجاب : طيب شو بدك حتى كون الى جانبك
أنا : بدي سلامة عمرك يكفيني موقفك هذا
أجاب : لاه يا استاذ حسين… انت عزيزي وغالي
أنا : بعد اللي سمعتو منك… مافي اغلى منك
أجاب : طيب هذا رقمي معك واي شي بيجد معك أي حدا من طرفك بيتصل فيي وأنا جاهز بنص ساعة بكون عندك او اذا بدك بنطر قدام المستشفى حتى تقوم بالسلامة
أنا : حبيب قلبي ربنا يطول عمرك
اجاب : الى اللقاء وتصبح على خير
اقفلت الخط على معرفة من هو الاخ الذي لم تلده امي وارسلته الحياة لي
انه هذا الفنان الصديق الغالي العزيز الطيب
الذي سأتحفظ عن ذكر اسمه
فباعتقادي ان فنانا كهذا لا يريد الشهرة بفعل الخير لانه هو الخير كله
اشكرك يا صديقي
اشكرك يا اخي الاوفى
اشكرك يا عزيزي
فانت رمز الانسانية وعنوان الاخوة والمحبة