بائع الكتب حبيب قاسم الفقيه و رصيف طريق رأس العين في بعلبك، ملاذ المثقّفين


بقلم : حسين أحمد سليم 😭

الشّغوف بالقراءة، العاشق للكتاب، و المحبّ للإطّلاع على الرّوايات، أحدثها و أقدمها، أو يُريد كتب دراسيّة جديدة أو مستعملة، أو حتّى من يُريد العثور على كتب مميّزة أو نادرة، أو مجلاّت و جرائد و صحف قديمة، و ليس لديه مالاً وفيرًا، فقبلته رصيف طريق رأس العين في مدينة بعلبك، ملاذ المثقّفين من كلّ الطّبقات…

إلى هناك، يأتي من بلدته علي النّهري، حاملاً في سيّارته مجموعة صناديق كرتونيّة ممتلئة بالكتب، و هناك، حيث يفترش حبيب قاسم الفقيه بضاعته على أرض حجارة البلاط، أمام الزّوّار بمعرض الكتاب الهوائي، حيث يحلو له الهدأة و الإطمئنان على صوت موسقات خرير المياه، المنسابة تماهيًا، تتثاقف في غفلة من بائع الكتب حبيب قاسم الفقيه، على رصيف الطّريق عند سور مجرى نهر رأس العين…

في هذا المكان يقول التّاريخ ما يشاء، و مقولاته متجسّدة بين طيّات الكتب المرصوصة على رصيف الطّريق عند سور مجرى نهر رأس العين، حيث تحتضن بين سطورها تاريخ تحفظه على مدى العصور، و روايات نجيب محفوظ و إحسان عبد القدّوس، و كتب مختلفة و متنوّعة، و قواميس و مجلاّت و صحف، و كتب دراسيّة قديمة، و أنت تتجوّل أمام بسطة الكتب، تشتمّ رائحة الكتب، فتشعر و كأنّك تتنفّس فوح من عبق التّاريخ، فتحملك الذّاكرة على أجنحة الخيال، و تبدأ رحلة تجوالك الإفتراضيّة، و أنت تدوس أطوار و أدوار و أكوار حقب الماضي و أنت في حاضرك…

و رصيف طريق و سور قناة نبع رأس العين، قرب مركز بريد بعلبك، مقابل مسجد المصطفى، تتراصف أنواع مختلف الكتب، على شاكلة معرض هوائيّ، لتغدو قبلة السّواد الأعظم من الرّوّاد و الزّائرين، الباحثين عن المطبوعات التى تتماشى أسعارها مع دخل المواطن العادي…

شخصية بائع الكتب حبيب قاسم الفقيه
بائع الكتب حبيب قاسم الفقيه يقرأ و يبحث عمّا هو مفقود و نادر، باحثًا عنها لإقتنائها و تسويقها و بيعها لمن يلجأ إلى بسطته، بحثُا عن الكتب القديمة و المستعملة، نظراَ للغلاء الفاحش لأسعار الكتب الجديدة، أو بسبب بحث الكثير من القرّاء عن أمور معيّنة…
و يتمتّع بائع الكتب حبيب قاسم الفقيه بسمة تسويق الإعلان اللفظي المباشر، حيث يقول تشجيعًا لزبونه و تحفيزه على الشّراء: الكاتب فلان، جميع كتبه من عندي، و الأديب فلان غالبيّة محتويات مكتبته أنا قمت بتأمينها له… و أنت تقف أمام بسطته، تتفاجأ فعلاً بغالبيّة زبائنه، الذين هم من الأدباء و الكتّاب و هواة القراءة، و يباركك بتعريف هؤلاء الكتاب بك و يُعرّفك بهم… و عند سؤاله عن حركة التّسويق؟ يشكو من الرّكود في بيع الكتاب في ظلّ الواقع المؤلم، و يكرّر الأسطوانة “لم يعد أحد يقرأ هذه الأيّام، التّيلفونات و الإنترنت قضيا على الورق”…

و من مزايا بائع الكتب حبيب قاسم الفقيه التي يتمتّع بها، حسن معرفته الواسعة بأصناف الكتب و مكان وجودها، متحلّيًا بصفة العارف بكلّ شيء، و بكلّ ما هو جديد، و خوض النّقاشات في كلّ ما يتعلّق بعالم الكتب، حيث لا أحد يقول عن زيته عِكر، و أي كتاب عنده هو رائع…
بائع الكتب حبيب قاسم الفقيه يشتري الكتب المستعملة و ينتقي العناوين بعناية كبيرة، في مسعى لجذب القارئ المميّز، فهو إنتقائي حتّى مع زبائنه، مع أولئك الذين يشترون الكتب و يعودون إليه مجدّداً لشراء المزيد…

أسعار كتبه ليست باهظة، بل ثمنها مقبولاً للجميع، و أرباحه من بيع الكتب زهيدة للغاية و تكاد لا تُذكر مقابل كل كتاب يبيعه…

حبيب قاسم الفقيه بائع كتب، يمتلك شخصيّة هادئة و محبّبة تساعد الجميع… و نحن أمام بسطة كتبه، يسرقنا الوقت و نحن واقفون أمام شخصيّته، نتففرّس في وجهه الذي يحمل في تجاعيده، سيرة حياته و تعبه و هو يقضي جلّ أوقاته على قارعة طريق قناة رأس العين، يستحق منّا كلّ التّقدير و الإهتمام…

شاهد أيضاً

الردّ الإيراني… تفعيل المعادلات الجديدة

حسين مرتضى ‬ حسين مرتضى تتسارع الأحداث على الساحة الدولية بعد العملية العسكرية المركبة التي …