معركة شرسة

حسن أحمد خليل

يقرر شخص ان لا يستسلم. يقرر ان يناضل وان لا يخنع امام الفاسدين. يعرف انها معركة شرسة، وان اخصامه هدف صعب، وانهم متحدون، واسلحتهم متطورة ومتعددة، وانهم يعرفون ساحات المعركة والجغرافيا اكثر منه. ثم ان اخصامه ممسكون بمفارق الطرق ومسالكها.
لكن صاحبنا عنيد، ولا يتراجع. لم يعد يتحمل ذل اهل قريته ومدينته، ولا دمعة ام ولا انحناء راس أب. فقال في نفسه، انما هي معركة وجود وحياة، ولا بد ان ينهض الاقوياء الشرفاء لنصرتي. تساءل: هل معقول ان يتركوني لوحدي اقاتل بغباء؟
وبينما هو بين الكبرياء والغباء، اتاه الجواب عاليا صادما صادحا: قم من عالم الفانتزيا. قم واتكل على الله. انت فعلا غبي، لانك تحارب من اجل الحق في عالم الواقع، بينما هو في عالم الغيب فقط. انت لا بد طيب، لكن عليك ان تعرف انك لن تجد العدالة الا في عالم العين الحور.
ذهب الى الجامع يستنجد بالله ويدعو ربه للانتقام من الذين ظلموا وهتكوا الاعراض، وانصدم. وجدهم في الصف الاول في صلاة الجماعة.
عاد الى بيته، وراسه بين كتفيه مكسورا، كذنب الحيوان بين رجليه، ليجد صديقه الوحيد ينتظره. استمع اليه وساله عن ذهوله. فاجاب المسكين ان سبب الذهول هو ليس شراسة اخصامه، بل تقاعس من كان يعتقدهم انصاره. عرف صديقه همه، وابتسم: كل مرة نفس القصة، والرجل لا يتعلم. وأعاد عليه الدرس:
هنا في الدنيا يتهادن الصالح مع الفاسد الى يوم الدين. الصالح يعتقد انه يمكر على الفاسد ظنا انه سيكسب الجنة في الآخرة. والفاسد يعرف ان الصالح يمكر عليه، فيمكر هو ايضا على مكره، ليكسب مغانم الدنيا.
يقول له قم يا صاحبي نشرب الشاي بدون سكر، لانه نفذ. لكن تذكر ان الدنيا والناس باتوا فسطاطين: أحدهم لا يرى الا الدنيا وعربدتها، غير ابه او مؤمن بالآخرة، والآخر لا يعمل الا للآخرة.
اما انت يا صاحبي فمقهور في الدنيا، وغير مضمون الآخرة.

شاهد أيضاً

دبوس

ا لتآكل… سميح التايه ثلاثمائة من الصواريخ البطيئة، وبضع عشرات من المُسيّرات التي لا تندرج …