ما الفرق بين الاقطاعية القديمة، والاقطاعية الجديدة المقنعة.


حسن أحمد خليل

مفهوم الاقطاعية مهما كانت مرتبط بالاستبداد النسبي، وباستعمال السلطة او النفوذ على حساب العامة لمصالح شخصية.
لكن الفرق الاساسي بين الماضي والحاضر، ان الاقطاعيين سابقا كانوا يبيعون من املاكهم المتوارثة عبر الاجيال، وينفقون منها لتثبيت زعاماتهم ونفوذهم، والتي كانت بدورها وسائلهم لتحقيق مصالح شخصية بخجل وتخفي. اي ان اقطاعيين الماضي بعنجيتهم وجبروتهم كانوا يخجلون ويستحون من اية اشاعة تدل عليهم.
اقطاعية اليوم التي ولدت بحجة الانتفاض على الاقطاعيين، هي من نوعين: منها من ورثت زعامة الاقطاعية التقليدية، لكنها تفوقت عليها وعلى الآباء في الاسلوب والاهداف. لم تكتف كما اكتفى الآباء.
والآخر من حاول الاستزلام عند اقطاعيين الماضي، وعندما رفض، تلبسه حب الانتقام، وادعى الدفاع عن حقوق الناس. ولا فرق بين طائفة وأخرى في هذا النمط. هذا اقطاعي جديد من الجرد تمرد على اقطاع الساحل القديم. وذاك اقطاعي من الريف انتفض على اقطاعيي المدن. واخر من “عائلة متواضعة” انتقم من “العائلات التقليدية”. او اقطاعي جديد متدني الحال او يساري حاقد على الاقطاع اليميني.
لكن الفرق التمييزي لهذه الاقطاعية المقنعة اليوم، انها نهبت الدولة وافسدتها، ثم سخرت القضاء والامن والتشريع والحكومات والبلديات والنقابات وهيئات الرقابة لتنهب اموال الناس، وبحجة الدفاع عن الناس، ومن اموال الناس.
الخيار ليس ايهما افضل، بل بين سيء وأسوأ. لكن الفرق شاسع بالوسيلة، والنتائح.:
القديم استثمر ماله لنفوذه، بينما الجديد المقنع اعتمد سرقة الناس “للدفاع عن الناس”.
الاقطاعية القديمة كانت فوقية، لكنها لم تتخلى عن انسانيتها. كان الزعيم يستفقد “الرعية”.
اما اليوم، فالزعماء لا يطلون على الرعايا الا بمناسبات لتمجدهم، وباقي الايام والليالي يختباون في جحورهم واوكارهم يخططون ويتشاورون كيف يدفعون حكومة ما للاستقالة لياتوا بغيرها، لانهم لم ينتشوا من السرقات والنفوذ.
مستحيل ان هؤلاء المجرمون لا يدرون ما اقترفوا، لكنهم في حالة إنكار ونكران، كما الضحايا تماما.
هؤلاء لم يسرقوا مال جنى العمر فقط. هؤلاء سرقوا الحاضر والمستقبل. سرقوا الامل للاجيال الشابة، وزرعوا فيهم حب الهجرة، كما فعلوا بابائهم، الذين هاجروا وحلموا بالعودة، فدمروا حلم الآباء ايضا.
لم يعد من طعام ولا لحوم في المحلات، ولا ادوية في الصيدليات، ولا محروقات في المحطات. سرقوا ابتسامة الطفل، وعزة الأب، وحنان الام. سرقوا بهجة الأعياد. سرقوا الجار من جاره، والموظف من ضميره، واهمه نزعوا عدالة الثوب الاسود عن القاضي، وهيبة بذلة رجل الأمن.
دمروا الدولة بكل مفاصلها بعد ان سبطروا عليها. نخروها بالسوس والعفن.
انهوا سعادة البحر والنهر والغذاء والعشاء والسهرات…
وبالرغم من كل جرائمهم ما زالوا جالسين جاثمين على صدور الأبرياء، وكانهم نعم الله عليهم. يخرجون من الجلسات الحكومية والنيابية كانهم تلاميذ سقراط وارسطو وافلاطون، بينما ما هم الا حثالة واقذر انواع البشر.
انهم مجرمون… مجرمون… مجرمون. ويجب ان يحاكموا على جرائم ضد الانسانية…
اما من مئة ملثم شجاع؟

حسن أحمد خليل، تجمع استعادة الدولة

شاهد أيضاً

توصيات المبادرة التربوية التي أطلقها المكتب التربوي في حركة أمل:” لعدم سلخ الجنوب تربويًا عن باقي المناطق اللبنانية”

مصطفى الحمود النائب بيضون: “لتكن البوصلة التربوية الجنوبية هي معيار مقاربة الامتحانات الرسمية” استكمالًا للإجتماعات …