فوازير رمضان بدأت إذاعياً مع آمال فهمي فبل أن تنتقل تلفزيونياً مع فهمي عبد الحميد

زياد سامي عيتاني*


رغم المساحة التي إحتلتها “فوازير رمضان” تلفزيونياً، فإن قلة ممن عاشوا عصرها الذهبي يعرفون أن نشأتها وبدايتها كانت إذاعية مع الإعلامية القديرة “ملكة الكلام” آمال فهمي (صاحبة الجملة العبارة الشهيرة: “ونقول كمان”)، وتحديداً في العام ١٩٥٥ عبر الإذاعة المصرية، قبل أن تنتقل إلى التلفزيون في بداية السبعينيات.
فهي حولت الكلمات العادية لألغاز مستخدمة، بدأت بالمشاهير والكشف عن أصوات المتحدثين وانتهت بكتابة الشعراء لفوازيرها على مدار أعوام طويلة ظلت فيها الرائدة، وإن تعددت أشكال الفوازير فيما بعد.
وكانت الإعلامية القديرة تقدم موضوع جديد للفوازير كل عام، ولم تكن تقتصر على التسلية، وإنما كانت فوازير تثقيفية، تقدم معلومات ومعرفة بشكل جذاب ومشوق ولذلك كانت الناس تنتظرها من العام للعام


•تعطل سيارتها سبب الفكرة:
كانت بدايتها عندما كانت تستقل آمال السيارة مع زوجها، ووجدا أن عجلة السيارة إختل توازنها، فهبط زوجها من السيارة ليُصلحها، بينما آمال جلست بالداخل، ومع مرور الوقت شعرت بالملل حتى سمعت صوت “منفاخ العجل”، ومن هنا جاءت لها فكرة أن تقدّم فوازير عبارة عن تقديم أصوات مختلفة للمستمعين من أجل تخمين مصدرها. وطرأت فكرة هذه الفوازير على ذهن أمال فهمي قبل حلول شهر رمضان بثلاثة أشهر.


•العام الأول مع أصوات المشاهير:
وقد إستعانت آمال فهمي بالمشاهير فى أول سنة للفوازير، وكانت عبارة عن مسابقة للتعرف على أصواتهم “مَن صاحب الصوت؟”، ولاقت إقبالاً كبيراً من الجمهور، إذا كان في ضيافتها ثلاثين شخصية من رموز الفن والثقافة والأدب طوال شهر رمضان، وكان الشخص يتكلم عن موضوع غير التخصص الذي يمارسه في مجاله، ويقوم المستمع بإرسال إجابته إلى الإذاعة، يوضح فيها من صاحب الصوت الأصلي وعن ماذا يتكلم.


•أم كلثوم من ضيوف “فوازيزها”:
“كوكب الشرق” أم كلثوم كانت من المشاهير الذين استعانت بهم فهمي، في أول سنة لتلك النواة، فقرأت أم كلثوم صفحة من كتاب “الأيام” لطه حسين، ولم يعرفها الناس لأنهم لم يتعودوا على صوتها تتحدث.


•بيرم وجاهين يكتبون فوازير الإذاعة:
فى العام الثانى إستعانت بالشعراء لكتابة “الفوازير” وعلى رأسهم بيرم التونسى وكتب ثلاثين “فزورة” لا تزيد الحلقة على دقيقة، وكانت الجائزة الأولى وقتها خمسة جنيهات، والثانية ثلاثة جنيهات، والثالثة جنيهين.
بعد رحيل بيرم، كتب الكاتب الصحفى مفيد فوزى الفوازير لمدة سنة، ثم صلاح جاهين لمدة ١٤ سنة، حيث ظلت الجوائز ترتفع قيمتها تدريجياً، بسبب النجاح الكبير الذي كانت تلاقيه، حتى وصلت إلى مئة جنيه، ثم ألف جنيه.
بعدما توفى جاهين، صار يكتب لها “الفوازير” بخيت بيومى ثم بهاء جاهين، وزادت الجائزة إلى عشرة آلاف جنيه.


•تنوع المواضيع:
تنوعت موضوعات “الفوازير” بين تخمين وسائل المواصلات “من الحصان إلى الصاروخ” وأشياء مرتبطة بشهر رمضان مثل المدفع والقطايف والمسحراتي.
 وتحكي آمال فهمي في أحد الحوارات الصحفية معها عن الإقبال الجماهيري الذي حققته “فوزاير رمضان” قائلة: “في إحدى السنوات وصلني مليون خطاب (حلول المسابقة)، ما جعل مدير مصلحة البريد يتقدم بشكوى إلى مجلس الوزراء بسبب الضغط على هيئة البريد”.


•نبدة عن حياة القديرة آمال فهمي:
ولدت أمال فهمى عام 1926، وحصلت على ليسانس آداب قسم اللغة العربية من جامعة القاهرة، وعملت بالإذاعة المصريه عام 1951.
حققت شهرتها في الوطن العربي بتقديمها برنامج باسم “على الناصية”، الذى خلفه لها الإذاعى الكبير أحمد طاهر، وهو أقدم برنامج إذاعى مصري.
وحصلت على لقب “ملكة الكلام” في الوطن العربي، تقديرا للباقتها وتمكنها في إدارة الحوار الإذاعي.
حولت أمال فهمي تحقيقاتها الصحفية إلى تحقيقات إذاعية، وحصلت على جائزة مصطفى وعلى أمين للصحافة.


وتعتبر فهمي من أوائل الإذاعيين الذين خرجوا بالميكروفون من الاستوديوهات الإذاعية إلى الشوارع.
وروت الإذاعية الراحلة، في أحد اللقاءات التلفزيونية، أنها كانت أول من أجرى حوارا إذاعيا داخل غواصة في عيد البحرية المصرية، وأول من أجرى حوارا إذاعيا مع عمال المناجم في منجم في صحراء مصر الشرقية يحمل اسم “الحمراوين”، تحت عمق 200 مترا، في بيئة اتسمت بالصعوبة والخطورة بالنسبة لامرأة.
وتولت أمال فهمي خلال مشوارها المهني العديد من المناصب القيادية في الإذاعة المصرية، وكانت أول سيدة ترأس إذاعة الشرق الأوسط عام 1964.
كما تولت مناصب عدة أخرى، من بينها وكيل وزارة الإعلام، ومستشار وزير الإعلام، ومستشار الإذاعة في فترة الثمانينيات في القرن الماضي.


توالت البرامج الجماهيرية التي قدمتها آمال فهمي، فكان برنامج “في خدمتك” الذي يعتمد على استقبال شكاوى المواطنين وإذاعتها، وبرنامج “عقبال عنكم”، ثم البرنامج المعروف “هذه ليلتي” الذي كان يستضيف عددا من نجوم السياسة والفن ونجوم الغناء ورؤساء التحرير، إلى جانب ” فنجان شاي”، والذي استضافت فيه شخصيات سياسية، وزعماء دول عربية منهم: أحمد بن بيلا، وهواري وبومدين، وجعفر نميري، والملك حسين.
وكانت آمال فهمي صاحبة فكرة البرنامج الإذاعي” الشعب يسأل والرئيس يجيب”، والذي كان يذاع في رمضان عام 2013، حيث كان يجيب خلالها رئيس الجمهورية على أسئلة من المواطنين، وذلك بعد الإفطار مباشرة.


آمال فهمي تاريخ حافل مع “فوازير رمضان”، فهي رائدتها، وهي من أدخلتها إلى الإذاعة، وظلت تقدمها حتى قبل رحيلها بعام واحد، لكنها توقفت عن تقديم فوازير رمضان لمدة ١٠ سنوات، وقدمها بدلاً عنها الإذاعي القدير عمر بطيشة.


*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

شاهد أيضاً

أفرام: “اقتراح قانون مع زملاء لتأمين تغطية صحية واستشفائية فعلية ولائقة للأجراء من خلال إتاحة خيار التأمين الخاص”

كتب رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” النائب نعمة افرام على منصة “أكس”: “نظراً للآثار …