ايها العمال.. أنتم ملح الأرض وهم هباؤها

د. وجدي الجردي

أيّها العمال، ماذا عساني أقول؟ وفي عيدكم تنحني هاماتكم إذلالاً، وتمتد أيديكم لالتقاط لقمة العيش من معجن سرق منكم، فمنّوا به عليكم تفضلاً ونوالا.
أيُعقل أن تصبحوا وأنتم البنّاؤون أسارى، تمشون بين الناس هائمين حيارى. تفتشون عن عمل يقيت أبناءكم ولا من يسأل، وتُصرفون من وظائفكم التي بذلتم لها شبابكم ومن خدمتموه يترككم بفقركم، وبغناه يرحل. جمعتم ثروة بلادكم بكد يمينكم فنهبها الفاسدون، وأعليتم من شأنها في بقاع الأرض، فخذلكم المسؤولون.
أنتم ملح الأرض، وهم هباؤها، وأنتم منارة العطاء وهم ظَلْماؤها، يفتشون في جيوبكم عن دولار ليسرقوه، ويزعمون أنهم يعطونكم من فضلهم، وهم لفضلكم يجحدون.
في عيدكم تنحني الهامات لو كنتم في دولة ترعى أبناءها، وتعزز أقدارهم وتحمي أوطانها، ولكن ما العمل في دولتنا التي أصبح عمالها مشردين في بلادهم، بكل قطاعاتهم، يقفون على أبواب السفارات صفًّا صفّا، ويتذللون ليحصلوا على فيزة يهربون بها من جهنم التي كانت لهم جنّة، وفي غابر الأيام عزًّا وللعاملين من أبناء الشعوب مَلْفى. وها هم اليوم غادروا لبنان هربًا من الجحيم، وكانوا بالأمس فيه بجنة نعيم.
فيا عمّال بلادي أنتم الأيدي السخية والنفوس الأبية والعقول الراجحة الزكية، فلا تهِنوا ولا تيأسوا فسيأتي يوم تزحفون فيه بأقدامكم الثابتة في الأرض، لتجرفوا من أذلكم وتحفظوا وطنكم من النهب، وتعيدوا له رونقه ويسلم لكم مالكم والعرض.
فهنيئًا لكم عيدكم يا من بذلتم أرواحكم في خدمة الوطن لأي سلك انتميتم عسكريا كان أو أمنيا طبيا أو هندسيا، علميا أو عمليًا فأنتم أبناء الوطن الذين يعتزّ بكم، وأنتم بناته في وقت يتناتش المتناتشون خيراته، ولا يأبهون بأبنائه.
فنأمل أن ينعاد عليكم عيدكم وقد حصلتم على حقوقكم، وأعدتم لبنان كما كان.
وكل عيد وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.