رمضان في الأمثال الشعبية (٢/٢):

الطعام، الأطفال، وسرعة إنقضائه…

زياد سامي عيتاني*


نستكمل في الجزء الثاني من سلسلة الأمثال الشعبية التي حاكت شهر رمضان المبارك، الذي نستعرض فيه الأمثال التي تناولت الطعام وصوم الأطفال وسرعة إنقضائه، إضافة إلى أمثال رمضانية متفرقة:


•أمثال الأكل في رمضان:
وهو من أكثر ما يُشغل الصائمين، فتحاول الأمثال بشكل أساسي عدا الجانب الطريف من الموضوع، أن تشجع على عدم الإفراط والمبالغة في الطعام عند الإفطار، حتى درجت مقولة “هو الصايم شو بده يوكل؟” والتي يوحي سياقها العام أن الصائم يأكل قليلاً :
-“إبدأ طعامك باسم الله وألحقه بحمد الله”:
وهو من الآداب المتعلقة بالإفطار والأكل في رمضان.


 

-“من قال الحمد لله شبع”:
يقال لمن يحاول الإصرار على الناس كي يستزيدوا من الأكل. وأحيانا يُقال للحث على القناعة والرضا بما قسم الله. 


-“ما بيبكي على رمضان، بيبكي على طبخاته”:
يضرب لمن لايهتم إلا بما لذ وطاب من الطعام والشراب، وعندما يتقضي رمضان لا يحزن عليه، بل على مأكولاته وأطباقه وحلوياتهدالشهية.


-“صايم على ضرسه وفاطر على خمسه”:

أي أن الذي يصوم ولا يأكل في نهار رمضان يأكل عند الإفطار بأصابعه الخمس.
-“كبير البطن بنام برمضان”: ومعناه أن صاحب البطن الكبير تراه وهو صائم يتضور جوعاً ولا يقوى على الحركة يصيبه الكسل والخمول، فيقض وقته نائماً خلال الصيام.

-“صام، صام،.. وفطر على بصلة”

  • ابتكر هذا المثل، ليدل على إن النتيجة ليست على قدر المجهود الذى بذله طوال اليوم من صيام وصبر حتى يستحق أن يفطر على “بصلة “، وليست وجبة دسمة كما كان يتوقع.
    ويضرب مثلاً لمن يبذل مجهوداً جباراً ثم لا يجني إلا النزر اليسير، أو لمن يعمل عملاً حسناً ثم يختمه بخاتمة سيئة. وهو شبيه بالمثل العربي (صام دهراً ثم نطق هجراً).
    وقديماً قالت العرب (صام حولاً ثم شرب بولاً).
    -“لا رمضان خالص، ولا العيد جايي”:
    مثل يُقال لعدم المُبالغة في إعداد الطعام والانشغال به.

•أمثال الأطفال في رمضان:
يَحرص الآباء على حث أبنائهم على صيام شهر رمضان، حتى لو كان الصيام جزئياً ولوقت قصير من اليوم. فيقولون عن صيامهم: “صيام العصفورة” و “درج حرم”، ومن الأمثال التي تتحدث عن صيام الأطفال:

-“إبن سبعه صوموه، وإن ما صَام الحق على أمه وأبوه”:
وفي هذا المثل التربوي تحديد لعمر الأطفال الذي يبدأ معه تعليم الصوم.
-“صايم لِطَلْق الحمام”:
بمعنى أنه غير صائم، لأن الحمام يطلق من أبراجه عند طلوع الفجر. 
-“صام صيام القرش كل ما جاع بعبي الكرش”:
وهو عن صوم الأطفال، الذين كلما جاعوا أكلوا، وقالوا بأنهم صائمون.


•أمثال سرعة إنقضاء رمضان:
لا تغفل الأمثال عن ذكر سُرعة
إنقضاء هذه الأيام المباركة، وأن هذه المشقة في الصوم سُرعان ما ستصبح ذكريات لكن إذا تجمل الصائم بالصبر، ولذا جاءت الأمثال بصيغ متعددة لمحاولة خلق روح الصبر عند الصائمين:
-شو ضَلْ (بقي) من رمضان؟ عشرتين وتسعة وباقي هاليوم:
يقال في اليوم الأول من رمضان للتشجيع على الصبر.
-“خود من كوم رمضان، وحط على كومك”:
ويضرب هذا المثل بعد مرور نصف رمضان، حيث يعتقد العامة أن رصيد أيام رمضان قد أصبح قليلاً، فيما أن الأيام التي صامها المسلم أكثر، وكأن رمضان رجل تسحب منه الأيام، ويضرب هذا المثل للدلالة أيضاً على سرعة مرور الشهر الكريم.
-“إن هلّ زَلّ”:  
  
 يصف هذا المثل الشعبي، شهر رمضان بأنه سريع المرور، عكس الشهور الأخرى من السنة، أي أنه زائر خفيف ما أن يبدأ في الوصل حتى نشعر بأنه سرعان ما ينتهي.
وكما يقال: الشهر على الباب بمعنى أنه يستعد للرحيل، ودائماً ما يكون على عجل.
-“متى ما عشر دشَّر”، أو متى “عشر بشَّر”، أو متى عشر كشَّر:
يدل هذا المثل على سرعة إنتهاء رمضان، فهو ضيف عزيز، وبمجرد أن يمر منه عشرة أيام، تنذر بقرب رحيله وقدوم عيد الفطر، حيث يشعر الصائم بأنه أوشك على الإنتهاء، ومعنى “دشر” أي ترك.


-“إذا تلّت فلّت”:
أي إذا مضى الثُلث الأول من الصيام، وهي أصعب أيامه يكون الرخاء في الثُلثين الباقيين، فينقضي كأنه صار مرخياً سريعاً. وإبدال الثاء تاءً جاء لتتلاءم مع سجع المثل.
-“بعد (الخمسطعش) بنطعش طعش”:

أي بعد إنقضاء 15 يوماً من الشهر تمر الأيام سريعاً.
-“خُود (خذ) من كوم رمضان، وحط على كومك:
يقال بعد مرور نصف رمضان، للدلالة على أن ما مضى أكثر مما بقي من هذا الشهر.
-الشهر على الباب:
بمعنى أنه قد أوشك على الرحيل، ودائماً ما يكون هذا الشهر على عجل. وقريب منه قولهم “رمضان روح”.
-رمضان يا أبو الأيام، ما ضَلْ (ظلَّ) منك غير خمس أيام:
وتُقال للدلالة على إنقضاء الشهر ومرور الخمس الأولى من الثُلث الأخير.
-“رمضان يا أبو العيلة ما باقي فيك غير هالليلة”:

وتقال في آخر رمضان وفي يومه الأخير.
-“من محبتك يا رمضان صمنا سوادسك”:

أي نصوم بعد إنقضاء رمضان ستة أيام من شوال.


•أمثال رمضانية متفرقة:
-“لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب”:

مثل يشار به على الشخص الذي لا يعجبه شئ مطلقا، حتى وإن كان هذا الشئ تطوع مثل صيام شهر رجب.
-“إحكي مع قليل الأصل، ولا تحكي مع الصايم وقت العصر”:

وهذا المثل يصف بعض الصائمين آخر النهار وكيف تكون عليهم حالات التعب والعطش والجوع ولذا يُنصح بتنجنبهم لعصبيتهم.

 

-“رمضان عذر البخيل”:
جاء هذا المثل عند الجهيمان في كتابه (الأمثال الشعبية في قلب جزيرة العرب ج3/205) وذكر إلى أنه يضرب مثلاً للبخيل الذي يحاول أن يتذرع بأي سبب للتهرب من إكرام الضيوف في سبيل توفير ماله، ولكنه يجد في شهر رمضان مبرراً عظيماً فلا يقدم لضيوفه شيئاً من ألوان المأكولات والمشروبات مع العلم أنهم لو جاءوا في غير رمضان فلن يقدم لهم شيئاً ولكنه جعل رمضان حجة له هذه المرة.


-“أمو داعيتو بليلة القدر”:

يقال للولد المرضي أو الموفق والمحظوظ والهني.


-“ثلث للمرق، وثلث للحلق وثلث للخرق”:
ويعني هذا المثل الشعبى أن شهر رمضان مقسم لثلاث أجزاء،
ويقصد بذلك بأن أول عشرة أيام المرق” وهي التي تكثر فيها الولائم  والتفنن في طهي شتى أصناف الطعام، والتي غالباً ما يستخدم فيها مرق اللحوم.
أما العشرة “الحلق” فهي التي تجهز وتصنع خلالها كل البيوت معمول العيد أو “الكعك” المستدير الذي يشبه الحلق والذي يعد لتقديمه في عيد الفطر.
وأخيراً العشرة “الخرق”، والخرق هنا تشير إلى الملابس، حيث إن آخر عشرة أيام تستعد فيها كافة الأسر لشراء الملابس الجديدة إستعداداً للعيد.


*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

شاهد أيضاً

“عامل”: تضرر مراكزنا بالقصف الاسرائيلي لن يثنينا عن واجبنا لتعزيز صمود أهلنا

*مهنا: نرفض انتهاك الاتفاقيات والشرائع الدولية وازدواجية المعايير في التعامل مع الارتكابات الاسرائيلية* بيروت، 17 …