سيادة الرئيس حافظ الاسد انا ناجي امهز العوني السابق بعتذر من صباطك


اليوم استيقظت على تغريدات وبوستات ومنشورات لاناس يقولون انهم من العونيين الذين كان لهم الفخر باخراج السوريين من لبنان، وعندما تفرست وجوههم وتصفحت اسمائهم، لم اجد الا نسبة خمسة بالمائة من الذين اعرفهم انهم كانوا عونيين، وحتى هؤلاء الخمسة بالمائة نصفهم كان خارج لبنان.
لكنه الزمن الرديء، الزمن الذي يفتك بالقيم ويزور الحقائق.
في 13 تشرين عام 1990 كنت (انصار) وغادرت المنصورية مع اخر من غادر، واذكر كيف هبطت انا وثلاثة اشخاص في وادي عميق حتى وصلنا الى معمل للاحجار (الخفان) حيث اشار احدهم بان نرتدي بعض ما وجدناه من ثياب للعمال، وبالفعل ارتدينا ما وجدناه، وتوزعنا وانا انتظرت حتى المغيب تقريباً، وكانت المنطقة تكتظ شيئاً فشيئاً بالجنود السوريين، فقررت ان اخرج وليحصل ما يحصل، وما ان وجدت نفسي على الطريق العام (جسر الباشا) حتى استوقفتني قوة مشتركة من الجيش السوري وبعض اللبنانيين، لست قادراً على وصف المشهد والضجيج، لكن عندما سالوني من انا، اعطيتهم هويتي (القديمة) فتركوني اكمل طريقي، واذكر جيداً باني تتبعت صوت الآذان لاحدد كيف اتجه، لاني لم اكن اعرف بيروت ابداً.
في نهاية عام 1992 بعد عامين من سقوط بعبدا قررنا ان نستعيد نشاطنا بشعار عون راجع، وقد اتفقت انا وبعض الشباب العونية من عكار (شدرا) ان نلتقي بساحة النجمة بطرابلس، قرب موقف الكورة، وان نتوجه الى حي الامريكان ونكتب على حائطه عون راجع، (الامريكان وما ادراك ما الامريكان)، كنا نتوجه إلى الموت بارجلنا ونحن نبتسم ونضحك وننكت على الطريق، وبالفعل وصلنا وكتبنا على برميل احد الحواجز عون راجع، وحصلت حملة اعتقالات في المنطقة، “الجميع يتكلم عنها حتى يومنا هذا”.
في منتصف عام 1993 غادرت الشمال بمساعدة من حركة التوحيد الاسلامي، الى بيروت، وذات مساء، كنت جالساً ارتشف فنجان قهوة من بائعي “الفانات” على الرملة البيضاء اذا بشاب يجلس بقربي، ويسألني عن اسمي وكنيتي ومن اي منطقة، ليس بالمباشر إنما من خلال الحديث، وعندما اخبرته اني من بلاد جبيل واسمي ناجي امهز استيقظت لاجد نفسي بما يعرف بالبوريفاج، وفي ذاك العام اعتقل الكثير من العونية وكانه تمت معرفة اسماء الناشطين، ولا اعلم ان كان بعد اسبوع او اكثر افرج عني من خلال رجل اعمال يسكن قرب السبينس بواسطة عميد بالجيش السوري كان مسؤولاً عن المنطقة، والذي قال لي حرفيا نحن نحترمكم انتم ابرياء، لكنكم لا تعرفون شيئاً بالسياسة، واعطاني كتاب حافظ الأسد… مسيرة مناضل للكاتب لوسيان بيترلان.
هذا مختصر المختصر، والا استطيع ان اكتب لكم من كل مقطع مجلد يقطع القلب.
اكتبه لاخبركم اين نحن الذين ناضلنا، واين الوافدين الجدد الذين تملكوا كل شيء وباعوا كل شي حتى التاريخ، والى اي مستوى وصل النفاق والكذب والخداع وحتى الخيانة في لبنان، فالذي يخون المناضلين الابطال الشرفاء ويبعهم بعملة وطنية او اجنبية هو مستعد ان يبيع الله ومخلوقاته.
لا يمكنكم ان تتصوروا، حجم الدمار النفسي والمعنوي، الذي احدثته هذه التجربة الفاشلة هذه الاكذوبة على كيان لبنان ووحدته، فمن بعد اليوم مؤمن بالدفاع عن لبنان، من بعد اليوم قادر ان يصدق ان هناك علماني واحد في لبنان، وقد شاهدنا كيف من عاش يتكلم عن العلمانية تحول بليلة وضحاها الى طائفي متعصب، لانه عندما انتهى دور العلمانية انتقل الى دور الطائفية.
صدقوني عندما اتذكر النضال والاوجاع ووجوه غابت، واشاهد الوجوه الصفراء التي تعتلي اليوم المنابر باسم المناضلين اشعر بالغثيان والقيء.
هل عرفتم لماذا كان عنوان مقالي اعتذر من حذاء حافظ الاسد، لانه طالما بقيت هذه الطبقة الفارغة والمليئة بالكذب، على المنابر، صدقوني سيأتي يوم نعتذر حتى من حذاء الفرنسي ونطالبه بالانتداب، ….؟
ما فعلوه هؤلاء، بلبنان لا يوصف، حتى المسيحيين سيأتي يوماً ويعتذرون جميعهم من القوات اللبنانية، لانه بينما كان التيار يطرد ويفصل المناضلين ويستبدلهم بالمتمولين، كانت القوات تطرق الابواب لكل قواتي لتعيده الى صفوفها، انظروا اين اصبحت القوات واين اصبح التيار، حتى المتمولين الذين حولهم التيار الى وزراء ونواب انقلبوا عليه.
ليس هكذا تبنى الاحزاب ومن يريد السلطة والقوة والمجد عليه، ان يحافظ على المناضلين برموش عيونه، ويحولهم الى ايقونات ينسج حولهم الروايات، لانه بهم يستمر ويحكم ويتحكم، هكذا فعلت الثورة الفرنسية والامريكية، حتى حزب ا ل ل ه، هكذا فعل مع المقاومين، فاصبح اكبر من الجغرافيا، اما من دون تاريخ المناضلين فاي حركة او تيار مصيره الى مزابل التاريخ وحتى وهو في مزابل التاريخ سياتي من يبول عليه.

شاهد أيضاً

ضاهر:” تمنى على الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة وقف السجالات العدائية “

تمنّى النائب ميشال ضاهر على “الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة”، وقف “السجالات العدائيّة في ما بينها، وإيلاء …