لغة الأحزان


المرجع المجدّد السيد محمد حسين فضل الله 

إعداد وتنسيق د. علي رفعت مهدي


تعوّدنا أن تكون مسيرتنا التي نتحرّك فيها نحو أهدافنا مسيرةً يغلب عليها طابع المأساة . فنحن نقف في أكثر من محطّة لنبكي لأنّ هناك عزيزاً فقدناه. ونحن نتطلّع إلى الآفاق لنجد فيها أشباح الظلام بدلاً من شرارات الضوء وقبس النور . نحن معنيّون بالألم وبالحزن ، وحتّى حين نقرأ الأناشيد فإننا نقرأها بلغة الأحزان.


فلماذا كلّ هذا الطابع الحزين؟

ربما كانت حياتنا مثقلةً بأكثر من همّ وبأكثر من مشكلة وبأكثر من هزيمة . والناس حين تدخل الحياة عليهم يشعرون بثقل الحياة على أكتافهم ،فيحتاجون إلى الدمعة ويحتاجون إلى النكبة.

دراسة المسيرة:
إننا لا بدّ أن ندرس مسيرتنا كمؤمنين وكمسلمين، إنّنا عندما نرجع إلى إيماننا بالله خالق الكون كلّه، خالق الحزن والفرح والدمعة والبسمة، خالق اللّذة والألم. وحين ننتقل إلى رسول الله(ص) الذي انطلق من عمق اليتم ، فكان يتيماً وهو حملٌ ثم صار يتيماً وهو رضيع ، وعاش كلّ مشاعر اليتم ولكنّه لم يُرَ باكياً.
لقد كانت حياته منفتحة على النور الذي كان يحدّق به ليكتشف كيف يحرّك الظلام كلّه إلى نور، كان يعيش حزنه ويفكّر كيف يحوّل الحزن إلى فرح. وكيف يجعل الحزانى يعيشون الإبتسامة في الحياة.
نحن كمسلمين أصحاب رسالة. وهذه الرسالة في الحياة عملنا أن تكون الحياة على الصورة التي يحبّها الله، أن تكون حياة كلّ منّا حياة يحبّها الله حتى إذا فكّرنا شعرنا أن الله يحبّ ما نفكّر فيه، وإذا عشنا المشاعر في داخل مناطق الشعور فينا أحسسنا أنّ الله يرضى على مشاعرنا. وإذا تحرّكنا في الحياة شعرنا أن الله يرعى حركتنا ويحبّ كلّ نتائجها.
وإنّنا نعمل أن تكون عائلتنا عائلة مسلمة ، ومجتمعنا مجتمعاً مسلماً…


البذل من الحياة:

عندما نفكّر أن نكون أصحاب رسالة نجيب الله في رسالتنا ونجيب الناس والحياة والكون والمجتمع في رسالتنا، فعلينا أن نقدّم شيئاً من كلّ حياتنا لله، وأن نقدّم شيئاً من كلّ حياتنا للناس وأن نقدّم شيئاً من كلّ حياتنا للحياة من حولنا، لأنك حين تحبّ لا بدّ وأن تقدّم شيئاً من ذاتك لمن تحب، نحبّ الله ! فكيف نحبّه ونحن نبخل بجهدنا الذي أعطانا إيّاه. نحبّ الناس ! فكيف لا نقدّم للناس ما يملأ حياتهم بالفرح الروحيّ، ما يمكن أن يغنيَ حياتهم بكلّ معاني العزّة والكرامة والحريّة.
نحب الحياة فلا بدّ أن نضيفَ للحياة شيئاً من ذاتنا وطاقتنا وإبداعنا. فكما أعطتنا الحياة فكراً وطاقة وإبداعاً فعلينا أن نعطيها فكراً وكما أعطتنا الحياة طاقتنا فعلينا أن نعطيها طاقة وإبداعاً ….

.
18 _ 11_1989

شاهد أيضاً

الردّ الإيراني… تفعيل المعادلات الجديدة

حسين مرتضى ‬ حسين مرتضى تتسارع الأحداث على الساحة الدولية بعد العملية العسكرية المركبة التي …