العراق – من الأزمة البنيوية إلى بناء السلام

موسكو – بيان صحفي الطاولة المستديرة الدولية – آذار 2021

عقدت في موسكو الطاولة المستديرة الدولية “السلام أعقد من الحرب” على المنصة التفاعلية “Zoom”» تحت عنوان :”العراق: من الحرب إلى بناء السلام” وذلك بتاريخ 29 آذار/مارس 2021. بادر ونظم الفعالية كل من المركز العلمي”غلوبوس 21 ” التابع لكلية مسارات العولمة في جامعة موسكو الحكومية “لومونوسوف”- صندوق الدبلوماسية الشعبية- بالتعاون مع الحركة الشعبية الدولية “بناء السلام”. شارك في الطاولة المستديرة أكثر من 30 خبيرا سياسيا ودبلوماسيا وشخصيات عامة من العراق وروسيا وسوريا وفلسطين والأردن والجزائر ومصر.

الهدف – استشراف نهج بناء في عملية ضمان الأمن القومي لجمهورية العراق وتشكيل فلسفة جديدة للاستقرار على المستوى الاستراتيجي، مما يسمح بإعادة التفكير في دور بغداد الرسمية في نظام الإحداثيات الجيوسياسية . ووضع توصيات عامة لخروج العراق من أزمته البنيوية.

استهل الجلسة الاستاذ إيغور كروغوفيخ، نائب مدير المركز العلمي-التربوي “غلوبوس-21″، رئيس الحركة الدولية “بناء السلام” بالحديث عن الأهداف التي تضعها الحركة الدولية “بناء السلام”، وسعيها للحفاظ على القيم التقليدية والسيادة الوطنية للشعوب، وحرصها على صيانة السلم والمستقبل الإقليمي، وبدعوة الجميع للمشاركة في هذا السعي. مشيراً الى تبيان العام المنصرم بأن موضوع “السلام أعقد من الحرب”، مع تشديده على أهمية السلام الحيوية خصوصا بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، وعلى تداخل هذا الموضوع بشكل مباشر مع الجانب العملي والعلمي، ومهام التسوية السلمية للشرق الأوسط والتصدي للحرب، موضحاً على تضمينه مفهوم الشرق الأوسط جغرافيا لبلدان شمال أفريقيا أيضا.
وجه السيد أحمد حسين، المستشار في سفارة الجمهورية العراقية في موسكو، التحية للمشاركين في الجلسة، مشيراً الى أن بغداد تعتبر العلاقة مع موسكو من أولويات سياستها الخارجية، معبراً في ذات الوقت عن ثقة العراق بدور روسيا، وعن قيامها بمهمة حيوية لاستعادة وتعزيز السلام في الشرق الأوسط بشكل عام وفي العراق بشكل خاص.
أما الخبير السياسي العراقي، حسن الندوي فقد تناول في مداخلته مراحل وخصائص الأزمة البنيوية وتدهورها في العراق على مدار 30 عاما. معتبراً أن الأعمال العسكرية المستمرة على اراضي العراق، بدءا من عام 1980 حتى الوقت الحاضر، تشكل المفتاح الأساسي لتشخيص الظواهر السلبية للأزمة البنيوية.
في حين ركز الدكتور شادي عمار، عضو إتحاد الأطباء العراقيين، في مداخلته على الجوانب الطبية والإجتماعية للأزمة العراقية. مسلطاً الضوء على الصدمة الناتجة عن جائحة كورونا والتدابير التي اتخذتها الدول لاحتوائها، وما عكسته من صدمة اقتصادية، مالية واجتماعية، وتوقع استمرار آثارها على الاقتصاد والمجال الاجتماعي في العراق لما بعد عام 2021. مشيراً الى ان معظم المرافق الحكومية في البلاد مغلقة بسبب القيود المفروضة، والى اكتظاظ المرافق الطبية. في ذات الوقت ركز الدكتور عمارعلى أن هناك حاجة ماسة إلى الكادر الطبي المؤهل وللأدوية، وهو ما يعقد بشكل كبير المشاكل المرتبطة بتزويد سكان البلاد بخدمات طبية عالية الجودة. مع ارتباط ذلك بوجود مشكلة إنسانية ملحة في العراق، ووصول معظم المواطنين الى ما تحت خط الفقر وافتقارهم وسائل تلبية احتياجاتهم الأساسية.
تناول مشارك آخر في الطاولة الدولية المستديرة، السيد رسلان شاكيروفيتش مامادوف، منسق برامج الشرق الأوسط “المجلس الروسي للشؤون الدولية”، امكانية التعاون المشترك في مشاريع هامة بين موسكو وبغداد، بشرط عدم الاهتمام بمحاولات الإعاقة من قبل الولايات المتحدة، مع تنويهه بأن هذا التعاون بين روسيا العراق، يتيح تحقيق العراق لمصالحه وينعكس بدوره إيجابا على اقتصاد المنطقة عموما. مشدداً في هذا الصدد، على أهمية سعي كلا البلدين على قدم المساواة في اتباع نهج استراتيجي في علاقاتهما مع بعضهما البعض.
أما السيد أسامة السعيدي، المحلل السياسي العراقي ورئيس الجمعية العراقية للعلوم السياسية، فقد أشار الى مسألة تشكيل الصراعات العرقية والدينية والسياسية الداخلية، إلى جانب التحديات والتهديدات الخارجية، عقبة كبيرة أمام التطور الإيجابي للعراق، واستمرارها يعيق أي مبادرات لتحقيق التوافق الوطني. مشدداً في ذات الوقت على لعب روسيا دورا فريدا في هذا الخصوص، ووقوفها على مسافة واحدة من كافة الأطياف السياسية العراقية.
أشار الأستاذ محمد الحديتي، دكتور العلوم السياسية في جامعة “النهرين” في مداخلته، إلى أن موسكو لا تستطيع فقط، بل يجب أن تضغط على الولايات المتحدة، التي تهدف إلى تدمير الدولة العراقية وتهيئة الظروف للفوضى الإقليمية. في حين الخبير السياسي، عادل موسى وكذلك حسن فضل سليم، الباحث في استراتيجية روسيا في الشرق الأوسط، كلاهما اعتبرا أن العراق حاليا ساحة “لمواجهة” بين موسكو وواشنطن وأولوية عمل كلا البلدين على تحقيق مصالحهما الخاصة. كما أبرز السيد حسن فضل سليم، في حديثة على تمثيل العلاقات المتوترة بين واشنطن وطهران عاملا إضافيا لعدم الاستقرار في العراق.
ومع استعراض الظروف التي يمر بها العراق وتأثير العقوبات الغربية، تناول المشاركون في الطاولة المستديرة ضرورة مواصلة بغداد تطوير شراكتها مع موسكو وتعميق تعاونهما المشترك: الآن يحتاج العراق إلى روسيا بقدر ما تحتاج روسيا إلى العراق.
تميزت مداخلة السياسي والناشر السوري إبراهيم الجاسم في محور النقاش هذا بتقديمه “خارطة طريق” من خمسة نقاط عنونها “ركائز” شبه جاهزة لخروج العراق من حالة الأزمة البنيوية: مساعدة العراق في التغلب على العقوبات، الحد من تجارة الأسلحة غير المشروعة، تنفيذ المشاريع الكبيرة، مكافحة الإرهاب، والتفاعل مع دول المنطقة.
أما ألكسندر مارتيروسوفيتش نجاروف، رئيس نادي الطلبة في كلية الاقتصاد العالمي والسياسة العالمية في المدرسة العليا للاقتصاد، فقد أشار الى موضوع التغطية الإعلامية المنخفضة فيما يتعلق بالتعليم الروسي للطلاب العراقيين. معبراً عن ثقته بحل هذه المشكلة في القريب العاجل، مشيراً الى الجهود المشتركة لموسكو وبغداد في هذا الصدد.
في حين رحب ألكسندر بردنيكوف، رئيس لجنة التنمية الثقافية-العرقية في مجلس القوميات التابع لحكومة موسكو بالمشاركين، مشدداً على أهمية تنشيط التعاون الثقافي بين موسكو وبغداد، خصوصا في حالته المنخفضة حاليا.
أشار إيغور إريكوفيتش كروغوفيخ، نائب مدير المركز العلمي-التربوي “غلوبوس 21″، رئيس الحركة الدولية “بناء السلام”، في ختام الطاولة المستديرة على أن المهمة الأساسية لهذا الحوار ليست لنقاش جوانب معينة من الواقع العراقي، ولكن لوضع توصيات عامة لخروج العراق من أزمته البنيوية. منوهاً الى هذه التوصيات ستؤخذ في عين الاعتبار في أنشطة القيادة الروسية والمؤسسات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة. وركز على ضرورة المشاركة بالتحضير للمؤتمر العالمي حول التفاعل السلمي بين الأديان والأعراق بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، الذي سيعقد في موسكو في عام 2022. من المفترض أن يعرض المؤتمر دور منطقة الشرق الأوسط، ليس كمنطقة حروب وصراعات مستمرة، ولكن كمنطقة تبدأ منها عمليات جديدة لبناء السلام والتعاون، ولكن في النطاق العالمي.

شاهد أيضاً

جهاز أمن مطار رفيق الحريري في بيروت يوقف طائرة تحمل عبارة “تل أبيب”

المديرية العامة للطيران المدني في لبنان تطلب من طائرة تابعة للخطوط الجوية الأثيوبية إزالة عبارة …