حوار في الثقافة والسياسة اعده وقدمه الإعلامي د. وسام حمادة لفضائية الإتحاد عبر برنامج 24/24

في زمن العولمة والإعلام المرتهن وترسيخا لمفاهيم الثقافة والمعرفة الراقية والتي تعيش غربتها القاتلة تعيد مجلة كواليس وموقعها الإلكتروني نشر لقاءات ثقافية وسياسية كان قد أعدها وقدمها لفضائية الإتحاد الإعلامي د. وسام حمادة عبر برنامج 24 /24
ولقاء العدد مع الراحل الشاعر والباحث السياسي بلال رفعت شرارة والذي برحيله خسرت الحركة الثقافية في لبنان ركنا أساسياً عز علينا فقده المبكر…

الضيف: “بلال شرارة” كاتب وباحث سياسي

عنوان الحلقة: بين السياسة والوجدان

الإفتتاحية: عمل غنائي بعنوان “عدوكم أمامكم”

كلمات الشاعر: بلال شرارة 

ألحان وغناء: د.وسام حمادة

نص القصيدة:

عدوكم أمامكم

فماذا عن يمينكم وماذا عن يساركم

وماذا عن جهاتكم وماذا عن سمائكم 

وماذا عن صباحكم مسائكم وليلكم

وماذا في أحلامكم سوى عدوكم 

عدوكم فيما أرى يجتاح ماءكم  

يجتاح ضوء الشمس في عيونكم 

يجتاح نخلكم ورملكم ونفطكم وزهركم ونحلكم

والمعلقات السبع في قلوبكم

عدوكم من حولكم يجتاح ماءكم  

عدوكم من حولكم يزهو على جبالكم 

يجرح الآهات في وديانكم

يمتد في سهولكم وقمحكم وخبزكم وملحكم 

ما دام إلا ظلكم يمشي كسيرا خلفكم

عدوكم أمامكم عدوكم أصنامكم

فحطموا الأصنام وليس خلف خلفكم    

سوى بحر من الأوهام 

د.وسام: ضيفي اليوم فدائي عتيق، حمل بين كفيه شتى أنواع الأسلحة، حمل البندقية من أجل تحرير فلسطين وحماية لبنان وجنوبه، وحمل القلم من أجل تحرير الثقافة من كل غازٍ محتل، آمن بأن الحرية لا تتجزأ وأن حرية الوعي هدف يجب السعي من أجله ليكون لحرية الأرض حصانة ومناعة، بوصلته وإحساسه لم يخوناه، حدّد العدو وحدّد وجهة الصراع ووسائل الإنتصار.

أُرحب بضيفي العزيز الفدائي العتيق الشاعر بلال شرارة، أهلاً وسهلاً بك أستاذ بلال.

الضيف: شكراً وأهلاً وسهلاً بكم.

د.وسام: ولنتعرف أكثر على شخصية ضيفنا الكريم نتابع سوياً هذا التقرير، نسلط الضوء من خلاله على جزء من شخصيته ومن حركته التاريخية من أجل الإنسان والوطن والكلمة.

التقرير: 

الشّعرُ لمعةٌ خيالية.. يتألق وميضُها في سماوات الفكر .. فتنبعث أشعّتها إلى صحيفة القلب فيفيض نوراً يتصل خيطه بأسلّة اللسان… 

الشّاعر بلال شرارة كاتبٌ وشاعرٌ وسِياسي …هو أحد المناضلين في العمل الفدائي من أجلِ تحرير فِلسطين… وُلد في قرية بنت جُبيل جنوب لبنان… 

يجاهر بلال شرارة الفدائي العتيق، بانتمائه لفلسطين ولقضيتها منذ اكثرمن 44 سنة . يرىِ فلسطين في عينيه ووجدانه وقلبه،عشق ترابها وحصل على جنسيّتها وحلمه لم يزل هو بيت المقدس … 

يهدي شرارة جنسيته الى الشهداء ” الاخضرالعربي،والحاج خالد بزي، وكل الشهداء الوطنيين. 

من أبرز كتبه : الوادي , وبرج التّين , ونقطة أوّل الشّعر, وله قيد الطّبع دفتر خرطوش , وله كُتبٌ ذات طابعُ سياسي أبرزها : قانا وأخواتها ,والعودة إلى سوريا.. وتركيا وإسرائيل: أسئلة وأجوبة قلقة والحرب من أجل بنت جبيل 

الشاعر بلال شرارة.. رئيس و مؤسس للحركة الثقافية في لبنان وهو مدير عام للمركز العربي للتدريب البرلماني والدراسات التشريعية ورئيس الشؤون الخارجية في مجلس النواب اللبناني

رجُلُ الحكاية… ولعصى موسى حكايةً مع خطواتِ بلال شرارة….

لأننا نحن شعراء محكية وليس عامية، لا يخرج الشعرمنا كما يخرج الحاوي الثعابين من ياقته، ولسنا قوالين ولا زجالين

د.وسام: بداية إسمح لي أن أسألك سؤالاً يتعلق بالقصيدة التي سمعناها منذ قليل “عدوكم أمامكم” وهي من كلماتك.

أما آن لهذا المواطن العربي بعد كل هذه الفوضى الهدامة التي تمر بها المنطقة أن يعرف هذا العدو وأن يُحدد وجهته؟

الضيف: صحيح، على كل الذين يخوضون الحروب الصغيرة أن يتطلّعوا أمامهم وينظروا إلى مرآتهم وإلى حالهم وإلى ما بداخلهم، وأن تُوجَّه كل البنادق باتجاه عدو واحد، كفى قتلاً لأوطاننا بالطريقة التي نشاهدها.

وأغلب هذه العواصم والأماكن التي تمر بهذه الأزمات أعرفها شخصياً وأعرف أناساً فيها، لذلك أشعر بالتشتت نتيجة القلق على أصدقائي بغية الإطمئنان عنهم من جهة وبالألم على من فارق الحياة منهم نتيجة هذه الصراعات من جهة أخرى، فأنا لا أعرف ماذا أصاب صديقي عبد الجليل الزيات في حلب، وهناك أصدقاء من الشعراء السوريين في لبنان ماتوا ومنهم من بقي على قيد الحياة، ولكن هناك من لا أعرف شيئاً عن مصيرهم، ومنهم شخصيات ثقافية، بالإضافة إلى حال المواطن العربي في أي بلد كان وماذا أصابه في ظل هذه الحروب.

فهؤلاء الضحايا الذين سقطوا حتى هذه اللحظة، ماذا لو سقطوا أثناء معركة من أجل فلسطين كان الأمر مختلفاً وعدد الضحايا اقل.

طبعاً من حق الناس المطالبة والمشاركة من أجل تحصيل حقوقها، ومن حقها أن تحصل على شرعة وطنية لحقوق الإنسان في كل وطن، وهذا حق طبيعي ولا أحد يستطيع أن يناضل دون أن يكون شريكاً في صناعة حياة الدولة والمجتمع في بلده، ولكن ليس من الضروري أن تكون المطالبة بالعصا والكرباج، لأننا ندور في دوامة لا تنتهي، ولو أن هذه الثورات تنتهي بإطاحة الأنظمة فقط لكان الأمر بسيطاً، حتى وإن أطاحت بكل الأنظمة لا يهم، ولكن دوامة العنف مستمرة دون الإشارة إلى النهاية.

وحين كنا صغاراً تعلمنا من أهلنا أموراً وورثناها أباً عن جد، (أن فتنة الشرق ستدخل كل بيت، القاعد فيها خير من القائم) لهذا أنا واحد من القاعدين، أنا أنظر بألم، ومازلت أستضيف وفوداً في قريتي بنت جبيل وأصطحبهم إلى مارون الراس ليروا فلسطين، وأقول لهم هذه فلسطين ونحن يجب أن نكون هناك، فمن الواجب أن تكون القدس محفورة في الذاكرة وكذلك الخليل ومسجدها وغيرها.

د.وسام: هل مازال أحد من هذا الجيل يتذكر شيئاً إسمه فلسطين بعد أن شغلته الصراعات الطائفية والمذهبية؟

الضيف: هنا يأتي دور المثقفين، وهذه إحدى الأمور التي تحصل ولها آثار سلبية على الحركة الثقافية العربية.

د.وسام: وقد تكون آثاراً تدميرية وليست سلبية فقط.

الضيف:  من الذي أنتج هذه الحروب ومصطلحاتها، ومن الذي أنتج ما نسميه الإسلام السياسي وغيره، وأين كانوا.

في السنة الماضية توقفت عن الذهاب إلى مقاهي الحمراء إلا من النادر، لأنني ذهبت ليلتين متتاليتين وكان النقاش عن تاريخ الوشم، فماذا يعني تاريخ الوشم إذا كان قبل خمسة آلاف سنة أو بعد خمسة آلاف سنة.

د.وسام: إلى هذا المستوى أصبح النقاش بين المثقفين!

الضيف: وأيضاً مستحيل أن نقبل بأن يكون الموت أعداداً للقتلى بالنسبة للمثقف، أي أن المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر أنه مات ثلاثون في حمص أو في أي منطقة أخرى، ولا أدري أي مرصد ذكر عن موت عدد من الأشخاص في العراق، وفي اليمن وليبيا ومصر وفي لبنان بمنطقة عين الحلوة.

د.وسام: أصبحنا عدداً؟

الضيف: لقد تحولنا إلى جبانة موتى، وبقي علينا أن نضع أمامنا خريطة الوطن العربي ونقرأ الفاتحة وانتهى الأمر.

د.وسام: برأيك أستاذ بلال ما هي العصا السحرية التي أوصلت هذا المثقف إلى هذا الدرك بحيث أنه يعمى عما يجري حوله، وقد كان تاريخياً اللاعب الأساس في حركة الشعوب؟

الضيف: علينا إعادة إنتاج مصطلح المثقف، وأن نُحدد من هو المثقف.

د.وسام: أي أنها أزمة عنوان؟.

الضيف: نعم، برأيي هناك مجموعة أشخاص مُنتَجين، وهم جزء من هذه الحالة، وكما نتكلم عن النظام ومعارضته يجب أن نتكلم عن ثقافته، عن الثقافة الموجودة في الشارع، وعن وسائل الحياة كالتجارة وغيرها، قبل أن نتكلم عن إيقاظ المشكلات النائمة، ماهي المشكلات ومن افتعلها ومن أسس لها، من الذي أبعدنا عن خط التماس مع العدو الإسرائيلي، ولم نعد نحن دول الطوق وأصبحنا لا ندري من أين نطوق العدو ولا نعرف خط التماس أين هو وأي قرية تتقاتل مع الأخرى وأي عائلة أو عشيرة أو طائفة أو مذهب يتقاتل مع سواه.

د.وسام: كَثُرت خطوط التماس وابتعدنا عن خط التماس الأساسي؟

الضيف: صحيح كَثُرت الخطوط، وأنا أعتقد أن الذي حدث حتى الآن أن أهم ثقافة صنعتها الحرب غير الموت، هي أن العربي أصبح يعرف ويحفظ أسماء مناطق كان يجهلها، كغربي صنعاء وعدن ومأرب والكثير من المدن.

د.وسام: ومدن وقرى في سوريا لم نكن نسمع بها؟

الضيف: نعم بات يسمع بأسماء قرى وأشخاص أيضاً، كان في السابق ممنوع عليه سماعها، فالإذاعات العربية تتكلم عن كل زعيم من استقبل وودع وماذا حمّل وفتح رسالة وغير ذلك، أما الآن أصبحنا نسمع عن الناس ونعرف بعضنا ولو عبر الشاشات أو نعرف بعضنا قتلى وجرحى، جيد ولكن يكفي، ليس المطلوب هدنة رمضانية، المطلوب إيقاف الحروب الداخلية، لا نريد وقف إطلاق النار بل نريد إيقاف الحرب.

د.وسام: لعلنا نجد في جعبتك دعوة لإيقاف الحرب أو أي إختيار من كتاباتك الشعرية، لأنني وعدت الكثيرين من الأصدقاء بأن نسمع في هذا اللقاء نصاً شعرياً مميزاً من شخص مميز وفدائي عتيق؟

الضيف: كنت قد كتبت عن هذه الحالة التي نحن فيها ولم أكتب كيف تنتهي، وأعتقد أنها تحتاج إلى مفاجأة وإلى وقت، كما في لحظة من اللحظات انطلق صلاح الدين وقاد الفلاحين المصريين من الغيطان وقَدِموا إلى هنا ليقاتلوا الحملات الصليبية، وكذلك الظاهر بيبرس حين قاد الفلاحين ليهزم التتر في أطراف سيناء، نحتاج إلى شخصية مفاجئة وحدثاً مفاجئاً، وأنا لا أعرف أن أنتجه.

د.وسام: هل من المعقول أن تبقى هذه الأمة دائماً في حالة من الإنتظار؟

الضيف: طبعاً، ماذا أقول لك، هل أقول أننا سنعيد إنتاج الثقافة، فهذه تحتاج ربما إلى عشرات الفضائيات وإلى أشخاص يفقهون الكلام، أي أنهم يتكلمون لغة الغد وليس لغة الأمس، أي لغة القتل وفلان تقاتل مع فلان وعلينا أن نأخذ بالثأر، على طريقة الأفكار التي كانت توضع في القصيدة، إذ قالت أم عصام لإبنها لماذا القعود إذهب وخذ بثأر أبيك من الذين قتلوه.

فنحن نحتاج أماً تقول أنه نريد حلاً للمشكلة، صحيح أنه قُتل شخصٌ ما في لحظة وفي زمن ما، ولكن نريد حلاً لهذه المشكلة وألا تستمر إلى ما لا نهاية.

د.وسام: طبعاً لأن المشكلة تجرّ المشكلة؟

الضيف: بالظبط، وتصبح القصة هل دقّ ذنب الكلب أو لم يدقّ وتستغرق وقتاً طويلاً يذهب ضحيته الكثير من الناس.

د.وسام: هذا صحيح.

هل يمكننا سماع شيء من هذه الجعبة التي ننتظرها.

الضيف: أريد أن أقول شيئاً عن رؤى كنت قد نسبتها للسيد المسيح عليه السلام، لأنه أتى من الجليل في فلسطين إلى قانا، وأنا اعتبرت أنه مرّ في الوادي بالقرب منّا.

قال الوادي ما قال السيد للتينة شيئاً

بل باركها فالموسم لم يدخل بعد

قال الوادي قال الراوي قال أبو شادي

أعرف أنك تعرف ما لا نعرف

قد وشوشك السيد تحت التينة

أسراراً عن أزمنة قادمة

هو ذا أنت الآن الجالس في نفس المطرح

أخبرنا

قلت يقول السيد حين يصير الوقت ضريراً

وعبّاد الشمس يميل بعكس الشمس

وعيون الماء تفور بقلب الأرض

الأرض تميد لولا أن منازلنا

بُنيت فوق الصخر انكسرت

في تلك الساعة قلت يقول السيد

أن الأشجار إذا انهزمت عنها طيور الدوري

عدا أشجار الزيتون الرمان

انتبهت من كبوتها أدانت أغصان التين

لبست ثوب الأوراق

إعرف أن الصيف قريب

قلت يقول السيد والله أعلم

إن صار الصيف قريباً

صار الوقت على الأبواب

ستشتعل النار بأطراف المدن الشرقية

والموت يقيم على الطرقات

ستزول الأرض وتحترق الشمس

وينسكب البحر على أقدام العرافين

لم يبقى من بر الشام سوى التينة

مشنوق فيها يهوذا

يبقى أيضاً طفل مكسور الخاطر

يتكلم مثل نبي في المهد

ومولود في برج التين.

د.وسام: أحسنت، لمن لا يعرف الوادي، هو مكان حميم جداً لدى الأستاذ بلال وكان لي الشرف أن زرته، وهناك يأخذ قيلولته ليطلق العنان لفضاء أفكاره.

مع الأسف أستاذ بلال هذا واقع علينا أن نتصدى له بأية طريقة وكل واحد من منبره، اليوم هناك من يُحمّل هذه الأزمة إلى الناس ومنهم من يُحمّلها إلى النظام والبعض يُلقيها على عاتق المثقفين والنُخب، وقد انتهى بنا النقاش مع أحد ضيوفي الأعزاء إلى أن المسألة وحده متكاملة وسلة واحدة.

الضيف: طبعاً هي سلة واحدة، ونحن نتكلم عن النظام العربي وليس النظام في القطر الفلاني.

د.وسام: سأعود إلى الشعر، الشعر الذي نسمعه الآن هل هو ناتج عن ترجمة لهذه الأحاسيس أم أنه أصبح صنعة أو حرفة؟ واليوم من هو الذي يُمثل الشاعر الحقيقي في ظل هذا الصخب الذي طغى على كل أنواع الفنون كالأغنية واللوحة والرواية؟

الضيف: أنا اليوم أهديتك عدداً من مجلة مقاربات الصادرة عن الحركة الثقافية فيها سلة كاملة من الشعراء لا أدري كم هو عددهم، هم عشرات وطبعاً لن يكفيهم عدداً ربما يحتاجون إلى أعداد، وأنا أقول أن هناك شعراء محترفين مثل لاعبي الكرة المدفوع أجرهم، وأصبح الشعر حرفتهم وهم يكتبون نصاً جميلاً، وهذا النص مصنوع أو محبوك، لا أريد أن أدخل في هذا الموضوع، وهناك شعراء مختلفين عنهم، يمشون على الأرض ويتأملون الشجرة والتينة والدوري والعصفور والبلبل، ويشاهدون الموت والحرب عبر قراءة الأخبار، أي أنهم لا يتابعون فقط أعداد القتلى وحركة العسكر وكيف خرجوا من هذا المكان أو ذاك، أو ماذا فعل النظام والحشد الشعبي، وبماذا قامت المعارضة، الحرب دوامة لا تنتهي والشعراء جزء من حياة الدولة والمجتمع في كل مكان، وإن لم يكونوا جزءاً مشاركاً في إنتاج حياة الدولة والمجتمع ومشاركاً يومياً في حركة نشر الوعي أو النقد للوعي السائد، فهم شعراء رسميون وليسمحوا لنا، أنا أتكلم عن الشعراء غير الرسميين، ولا بأس هذه الميليشيا الشعرية بقيادتي، نعم نحن ميليشيا شعرية وأناس لنا علاقة بالناس، ليس بالذي نكتبه بل بما نشعر، نحن لا نقول لهم نحن هم.

د.وسام: تاريخياً النص هو الذي نقل المعاناة والأفراح وهذه الأحاسيس التي لا يستطيع المتلقي أن يُعبّر عنها، والمفترض بالشاعر أن يُعبّر عنها بموهبته، وهذا كان دور الشاعر، أما اليوم نجد العكس تماماً.

الضيف: هناك أشخاص يُعبّرون عنها وهم جالسون في القهوة، تراه يكتب على الطاولة، وهناك من هم أمثال الأبنودي، حيث كان يذهب للجلوس على القناة أثناء حرب الإستنزاف أو مع العمال حين كانوا يعملون في السد العالي، ويكتب ما يرى ويتكلم عن الذي يعرفه.

د.وسام: لذلك تشعر أن القصيدة هي اللوحة.

الضيف: صحيح، وبالطبع أنا لست عدواً للذين يكتبون على الطاولة.

د.وسام: نحن لا ننصب العداء لأحد نحن نُقارن.

الضيف: هذا مؤكد بالإضافة إلى أنهم يكتبون نصاً جميلاً.

د.وسام: وأحياناً مُتقن ولكنه لا يوصل الفكرة وتشعر وكأنه يتكلم عن عالم آخر.

الضيف: وكما قال الشاعر أن الكلام إذا لم يكن مثل الأقراط التي تتعلّق في الأذن فهو غير مُجدٍ، كأن تستمع له في أمسية وتمشي.

د.وسام: في هذا الزمن وحسب مشاهداتك ولقاءاتك ومشاركتك في عدد كبير من المهرجانات في لبنان أو خارج لبنان، هل مازال الشعر يلعب دوراً؟ وهل نستطيع نحن كمثقفين المتابعة والإهتمام بهذا المجال لأن مساحته التفاعلية مع الناس حقيقية؟

الضيف: في قصيدتي التي أهديتها للشاعر محمد مهدي الجواهري رحمه الله كتبت، (بعدو الشعر عم ينكتب تهريب وعم ينقرا تهريب) لماذا قلت هذا، لأن محمد مهدي الجواهري أتى إلى لبنان أثناء إقامة المعارضة العراقية مؤتمرها سنة 1990، وكان له إسم على الحدود وقد دخل تهريباً ودخل شعره أيضاً تهريباً.

د.وسام: كالكثير من الشعراء والفنانين.

الضيف: وحتى حين أجريت معه مقابلة أعتبرها ما فوق الأدب، وكنت لا أزال أعمل في الإعلام، وانتبه للمسجل وبدأ يضع يده على الضوء، وبعدها سمح لي بالتسجيل لأنه يحب آل شرارة، فهذا اللقاء كان عبارة عن عملية تهريب.

فالشعر وصل ومازال يصل، وأنا أدرك مدى تأثير النصوص التي كتبها عبد الرحمن الأبنودي رحمه الله، وأحمد فؤاد نجم رحمه الله، وأطال الله في عمر صديقنا المير طارق فقصيدته عن “السي مرسي” ترددت آفاقها في ميدان التحرير.

د.وسام: أطلقوا نظرية وحاولوا إقناعنا بها دائماً أن هذا الضجيج هو مطلب الناس، وأنا من المؤمنين بعدم صحة هذه النظرية وأن الناس ليسوا كذلك.

الضيف: سأتكلم عن تجربة أنت جزء منها أستاذ وسام، نحن نتميز عن بقية الشعراء بأننا نقصد الناس ونحن من يذهب إليهم، أي أننا لا نقيم أمسية للشاعر الفلاني في المكان الفلاني ونُرَوّج للحضور ولا يأتي أحد.

ومنذ أيام أقيمت أمسية في أنطلياس تكريماً لروح المرحوم الشاعر سعيد عقل، فكان الحضور إثنين وأربعون أو ثلاث وأربعون، وهذا العدد قليل جداً، لذلك أقول لكبار الشعراء أنه علينا أن نذهب نحن إلى الناس ونقصدهم في مدنهم وقراهم، ففي منطقة الجنوب جنوبي “قاطع النهر” كما نسميه، تقام الأمسيات الشعرية كل يوم في مكان، من الليطاني إلى العلية ولدى الحركة الثقافية في صور وفي بنت جبيل وفي بيوت وأماكن متعددة وأذكر من تلك البيوت بيت أبو عصام سعد رحمه الله الذي كان يقيم الأمسيات باستمرار.

وهكذا يصبح بالإمكان لكل واحد منا أن يصطحب زوجته ويذهب برفقتها لسماع نصٍ جديدٍ من الشعر الجميل.

د.وسام: هل للإسم دور في عالم الشعر؟ وهل هناك نجومية في الشعر كما هي في عالم الفن؟

الضيف: في أغلب الأحيان يكون للإسم دوراً، فحين كنا نقيم مهرجاناً سنوياً للشعر العربي على المسرح الروماني في صور، كنا نعلن للناس عن أسماء الشعراء لأنها تثير إهتمامهم أخص القامات الكبيرة أمثال جوزيف حرب رحمه الله وعبد الرحمن الأبنودي رحمه الله، وعبد القادر حصني أطال الله في عمره وباسم عباس وغيرهم من لبنان.

د.وسام: هذا دليل أن الناس تحتاج إلى القصيدة وتهتم بها.

الضيف: طبعاً، ولكن هناك أمراً، وأنا أُتابع الشعراء، ففي آخر مهرجانات الزجل التي أقيمت في صور على المسرح الروماني، كنا (نركب بنايات) كما يقال بالمحكي، أي أننا كنا نجلب الجمهور ونستعيره بالرجاء، وأنا أتذكر آخر مرة حضر فيها السيد محمد مصطفى على المسرح الروماني في صور، كان هناك بدلة تُطلّ على المنبر كالشبح، لأن بُنيته بدأت تضمحل، وكأن الزجل يعاني وهو في آخر أيامه، قد تجد جمهوراً للزجل وبشكل خجول في وادي شحرور وبليبل وبعض المناطق، وطبعاً بفضل النشاط الذي تقوم به نقابة شعراء الزجل، ولكن الزجل كاد يضمحل، فاللغة العربية كادت أن تصبح لغة ميتة.

د.وسام: للأسف مع أنه في الستينات والسبعينات وحتى في الثمانينات كانت اللغة العربية في أوجها.

الضيف: صحيح ولكن الحال تغير، حتى أن الأونسكو صنفت اللغة العربية من اللغات الميتة، فاللغة الحية اليوم هي لغة التجارة.

د.وسام: ولغة السياسة.

الضيف: نحن لغتنا لغة القصيدة والكلمة الجميلة.

وهنا أريد أن أقول للناس وللشعراء خاصة أنه علينا أن نكون عصريين ولمصلحة لغتنا، اليوم هناك تكنولوجيا فيها وسائل للتواصل كالفيسبوك والتويتر وهي أماكن يمكننا أن نوصل للناس عبرها كل ما نريد، أي أننا نستطيع نشر ثقافتنا عليها، ولا يلزمنا سوى ملقط ونصّ لتكون هذه المواقع منشراً ألكترونياً لثقافتنا.

د.وسام: هذه الوسائل التي اخترقت كل حواجز البيوتات والثقافات، هل استطاعت هذه النُخب وهل إستطاع المثقفون الإستفادة منها ومنالتكنولوجيا عموماً حتى هذه اللحظة؟

الضيف: لا ليس الجميع.

د.وسام: برأيي تلعب هذه الوسائل ، وحتى هذه اللحظة دوراً سلبياً يفوق دورها الأيجابي بأشواط.

الضيف: الكثير من المثقفين لم يستوعبوا هذا التطور سواء كانوا شعراء أو فنانين، فما معنى الصوت الصارخ في البرية حسب ما قال يوحنا المعمدان، الصوت الصارخ هو الذي لا يقف على حاجز ويستمر في السير ليسمعه كل الناس، فالصوت لا يحتاج إلى تذكرة هوية، ولا يقدم تبريراً لأحد.

د.وسام: الصوت يجب أن يكون حراً طليقاً.

الضيف: عليه أن يتكلم ليسمعه الآخرون وأن لا يُلقي اللوم على أحد.

وهنا أقول نصاً صغيراً بالمحكية.

سرك بعبّي وعبّي أنا قصبة

دك بالقصبة حكي سكوتك ذهب بعرف

بس العتب أنو القصيدة النايمة 

متل العنب معصور بالجرة

صار الوقت يمكن تنكسر الجرة 

ونترك عصافير الحكي تحكي

د.وسام: أحسنت ، مع هذه القصائد التي تغنيها العصافير سنكمل حوارنا الشيق مع الشاعر بلال شرارة الفدائي العتيق.

هناك إتهام دائم للثقافة إذا كان صاحبها يملك أيديولوجيا معينة فكرية أو سياسية تحديداً أو حزبية بأنها تعيق الإبداع، أي أنها تَحِد حركة هذا المبدع في إطار ضيق، هذا مع علمنا أن الفضاء الثقافي يحتاج إلى مروحة واسعة جداً لا تحدها القيود.

ما رأيك بهذا الإتهام؟

الضيف: هناك خلط في ما يتعلق بهذا الموضوع، فكل تنظيم مُكون من ثلاثة أمور، وهوأيديولوجيا أي أنه مشروع فكري وسياسي وتنظيمي، وعلينا أن نعرف هذا الإتهام إلى أين يتوجه، إذا أيديولوجيا فهو يقرأ كتاب فالأيديولوجيا كُتب سواء قرأ الذي كتبه لينين وهو في القطار أو قرأ ما كتبه الإمام الصدر، هو يقرأ لغة ومن ثم معنى ومعرفة، وفي المشروع السياسيأي شاعر لا يعرف جغرافيا سياسية عليه أن يترك هذه المصلحة، فما الذي سيُقدمه لنا!

د.وسام: لذلك الشعر هو المساحة العامة.

الضيف: أنا لست مع الشعر السياسي، أنا مع الشعر ولكنك تجد في الشعر سياسة وحياة ومرأة ومجتمع ويجب أن يتضمن حركة الناس ليشعر المرء أثناء قراءة القصيدة أنه يمشي في مظاهرة أولها يهتpف ناصر ناصر وآخرها يُطالب بتأمين طاولات لمهنية القرية.

د.وسام: جميل، أستاذ بلال وأنت المناضل المتجدد دائماً، وكما ورد في التقرير أنك حملت البندقية والجراحات وحملت الريشة والقلم والفكر، وناضلت من أجل قضية مركزية ومازلت حتى هذه اللحظة تعتبرها المفصل الأساسي في ظل كل هذا الصراع في المنطقة، وأعني فلسطين والإحتلال الإسرائيلي لهذه الأرض المقدسة، أين فلسطين اليوم من بلال شرارة؟

الضيف: فلسطين مازالت في داخلي، تربيت عليها ورضعتها مع الحليب وتعلمتها أول أغنية حين أمسك عمي بيدي وأخذني إلى مطل عيترون وأخذ يشير بيده ويقول لي، ذاك مرج بني عامر وتلك الجليل، وكان الضباب يلف المنطقة ولا أرى سوى الغباش وأنا ولد صغير، وراح يعلمني الأغاني، (يا ماما قولي للبابا يشتري لي بارودي يعبيها ويخبيها وقوص فيها اليهودي) ومازلت أذكرها وقد كنت طفلاً وبقيت راسخة في رأسي وسكنت في قلبي، وبعدها أصبحت أتردد إلى هناك حيث كان محمد رشيد رحمه الله يقول هذا بئر صلحا ويؤشر بيده ونحن نراها بالعين ولكن لا نستطيع أن نلمسها، وكنا نذهب إلى سهل مارون أنا وأحد أصدقائي -ولن أسميه الآن لأنه في أميركا- لنسرق التفاح من المستوطنات حين كنا أطفالاً.

أما اليوم فالألغام والقنابل العنقودية تنفجر في الناس الذين يقتربون من تلك المناطق.

فلسطين ليست خبرية، يجب أن يعرفها المرء ابتداءاً من المساحة لأنه لا يوجد مكان في فلسطين لم يرتكب فيه العدو مجزرة سواء من الهاغانا وصولاً إلى الجيش الإسرائيلي اليوم، هناك تراب مجبول بالأرواح، فلسطين روح تتجدد وهي قضية، وليست لأنها القضية المركزية على الطريقة العربية من إعطاء الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، لا في النهاية ستعود كل فلسطين ويأخذها أهلها.

د.وسام: مؤمنٌ أنه سيأتي هذا النهار ونأخذها؟

الضيف: طبعاً طبعاً، وأنا أتذكر أنه في العام 1995 تكلم الرئيس بري في إحدى المناسبات التي أقامتها نقابة أطباء الأسنان في صور، عن القرار 425 وتنفيذه عند تحرير الجنوب. وقد كنت ألتقي بتيمور غوغسل كل نهار جمعة حين كان الناطق الرسمي باسم قوات الطوارىء، وقال لي حينها ليس هناك أحد سوى أنت وصاحبك تتكلمان عن القرار 425 مع أنه هو موجود لأجل هذا القرار، قلت له سيُنفذ، ونُفذ على أيدي المقاومة وأبطال الجنوب وشعب الجنوب وكل الشعب اللبناني طبعاً بكل طوائفه ومدنه وبلداته وقراه ودساكره، والآن لدينا القرار 1701 سننفذه أيضاً، كما أقيم الخط الأزرق في البر نريد أن نقيم خطاً أبيض وقد يكون الخط الأبيض المتوسط في البحر، سنأخذ حقوقنا وفلسطين ستعود، ولماذا لا تعود.

د.وسام: وأنا من الناس المؤمنين بأن هذا اليوم سيأتي.

الضيف: لن تنجح هذه المشاريع، وآخر مشروع وهو الأمن الإسرائيلي مقابل ميناء عائم على مياه ضحلية، وأنصح كل الناس أن لا يعيشوا الوهم وأن فلسطين لا تصح بدولة غزة ودولة رام الله، فلسطين فلسطين إسمها فلسطين، يكفي هراء واختلافاً على هذه الحكومة وتلك  وتقديم الحلول الميتة، وأعتقد أن هناك قضايا مفتعلة لنختلف، وأحذر أيضاً بأن لا تَدَعُوا أحداً يستخدم مخيمات لبنان ضد جوارها اللبناني، فليحمها بقلبه، نحن متنا وعشنا ومازلنا مستعدين للموت والعيش لأجل فلسطين، ولكننا لن نُبدّل النبطية بنابلس ولا صور بغزة، لن نُبدّل مدننا وسنحافظ عليها وعلى مدن فلسطين، نحن مع مشروع فلسطين ولسنا مع مشروع فلسطيني، هذا أنا وهذا الكلام تعلمته من خليل الوزير رحمه الله ومن راجي النجمي رحمه الله وتعلمته من قيادات استشهدت.

وقد كان أبو جهاد يُحذرني ويقول لي يا بلال سيأتي يوم ينقسم فيه كل شيء على إثنين حتى بني آدم، حينها كنت صغيراً ولا أعرف ولكنني الآن كبرت وأصبحت أعرف ذلك ورأيته ولمسته.

د.وسام: والآن نحن ننقسم كل واحد على إثنين.

الضيف: قال لي ذلك واليوم هناك أماكن في العراق انقسمت على ثلاثة وفي سوريا على أربعة ولا أعرف في ليبيا على كم عدد انقسموا، أسأل الله أن يسترنا من الآتي ومن مازال مختبئاً للدول العربية الباقية الله يحفظها ويحميها.

د.وسام: آمين، على أمل أن يتطور هذا الوعي العربي إلى مستوى يستطيع به حماية حقوقه وإعادة البوصلة إلى مكانها الصحيح وأعني فلسطين، وليس علينا إلا أن نستمر بهذا النضال رغم كل هذه السوداوية، فمازالتهناك نقاط بيضاء ساطعة في عالم الثقافة أو في عالم المقاومة أو في عالم الوعي، تبقى المسألة مسألة تجميع لهذه القوى.u

الضيف: علينا أن نخترع وسائل إضافية.

د.وسام: أعتقد أن أحد هذه الوسائل التي أحب أن أتكلم عنها هي تلك المؤسسة التي منذ التسعينات أنشئت وكانت حلماً لبلال شرارة أطلقه لإيمانه بأنه يجب أن يكون لدينا حركة ثقافية على مستوى لبنان وليس على مستوى منطقة معينة، لذلك أنت أطلقت الحركة الثقافية في لبنان والتي أدّت دوراً فاعلاً جداً ضمن إمكانيات معينة، وأحياناً ما تقوم به المؤسسات تعجز عنه دولة أو غائبة عنه أي دولة.

أين الحركة الثقافية في لبنان اليوم؟

الضيف: اليوم بالتحديد كنا نقوم بعدة إتصالات مع الأصدقاء لنجمع بعض التموين للفقراء في شهر رمضان، مع العلم أنها ليست من إختصاصنا، فالحركة الثقافية تعمل على نشر الوعي الثقافي وهي منبر مهمته أن ينشر وعياً ثقافياً أو دستورياً وقانونياً أو تجارياً وزراعياً وصناعياً وفنياً.

د.وسام: وهذا النشاط جديد!

الضيف: لا ليس جديداً، نحن في كل عام نقوم به.

د.وسام: أقصد أنه جديد على عالم الحركات الثقافية.

الضيف: نحن نعمل على هذا المشروع، وطبعاً هناك سهرات رمضانية ولا أدري متى يأتي إتصالٌ لإقامة سهرة في أي قرية، ونحن بصدد هذا النشاط، كما أننا نُهيء لمؤتمرنا في تموز الذي نعقده في كل عام وبعدها سنقيم مهرجاناً شعرياً عربياً وسنسميه دورة عبد الرحمن الأبنودي تخليداً لذكراه، وفي العام المقبل ستكون دورة جوزيف حرب وفي العام الذي يليه دورة زهير غانم، فكل دورة ستكون باسم أحد شعراء العرب.

الحركة الثقافية هي نواة لحركة ثقافية في العالم العربي وليس فقط في لبنان، وهي على مساحة الوطن العربي، وقد بدأنا نتحرك مع رموز وأشخاص لكي ننقل لهم تجربتنا ونحاول العمل معهم، وإلا فالنظام العربي مستمر بهذه الحروب الصغيرة والكبيرة وبتدمير المدن، وأنا قلق على المتنبي في حلب أن تصيبه هذه الحرب ويُقتل مرة ثانية، أقول لهم اتركوه، واتركوا له مكاناً يختبئ فيه، لا تقصفوا كل الأماكن، وكذلك بالنسبة لديك الجن في حمص أو أي أحد، فلم يعد هناك مساحات لتستقر الكلمة وتزدهر، الآن هناك مكان للغة الرصاص والقناص والبارودة الجديدة.

هذه اللغة سادت في لبنان سابقاً حين كان المسلحون يتباهون بنوع أسلحتهم ومواصفاتها.

د.وسام: اليوم تغيرت التسميات وبقي المشهد واحداً ولكنه بشكل أوسع للاسف.

الضيف: صحيح، ولكن بفارق الأسلحة الجديدة وأنواع من الذخيرة الناعمة أوالخشنة لقتل الناس، لذا علينا أن نجد وسائل جديدة للنضال.

د.وسام: أنا أعتقد أنه بإمكان الحركة الثقافية بإشرافك وبفضل الشباب المحيطين بك أن تترك بصمة حقيقية وخاصة أنها انتشرت على مساحة هذا الوطن وخاصة أن لديها علاقات مع كل الوسائل التي تعنى بالشأن الثقافي، ويكفيها شرف أنها قدّمت مركزاً ثقافياً حراً في عاصمة الجنوب بنت جبيل أعتبره منبراً حقيقياً للثقافة المحايدة لغوياً ومرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالناس وبآمالها وأحلامها.

الضيف: إن شاء الله ونحن نأمل من الجهات الداعمة للثقافة المبادرة لاستكمال بناء هذا المركز، فمازال هناك الجزء الثالث منه قيد الإنشاء، قمنا بعمل الأساسات والمسرح والمُدرّج وبقي السقف والجدران.

في السابق قام الناس بالمبادرة لتجميع المال من أجل حفر بئر للمياه في بنت جبيل، جُمعت الأموال ولم يُحفر البئر.

د.وسام: أعتقد أننا إذا حفرنا أساسات لمركز ثقافي لا يقل أهمية أبداً عن بئر للمياه.

الضيف: طبعاً، فالذي لا تقطع به الكلمة لا يقطع به السيف.

د.وسام: سأنتقل للحديث قليلاً عن شاعر أحببناه ويستحق أن نخصص له لقاء وهو الشاعر عبد الرحمن الأبنودي والذي كان لك الفضل بأن أتعرف عليه عن قرب، وأعلم أنه كان لديه علاقة شخصية بك وبكل أعضاء الحركة الثقافية.

كم ترك فقدان هذه الهامة أثراً في زمن نشعر وكأنه يتساقط فيه كل الكبار ومع الأسف إيجاد البديل في شيء من الصعوبة في مكان ما؟

الضيف: هذه الهامات ليس لها مثيل.

د.وسام: وهذا الواقع محزن.

الضيف: حين قالوا لي أن الأبنودي توفاه الله، تذكرت مشهداً من فيلم للفنان محمود ياسين حين قال (الهرم اتسرق) أنا شعرت أن شيئاً ما في داخلي سرق، وعبد الرحمن أستاذ علمنا جميعاً، علمني أن لا أصفّ الكلام وأرتبه وأنظمه، وعلمني القول بإيقاع مختلف عن أي كلام، نحن خسرنا عبد الرحمن الأبنودي في لحظة نحتاجه فيها مثل كل الذين خسرناهم.

د.وسام: أحب فلسطين كما أنت أحببتها وأحببناها، أحب رغم معاناته الشخصية والمباشرة مع عبد الناصر، إنما كان مؤمناً بأن هذا الزمن هو زمن يجب أن يتحقق فيه كل شيء من أجل فلسطين.

أودّ أن أوجه تحية عبر نص لشاعرنا الجميل الأستاذ بلال شرارة إلى الأسرى، أسرى فلسطين والسجون القمعية في أي مكان في العالم، لأن السجين المظلوم أينما كان حاله حال أي سجين على هذه الأرض.

الضيف: هذه مناسبة الآن لأن الحكومة الإسرائيلية إتخذت قراراً بأنها ستُطعمهم بالقوة إذا أضربوا عن الطعام.

د.وسام: للأسرى الفلسطينيين سأقول من كلمات الأستاذ بلال شرارة وبشخص الأسير مروان البرغوتي “عالوعد يا مروان”

لو ربطوا إيديك ديي أنا إيديك

لو عصبوا عينيك عيوني أنا عينيك

وإن حاصروا تمك بحكي أنا عنك

وبعطيهم العنوان بالكرمل بيسان

بالقدس بفلسطين بالشام بالجولان

بالنهر بعمان ولجنوب بلبنان

ما تغير العنوان عالوعد يا مروان

وحش العتم سلطان بيرمي عمى عالقلب

وإيد الجريمة بتغدرك وبتسرقك منك وما بتسرقك منا

منا وفينا كنت منا وفينا صرت دم بقلب شريان

عالوعد يا مروان… عالوعد يا مروان

بتتذكروا بلبنان كيف دمروا حانين وكيف يتموا يارين

وكيف رمدوا كونين

ولو دمروا جنين رح ترجع فلسطين والملتقى حطين

وبيت المهد منصان  

عالوعد يا مروان… عالوعد يا مروان

لو رمدوا الجمرة ما بتنطفي الثورة 

صحاب الأرض بالأرض والمعتدي برا

مادام طفل جديد حامل حجر بالإيد

وراية نصر حرة رح نبتدي الثورة

يا بطل يا عنوان عالوعد يا مروان

عالوعد يا مروان. عالوعد يا مروان

شكراً أستاذ بلال لكلماتك.

الضيف: عالعهد يا فلسطين.

د.وسام: أكيد، وهذه الرسالة حقيقة ليست لمروان فقط بل هي لكل الأسرى.

أشكر ضيفي الفدائي العتيق المتجدد دائماً الأستاذ بلال شرارة الذي أغنى هذا اللقاء.

https://www.youtube.com/channel/UC0AuXJduId6PcXIkK9x1phw
لمتابعة البرامج عبرصفحة د. وسام حمادة

https://youtu.be/FoDxwBnKkrc
لمتابعة الحلقة مع الكاتب والشاعر الأستاذ بلال شرارة

متابعة وإشراف: سهام طه
إعداد وتقديم: د. وسام حمادة

شاهد أيضاً

حشودٌ كبيرة من أبناء ذي السفال والسياني بمحافظة إب اليمنية في مسيرة معركتنا مستمرة حتى تنتصر غزة ..

تقرير /حميد الطاهري خرج أبناء مديريتي ذي السفال والسياني بمحافظة إب “وسط اليمن” عصر اليوم …