صناعة بلا دخان، آفاق.. وتحديات

مكتب سوريا ..
تحقيق : أسامه ياسين
إشراف : سليم حمشو


صناعة البرمجيات (software industry)
بعد الثورة الصناعية والتكنولوجية في العالم
وتطور الصناعة الإلكترونية


برزت في سبعينيات القرن الماضي سلالة جديدة من شركات الحاسوب التي لم تصنع حواسيب، بل صممت برمجيات .
وبعد نضوج مفهوم البرمجة كان لا بد من أن تأخذ البرامج منحى السلع ومعه أخذ يتبلور مفهوم جديد هو الصناعة البرمجية وولد سوق جديد للبرمجيات لتصبح صناعة البرمجيات الصناعة الرائدة في العالم اليوم.
حيث تأسست شركات متخصصة في الصناعة البرمجية بعد أن أصبح الحاسب يشمل جميع مرافق الحياة.
حيث برزت برامج معالجات النصوص (Word Processing)
وبرامج الجدولة وبرامح المحاسبة (Accounting programs)
والرسوميات (Graphics)
كما أنتجت أنظمة برمجيات قواعد البيانات التي تلبي متطلبات المصارف وشركات التأمين.
وللتنافس الدور الأهم في تطوير البرمجيات ونوعيتها وفق مقاييس تحددها الجودة والكفاءة
والبرمجيات (Software) بكلمات مختصرة هي مجموعة من التعليمات والأوامر التي تخضع للغة برمجة معينة وفق خوارزمية منطقية تهدف إلى تحقيق تطبيق برمجي لهدف ووظيفة ومهمة ما. فهي بمثابة الروح في الجسد في الكمبيوتر وهي في توسع دائم وازدياد في التعقيد والمهام التي تنفذها.
وتعد الصناعة البرمجية اليوم العصر الذهبي لعصر الصناعة،
إذ أصبحت واحدة من الصناعات الاستراتيجية المهمة شأنها بذلك شأن الصناعات العملاقة الأخرى.
وتتميز عن تلك الصناعات بميزات عديدة إلاّ إنها ترتبط إرتباطاً وثيقاً بتقنيات الحاسوب والذي يرتبط أيضاً بالصناعات الكهربائية والميكانيكية والإلكترونية.
وتتميز صناعة البرمجيات عن بقية الصناعات بميزات عديدة أهمها تتطلب صناعة البرمجيات جهوداً ذهنية وفكرية بعيداً عما يبذله الإنسان من جهود عضلية، لا يستلزم بناء المنتج البرمجي توفير مواد أولية لإنتاج البرمجيات سوى الحاسوب.
والمنتج البرمجي منتج غير ملموس، إذ لا يمكن لأي شخص أن يتصور شكل البرمجيات أو يتلمس كيفية عملها ولا تتطلب المنتجات البرمجية في إعدادها مواد أولية وقطع غيار كالتي موجودة في الصناعات الميكانيكية والكيميائية والكهربائية.
وتعد صناعة البرمجيات من الصناعات النظيفة لعدم تأثيرها على البيئة من حيث التلوث.
تدخل صناعة المنتجات البرمجية في حلقة عمل متسلسلة يمكن أن نطلق عليها دورة حياة البرمجيات (Software life cycle)، تبدأ هذه الحلقة بفكرة إبداعية، وعلى ضوء هذه الفكرة تقدم دراسة جدوى ومنها ينطلق صانعوا البرمجيات في بلورة هذه الأفكار بشكل ينسجم مع الفكرة في تتويج ذلك الإبداع الى برنامج كمبيوتر.
وصناع البرمجيات يضمون في تراتبهم محللي النظم ومهندسي البرمجيات والمبرمجين. لذلك فإن هندسة البرمجيات (Software Engineering) تلعب دوراً مهماً في العمل البرمجي لأنها تحدد القواعد والأساليب والأصول التي من خلالها يُنفذ القالب البرمجي وتتكامل بها المنظومة البرمجية. والمبرمج (Programmer)
هو من يعرف (فن البرمجة)، أي كيف يضع الاستراتيجية (الخوارزمية) المناسبة في المكان المناسب.
وهذه بحد ذاتها علم ودراسة وتدريب بالاضافة للموهبة أما ما تبقى من العمل البرمجي فلا يتعدى تطويع الأدوات البرمجية وتشكيل الفكرة في قالب ذي طابع فني برمجي لإنتاج المنتج البرمجي. تبقى في ذلك مسألة على قدر كبير من الأهمية، وهي الصعوبات
التي تظهر في عالم صناعة البرمجيات والأبرز منها يكمن في تطوير كفاءة وأداء المنتجات البرمجية. فالمنتج البرمجي الذي يُصمم لأداء مهمة ما بكفاءة سيخضع لمعايير قياسية ما بين تخفيض الكلفة والتعقيد التي ستزداد حكماو كلما تطور هذا المنتج
هنا لا بد لنا أن نأخذ من تجارب المهندسين المبرمجين..

الدكتور كارو بلافاجيان


دكتوراه في هندسة نظم الكمبيوتر وماجستير في الإدارة الهندسية والأتمتة من جامعة البوليتكنيك في أرمينيا وهو مدرس مساعد في كلية الآداب والعلوم في الجامعة اللبنانية الدولية قسم علوم الكمبيوتر والمعلوماتية.
حيث يصف مشكلة العمل البرمجي في الدول مثل لبنان وسورية هو عدم وجود رؤية إقتصادية واضحة تؤثر على نمو هذه الصناعات مما يؤثر على السوق البرمجية. وتطور شركات برمجية متخصصة.

المهندسة لارا حناوي

خريجة كلية الهندسة المعلوماتية في دمشق وصاحبة شركة INNOVI
تقول: بشكل عام هذه الصناعة تتمييز بأنها قليلة الكلفة بالنسبة لباقي الصناعات وقابلة للتصدير بشكل سهل جداً يكفي وجود الانترنت بالإضافة إلى ميزة مهمة جداً أن قابلية التعلم والتطور في هذه الصناعة متاحة للجميع أيضاً يكفي وجود الانترنت، في سوريا تقدمت هذه الصناعة وتطورت بشكل كبير، خاصة للأسواق الخارجية ولكننا بحاجة لخطوات أكبر بكثير لاعتمادها ضمن السوق السورية.
فأغلب الصناعات البرمجية السورية هي ضمن البرمجيات البسيطة والمتوسطة، والتي تتطلب تكاليف انتاج بسيطة والتي هي عبارة عن جهاز لابتوب بالإضافة للمبرمج الخبير .
فبالنسبة لي توجهت لصناعة البرمجيات بعد أن توظفت بشركة لمدة عام واحد بعد التخرج، وبعد إطلاعي على سوق العمل وطبيعته، قررت أن أخوض هذه المغامرة والبدء بشركة مختصة بتطبيقات الويب من مواقع انترنت بسيطة للشركات إلى تطبيقات معقدة تساعد الشركات على إدارة مواردها وتقديم خدماتها أونلاين لزبائنها، ونظراً لأن كلفة تجهيز هذه الشركة بسيط جداً لا يحتاج سوى عدد قليل من المبرمجين ومصممين وأجهزة الكومبيوتر.
وبالفعل وبعد البدء بفترة بسيطة بالعمل طرحت الجمعية السورية للمعلوماتية مشروع حاضنة تقانة المعلومات وبعد ان تقدمنا للمشروع نلنا فرصة الدعم من الجمعية حيث قدموا لنا مكتب مجهز وجهازي كومبيوتر لمدة عام تقريباً، بالإضافة لدورات تدريبية وتأهلية بمجال الإدارة، كانت هذه الفترة كافية لنا لننطلق ونقدم مشاريع للشركات ونحصل على مردود مالي يساعدنا على تأسيس شركتنا خارج الحاضنة.
وتضيف: شهدت صناعة البرمجيات بفترة سابقة ازدهاراً ممتازاً في سورية حتى اصبحنا المصدر الأساسي لمعظم الدول العربية وكنا كمزود لهذه الصناعة بسبب توفر الكوادر المؤهلة ورخص التجهيزات حيث أن الرسوم الجمركية كانت على تجهيزات الكومبيوتر منخفضة جداً، وهذا ساهم بانخفاض التكاليف والقدرة على المنافسة.
أما اليوم الوضع بحاجة الى المزيد من الدعم والجهود لنعود ونأخذ مكانتنا السابقة،
فكلفة التجهيزات بالنسبة لدخل المواطن مرتفعة جداً بسبب ارتفاع سعر القطع الأجنبي وسعر الرسوم الجمركية، بالإضافة لانخفاض كبير بالكوادر بسبب الهجرة لعدة أسباب منها الاستقرار الأمني والوضع الاقتصادي السيء ولصعوبة وصول الحوالات الخارجية للشركات المصدرة للبرمجيات بسبب انخفاض سعر الصرف لدى مؤسسات الصرافة عن السوق السوداء مما يسبب نفور من التحويل بصورة نظامية، ويؤدي للجوء لطرق غير مشروعة يكون الشخص من خلالها معرض للسرقة والنصب.
وترى المهنية حناوي: أن صناعة البرمجيات ممكن أن تكون ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني وخاصة للتصدير حيث أن حاجتها العالمية في ازدياد وتطور دائم، ويجب علينا استغلال هذه الحاجة المستمرة والعمل على جعل سورية مصدر رئيسي للتزويد بهذه الصناعة، فبعض من الدول الكبرى بني اقتصادها الحديث على هذه الصناعة وأصبحت من أقوى اقتصاديات العالم ومنها الهند المثال القديم الحديث، وسوريا تتميز بكوادرها العلمية في مختلف المجالات ومنها مهندسي المعلوماتية أو المبرمجين، وهذا أعطى تميزاً لهذه الصناعة ضمن سوريا خاصة ضمن الأسواق العربية.

المهندس بديع أبو حسن


تجربة أخرى يحدثنا عنها المهندس بديع أبو حسن خريج كلية الهندسة المعلوماتية دمشق ومؤسس شركة multitiers

يقول: بعد تخرجي من جامعة دمشق قسم هندسة البرمجيات سافرت الى الخليج ومن ثم لبنان وبعد إكتساب الخبرة العملية ضمن السوق العالمية كانت الرؤية لديّ لتأسيس شركة برمجيات ضمن سورية كوننا نملك الخبرات والقدرات لدخول مجال هذه الصناعة الحديثة ونكون من المصدرين للتقانة إسوة بالهند، وبسبب فروق التكاليف والعمالة وكان الهدف هو السوق الخارجي . واليوم وبعد اربعة عشر عاماً من العمل كمهندس برمجيات وبعد ست سنوات من تأسيس الشركة في سوريا تقييمي للتجربة هي تجربة ناجحة نفذنا العديد من المشاريع لخارج البلد ولكن السوق الداخلي لا يزال خام، ونحتاج الكثير كي نكتفي بالسوق الداخلي، نحن كشركات لأسباب منها الأجور لا تناسب التكاليف حيث أن صناعة البرمجيات لا تزال تعتبر رفاهية بالنسبة للسوق السوري لعدم وجود الإيمان عند أصحاب الأعمال بضرورة هذا العمل وإن وجد
لا توجد الإرادة للدفع مقابل هذا العمل البرمجي.
فالسوق الداخلي لم ينضج بعد هذه أبرز الصعوبات التي تواجه المبرمجين.
أما الحسنات فيقول أبو حسن أنها تتجلى بأننا قادرون ولدينا الكفاءات فالجامعات تخرج المهندسين وتكاليف صناعتنا معتمدة على الأشخاص والعقول ورأس المال اللازم بسيط مقارنة بالصناعات الأخرى التي تحتاج للمعامل، ولكنه إستثمار صحيح لأنه لا يحتاج إلى رأس مال كبير مدفوع في البداية، لكنه استثمار على المدى الطويل فإذا كنت تريد (أن تشتغل برمجيات صح ) فانت يجب ان تستثمر بصناعة البرمجيات على فترة طويلة وهذا الاستثمار هو رواتب ومصاريف لفريق برمجي يعمل لأشهر وسنوات لإنجاز مشروع معين حتى تجد نتيجة جيدة هذا الموضوع غير موجود لدينا.. هناك شركات كبيرة في دول أخرى تستثمر بملايين الدولارات بفرق مبرمجين أو شركات ناشئة حتى يحصلوا على منتج صح.
فإذا نظرنا للقطاع المصرفي الذي من المفروض يمول أو يستثمر فهو لا يزال يرى المنتج البرمجي شي غير ملموس .. وفي الظروف الحالية لن يمولوا شيئاً يعتبروه غير موجود.. بينما اذا كنت تريد فتح منشأة سياحية او مطعم فهم يمولون تلك المشاريع حتى وإن كانت أقل جدوى ولا يمولوا المشاريع البرمجية.
ويضيف: نحن نحاول من خلال نقابة المهندسين وضع أطر لتنظيم هذا العمل وحمايته وتسهيل إنجازه وموضوع الشريحة شائك ومعقد بسبب وجود تفاصيل وخصائص لهذا العمل، بالإضافة لتشعبه وتقاطعه أحياناً مع إختصاصات أخرى.

المهندس حسان

مهندس برمجيات دخل سوق العمل البرمجي بعد التخرج والعمل ضمن شركات خارج القطر وإكتساب الخبرة ..
يتقاطع ما يقوله عن هذه الصناعة مع ماقيل سابقاً
لكنه يضيف أنه يعاني من موضوع الترخيص
للمكتب أو الشركة فلا يوجد شيئاً يخص ترخيص مكتب برمجة أو شركة برمجيات. فهو مضطر لعمل سجل تجاري أو صناعي مثله مثل أي محل أو ورشة .. وهذا لا يؤمن له الحماية للملكية الفكرية وتحصيل حقوقه في حال اخلال الزبون بالاتفاقات ..
فلذلك يبقى العمل يأخذ منحى الجهد الشخصي وعقود تنتهي حال تنفيذها ..
ويأمل م.حسان أن يكون هناك ما يميز مهندسي المعلوماتية ضمن النقابة كشريحة مخصصة لهم .. أو قسم يراعي خصوصية عملهم وسبل حمايته، وذلك سيرتد بالنفع العام على الجميع من مبرمجين ونقابة والإقتصاد الوطني ..
يذكر أن أول مهندس برمجيات هو دفيد كامنير
أخيرا لن نستطيع أن نشمل كل المحاور والتساؤلات في موضوع صناعة البرمجيات لأنه واسع جداً ومتشعب لكن أضأنا قدر الإمكان على أهم النقاط في هذه الصناعة المستقبلية
هذا لإن مفتاح النمو الاقتصادي في القرن الواحد والعشرين أصبح المعرفة العلمية لأن حقيقة التصنيع والإنتاج تغيرت لتبرز دور الأتمتة في صدارة الأعمال.

شاهد أيضاً

وجه كتاب توصيات لوزارة التربية

مطر: “فلنخفف على طلاب المدارس الرسمية” تجاوبا” مع طلاب المدارس الرسمية في صرختهم حيال الامتحانات …