سعد: لم يُجمِعُوا على إعطائك فرصة إنقاذ لبنان لكنك حاولت

• بري: قامة تشريعية.. وفرنجية: سنفتقد مواقفك الوطنية.. وفضل الله: شخصية النادرة جامعة*
  
• • أحمد موسى
• 
  أجمع اللبنانيون بصدق على مزايا رجل صاحب الفخامة في ولايته السياسية الطويلة، فتم رثاؤه بانتخابه رئيسا للحكمة والاعتدال والتوافق، جان عبيد، بوفاته وحدة لبنانية لم يلتق عليها الوطن الممزق يوماً، فكما كان في حياته رمزاً وجسراً بين الطوائف والأحزاب والقيادات، صنع غيابه المعجزات، هو عقل لبنان الذي لاعب الأزمات بدبلوماسية، نزع الفرقة وتوضيب الخلافات وتفكيكها للتفاهم عليها، جالس وزراء الخارجية العرب فأصبح شيخهم بوقار ورصانة واتزان، كرسي الرئاسة لم يأسر أحلامه الكبيرة بوطن يجمع ولا يفرق عاش مرشحاً ومات رئيساً في اقتراع شعبي سياسي، حاز الأكثرية المطلقة

الوداع الأخير
أُقيمت صلاة الجناز لراحة نفس النائب جان عبيد، في كنيسة مار يوحنا المعمدان في بلدة علما في قضاء زغرتا، بمشاركة النائب جورج عطاالله ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب علي درويش ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي وكتلة “الوسط المستقل”، النائب زياد حواط، نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف وأفراد العائلة.
وكان رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، مكلفا من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ترأس صلاة الجنازة وعاونه كهنة البلدة.
المطران سويف
بعد الانجيل، القى المطران سويف عظة استهلها بتعزية العائلة، وبلدة علما وزغرتا وطرابلس والوطن بإسم البطريرك الراعي. ونقل الى الجميع “تضامن البطريرك معهم في هذا الظرف الاليم والمصاب الكبير”.
واكد المطران سويف “التضامن بالصلاة مع العائلة ومع كل العالم ليبعد شر هذا الوباء عن الجميع”.
وتحدث عن جان عبيد “الانسان المميز، والوجه المشرق، والسياسي المحنك، الذي خدم الوطن في مختلف مراحل حياته”.
وختم مقدما التعازي بالراحل الى “جميع من احبه، لا سيما عائلته، وابناء بلدته، واهل طرابلس والشمال”.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أوفد النائب محمد خواجة الى منزل عبيد مواسيا ومقدما التعازي لأسرة الراحل باسمه وباسم المجلس النيابي.

• 

بري: قامة تشريعية وطنية

رئيس مجلس النواب نبيه بري وأعضاء المجلس النيابي نعى النائب والوزير السابق جان عبيد قائلاً: “بمزيد من الاسى يفقد لبنان والمجلس النيابي قامة تشريعية وطنية نذرت نفسها حتى الرمق الاخير من حياتها عملا دؤوبا من أجل حفظ لبنان الوطن والرسالة، ولبنان الوطن النهائي لجميع أبنائه، النائب والوزير السابق الاستاذ جان عبيد .ان المجلس النيابي رئيسا واعضاء ازاء هذه الخسارة الكبيرة يتقدمون من أسرة الراحل ومن تكتل الوسط المستقل وسائر اللبنانيين بأحر التعازي سائلين الله ان يلهم ذويه ومحبيه عظيم الصبر والسلوان”.

• 

سعد

النائب السابق اللواء انطوان سعد نعى جان عبيد ببيان قال فيه: “برحيل الصديق النبيل جان عبيد خسر لبنان رجلا من جيل الكبار الصادقين المؤمنين برسالة لبنان الحضارية والتنوع، لبنان العدالة المنتمي الى العروبة وفلسطين والمنفتح على الغرب المتنور، وكم كانت تحتاجه رئاسة الجمهورية للانتقال بهذا البلد من واقعه الأليم والكئيب والويلات وجهنم الانهيارات المتتالية الى جمهورية الحلم الذي كان يمثله جان عبيد برؤيته الوطنية وعقله الاستباقي النير وحكمته الشجاعة وبصيرته الثاقبة التقدمية، وهو الذي عاصر الكبار من رؤساء جمهوريات وملوك دول وقامات عملاقة أمثال الشهيدين كمال جنبلاط ورفيق الحريري ووليد جنبلاط وغيرهم من القامات الوطنية”.
أضاف: “نعم تأخرنا كثيرا بإعطائه الفرصة التي يستحقها لبنان وشعبه وكان يستحقها جان قبل هذا الرحيل المفجع”.
وتابع: “عرفته صديقا محبا وعصاميا شريفا، صاحب مبادىء وقيم ومثاليا وواقعيا في آن، وهو الذي يشبه لبنان وأرزه وجباله وسهله وبحره”.
وأردف: “نعم ظلمتك التسوية فظلم لبنان، وها نحن ندفع الثمن مزيدا من الجنون والجنوح نحو التعصب ونحو قعر الهاوية لاننا في زمن تغيير وجهة لبنان ونسف الطائف الذي كنت ابرز عرابيه بحبك للبنان السلم والاعتدال ولكنهم لن ينالوا”.
وختم: “كل يعزي نفسه لانه قلما وجدت قامة جامعة يحترمها الجميع، وإن لم يجمعوا على اعطائك فرصة إنقاذ لبنان، فحسبك انك حاولت وهم عاقبونا بإقصائك يوم استحقتك الرئاسة”.

• 

فرنجية: سنفتقد مواقفك الوطنية

رئيس تيار المرده سليمان فرنجية نعى الراحل جان عبيد قائلاً: “لطالما كنت صديقا للعائلة منذ عهد الرئيس سليمان فرنجيه. واليوم، نخسر قامة في الصراحة والأخلاق والشهامة. الصديق جان عبيد سنفتقدك ونفتقد مواقفك الوطنية الصلبة”.

• 

فضل الله: كان من الشخصيات النادرة التي جمعت بين السياسة والثقافة الواسعة

العلامة السيد علي فضل الله نعى النائب جان عبيد وجاء في بيان نعيه: لقد كان الوزير السابق والنائب جانب عبيد من الشخصيات النادرة في لبنان التي جمعت بين العمل السياسي والثقافة الواسعة والمنفتحة التي كان يملكها، وقد عبر عن ذلك في كلماته ومواقفه وأسلوبه في العمل السياسي، وقد أعانته هذه الثقافة على تدوير الزوايا وحلحلة الكثير من العقد، وتقريب وجهات النظر بين الكثير من المتخاصمين ليس في لبنان فحسب، بل حتى على المستوى العربي والإسلامي.
إننا نشعر بألم الخسارة لأننا نتفقد برحيله المزايا التي يحتاج إليها الوطن لمواجهة الانقسام الداخلي وتحديات الخارج، وللصداقة التي كانت تربطني به، وللعلاقة الطويلة والمميزة التي عاشها مع سماحة السيد الوالد(ره) والتي عبّر عنها في إحدى مقابلاته بقوله: “يسري عليها القول: رُبَّ أخ لك لم تلده أمك”.. وقوله: “.. لقد اتسعت عقيدة السيد فضل الله لتكون شبه كونية..”.
عزاؤنا لعائلته الكريمة ولكل اللبنانيين، وأملنا أن تبقى سيرته حاضرة في وجدان اللبنانيين وحركتهم.

حياته في سطور

توفي النائب جان عبيد اليوم عن عمر ناهز الـ82 عاما، بعد إصابته بفيروس كورونا.
والراحل من مواليد عام 1939 وهو متأهل من لبنى البستاني ابنة قائد الجيش إميل البستاني وله منها 5 أولاد.
وكان درس الحقوق في جامعة القديس يوسف، عمل في صحف ومجلات عدة منها “الماغازين” والأسبوع العربي “و لسان الحال”، و”الصياد” اضافة الى “الأحرار”و “لأنوار”.
عين عبيد في العام 1978 مستشارا لرئيس الجمهورية الياس سركيس، حتى نهاية ولايته عام 1982، ليعاد ويتم تعيينه في العام 1983 مستشارا لرئيس الجمهورية أمين الجميل حتى عام 1987.
شارك خلال هذه الفترة في مفاوضات إلغاء معاهدة 17 أيار مع الكيان الإسرائيلي وفي صياغة بيان الإلغاء، كما شارك في مؤتمر جنيف خلال الحرب الأهلية.
وفي عام 1991 عين نائبا عن المقعد الماروني في الشوف، لينتخب في العام 1992 نائبا عن طرابلس، وأعيد انتخابه في دورات أعوام 1996 و2000 عن نفس المقعد.
وفي عام 2009 شارك الراحل بانتخابات عام 2009 كمرشح مستقل لكنه لم يحقق النجاح، لينتخب في عام 2018 نائبا عن المقعد الماروني في طرابلس.
وقد عين عبيد وزيرا مرتين المرة الأولى امتدت من 7 تشرين الثاني 1996 إلى 4 كانون الأول 1998 في حكومة الرئيس رفيق الحريري في عهد الرئيس إلياس الهراوي وقد تولى حقيبة وزارة التربية الوطنية ووزيرا للشباب والرياضة.
ومنذ 17 نيسان 2003 حتى 26 تشرين الأول 2004 عين وزيراً للخارجية والمغتربين في حكومة الرئيس رفيق الحريري في عهد الرئيس إميل لحود.