*هزيمة*

زينب احمد


كانت ليلة باردة مليئة بالصقيع، على مايبدو كل شيء كئيب في هذه المدينة حتى أضواءها كأنها قلبه، حزينة باهتة. ارتدى معطفه وبدأ يتجول في أزقة المدينة. فقد اشتهى شم رائحة الشتاء عن قرب. من بعيد ظهر طيف رجل يبدو عليه شقاء الحياة ملابسة رثة حتى أنها لا تكاد تقيه من موجة البرد التي تجتاح البلدة. اقترب منه شئياً فشئياً حتي كاد يبتلع ملامحه المتعبة. دنا منه وبادره بالسؤال قائلاً:-ماذا تفعل هنا والجو بارد للغاية؟لم يجيبهكأنما شرد بذهنه إلى عالمه الخاصفسأله مرة اخرى-هل تريد مساعدة؟!دس يده في جيبه واخرج ورقة نقدية ومدها إليه. رمقه بخبث، وعيناه تلمعان بقوة، كأنما تخبئان سر ما!. -الحاجة يابني دفعتني. ثم نهض سريعاً من مكانه ومضى حيث ابتلعته البيوت الساكنة في هكذا جو. عاد إلى منزله وصورة الرجل لا تفارق خياله، فقد بدأ له مألوفاً جدا. تناول كعادته كوباً من الشاي، ملتهماً أحرف كتاب أختاره ليؤنس ليله حتى غفا دون أن يشعر. في اليوم التالي خرج من منزله متجهاً صوب عمله ولا تزال ذاكرته تضج بالأسئلة حول رجل الأمس، وعند عودته روادته فكرة أن يمر بنفس الطريق ولكن المكان كان خاليا إلا من بعض الأطفال الذين يلعبون بالكرة. وقبل أن يهم بالمغادرة لمح طيفاً يلتصق في ركن أحد المنازل في نهاية الزقاق. سار صوبهارتسمت علامات الغضب على الطريق الغريب وأخرج كلماته الملتهبة-ماذا تريد مني؟!-لا شئ ولكن هناك أمر ما يدفعني لمعرفتك أكثر. -دعني وشأني أنا لست سوى متسول عجوز جار عليه الزمن. نظر إلى عينيه قائلاً:- ياعمأنا لا اعرفك ولكن  شعرت أنك تحمل حكاية مبهمة فواصلها وجع. -بنيلا تنبش خلف ماضي حاولت دفنه خلفي. ذات مساء بينما كان يعبث بأدوات والده المتوفيتسمرت عيناه نحو صورة لوالده مع اصدقائه. فتح فاه-ياإلهيكيف غاب عن بالي ذلكوركض مسرعاً باتجاه الزقاق وعندما وصل كان المكان خاليا إلا من صرير الريح، تنهد حزناً كيف ترك قاتل والده يفلت من يده كما أفلت من العدالة سابقاً.

شاهد أيضاً

ضاهر:” تمنى على الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة وقف السجالات العدائية “

تمنّى النائب ميشال ضاهر على “الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة”، وقف “السجالات العدائيّة في ما بينها، وإيلاء …