(كورونا وأوجاع اليوم)

عناية حسن أخضر

نطوي ايّامَ حياتنا صفحةً تلو الأخرى وكأنّنا في سباقٍ مع الموتِ الرّهيب، ، كلّ لحظةٍ (ننعى اليكم ) (ننعي اليكم ) (ننعى اليكم ) . انها عبارةُ اليوم، عصرُ الإنقراض ، عصرٌ انقرضَ فيه الإنسان .وتفشّت فيه الأوبئة، وقلّتْ فيه الرّحمة ، فعمّ الفسادُ ، وعادَ حكمُ الغاب ، القويّ يأكلُ الضعيف، والكبير يأكلُ الصغير لا الصغير يحترِم الكبير ولا الغنيّ يشفق على الفقيرَ ، وكلّ حاكِم ظالِم ، وكلّ مسؤولٍ فاسِد ، وكلّ تاجِرٍ نصّاب – الاّ ما رَحم ربي – الكلّ ينهشُ في لحمِ الآخر دون رحمة. والجّثثُ تتهافتُ فوق المقابِر ولا من متّعظ !!.

بتّ أشعرُ وكأنّه علينا غلق كتاب الحياةِ بدَل فتحِ صفحةٍ جديدة منه!!
فلا ندري ما تخبّئه لنا الأيّام في القريب القريب ، ولا في البعيد القريب ،وثمّة لا بعيدٍ في زمَنّ تتآكلهُ السّرعةُ وتضمحِلُّ فيهِ الإنسانيّة .
انا لا أتذمّر ولكنّي أكتبُ اليكُم الآن وبلدي في خطرٍ وريحُ الفِراقِ تلفّه من كلِّ جانِب ،حالاتٌ وحالاتٌ وكل يومٍ إصاباتٌ جديدة، بِتنا نستفيقُ على وهلةٍ ونغفو على أخرى . فلانٌ وعائلته، فلانٌ وإخوته ،ويستمرّ التفشّي وصوتُ الإسعافِ وحالاتُ الطّوارىء ، وخوفُنا على أحِبّتنا بقدر ما نشتاقُهم بقدر ما نبتعد عنهم ولا نقترِب منهُم ؛ فمِن العامِ الماضي وما قبلهُ اشتاقُ لقبلةٍ على جبينِ أمّي أشتاقُ لأنْ أقبّل يدَها لأحتضنها ، واخشى عليها فاجلسُ على مسافة امتارٍ اسألها من بعيد : كيف حالك . وتجيبني بنظرةِ شوقٍ وحُزنٍ تقتلني ؛ (الحمدلله).
حتى في يوم عيدِها عيد الأُم لم ابرح تلك المساحة وانا اشعرُ بالخذلان وقلبي يتفطّر .
ترى ما الذي اقترفَهُ الإنسان حتى يظهرَ مصداقُ قولِه تعالى في يومِنا هذا :
(( يَومَ يَفرّ المَرء من أَخيه وَأمّه وَأَبيه وَصَاحبَته وَبَنيه لكلّ امرئ منهم يَومَئذ شَأنٌ يغنيه )) (عبس:34-37).. ؟؟!!

نجلسُ معِ الأحِبّةِ في أبعَدِ زَوايا المَكان ونخافُ لو إقتربَ أحدُهم منّا لأمرٍ ما، نخافُ منهم وعليهم ونارُ الإشتياق تلهبُ الأعماق .
من كان ليتوقّع انْ يعيشَ كلُّ اهلِ الارض جميعا نفس الخوف. ونفس الحالة .فتتوحّد مشاعرُهم كأنهم جسدٌ واحِد،
يتساوى الرئيس بالخادم والسيد بالعامِل والفقيرُ بالغنيّ ،من حيثُ الحيطةِ والخَوف والحذر ؟!
من كان ليقول بأنّ أهل الأرض سيعيشون نفس الخوف في نفس الوقت جميعهُم دونَ استثناء .!!
انّها الحدث الأول في تاريخِ البشريّة جمعاء منذ آدم (ع).الى اليوم.
فيروس متناهي في الصّغر، مخلوقُ لا يُرى بالعين عطّل حركَة الحياة وعجّز العُلماء وانهَك البشريّة ألاَ يحتاجُ منّا قول : لا حولَ ولا قوّة الا بالله؟!
ألَا يكفينا واعظاً للرّجوع الى الله تعالى نستغفرُه ونقول (حطّة)؟!

الّلهُمّ ما عجِز عنهُ الأطبّاءُ فانتَ ربّ الأطبّاء لا يعجزكَ شيءٌ في الأرضِ ولا في السّماء ، الّلهم اشفِ كلّ نفسٍ ذاقت طعمَ الألَم وارزقها الصّبر عند الإبتلاء .
ربّ اشف كلّ نفسٍ لايعلمُ بوجعِها الاّ انت .

شاهد أيضاً

الرد الإيراني رسالة قوية وواضحة للعالم بأسره .

أيها الشعب العظيم المقاوم في جميع أنحاء العالم يقول الله تعالى في كتابه العزيز : …