علوية “لكواليس”: مستمرون في مكافحة التلوث رغم الهدر في محطات التكرير

“الإجراءات الوقائية والحوكمة المائية..آداء إداري سيئ..مياهنا في خطر” (1)

أحمد موسى

انكبت “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” على معالجة “التلوث” الذي ضرب مياه لبنان وخاصة أكبر أنهاره “نهر الليطاني”، وبسرعة النار في الهشيم دأب رئيس مجلس الإدارة (المصلحة) ومديرها العام “الدكتور سامي علوية” على مكافحة التلوث والملوثين وفق الأطر القانونية والإجراءات القضائية الصارمة بحق المسببين لتلويث المياه، في وقت طالعنا بعض الصغار تهكماً وخفّةً وبأسلوبٍ مستفز متستراً بحياة الناس، معيداً بذلك إحدى مناطق البقاع وكأنها محمية لرعي قطيع يسوقها بعصاه، وإن دل ذلك فيدل على الخفّة وقصر النظر والإفلاس سياسياً والأفول عند المغيب

مجلة “كواليس” التي تابعت “قضية تلويث نهر الليطاني” ومسار رفع التلوث، فقد عمّمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني تقريرها السنوي للعام 2020 حول “إجراءاتها والتدابير المتخذة من قبلها وواقع حوض نهر الليطاني والواقع الاستثماري للمنشآت المائية والكهرومائية التابعة لها”.
مجلّة “كواليس” تنشر التقرير السنوي مع الدكتور سامي علوية حول “الإجراءات الوقائية والحوكمة المائية.. مياهنا في خطر” على حلقات.


المصادر والإجراءات


التقرير يتضمن جردة لمصادر التلوث (الصرف الصحي، الصرف الصناعي، المزارع والمسالخ، المقالع والمرامل والكسارات، مخيمات النازحين العشوائية، مكبات النفايات العشوائية، التعديات على الاملاك النهرية)، وجردة مقابلة للاجراءات المتخذة لرفعها والحد منها، كما يعرض التقرير لواقع التعثر في تنفيذ القانون 63 المتعلق بتنفيذ مشاريع بنى تحتية لرفع التلوث في حوض نهر الليطاني من قبل الجهات المعنية، علما ان استمرار هذا التعثر سيعني انهيار بيئي شامل على مستوى النفايات السائلة والمكبات العشوائية للنفايات الصلبة، مما سيفاقم مشكلتي تلوث وشح المياه في العام 2021.


علوية


رئيس مجلس الإدارة/المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني “الدكتور سامي علوية” فنّد لمجلّة “كواليس” مسار ما قامت به المصلحة الوطنية في “محاربتها لرفع التلوث عن الحوض الأعلى والأدنى لنهر الليطاني خلال عام 2020 وأين وصلت النتيجة لهذه الحرب على الملوثين”، قال: لما كانت “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” هي المعنية بمواكبة الاشراف على كافة الاعمال التي تقوم بها الجهات المعنية والمنصوص عنها في القانون 63 تاريخ 27 تشرين الأول 2016، وتنسيق الجهود، الرامية لرفع التلوث، بدافع وقف التدهور البيئي الحاصل في حوض الليطاني، وإعادة طبيعة المياه الى طبيعتها الأساسية.


الحوكمة والرصد


أضاف الدكتور علوية: باشرت المصلحة، ابتداء من ربيع العام 2018، بتنفيذ مهمة “الحوكمة ومكافحة تلوث حوض نهر الليطاني” من خلال رصد التعديات في الحوضين الأعلى والأدنى وتحديث المعلومات المتعلقة بمصادر التلوث الناجم سواء عن الصرف الصحي او الصناعي او عبر النفايات الصلبة أو النشاط الزراعي ومسح كافة البلدات والمؤسسات الصناعية وغير الصناعية والصحية والتجمعات العشوائية للنازحين على ضفاف النهر ومحطات المعالجة وكما تحديد مدى تأثيرها على الموارد المائية في منطقة حوض نهر الليطاني، بالإضافة إلى تفعيل الإجراءات القانونية والقضائية والادارية المتخذة بحق مرتكبي الجرائم المائية والبيئية وتنفيذ عملية إزالة التعديات عن استملاكات المصلحة الوطنية وحرم اقنية الري والمنشآت المائية التابعة لها.


مكافحة التلوث


وأضاف، في إطار الخطة التي وضعتها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني للحد من التلوث الذي أصاب الموارد المائية في حوض نهر الليطاني بدءاً من منطقة الحوض الاعلى وصولا الى الحوض الادنى، “تتابع” المصلحة حتى تاريخه “مهام الكشف الدوري” المترافق مع إجراءات رفع التعديات عن الأملاك العمومية للمياه في نطاق حوض نهر الليطاني تنفيذاً لمهمة “مكافحة تلوث” حوض نهر الليطاني، بالإضافة إلى إتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير القانونية والقضائية والإدارية مع كافة الجهات المعنية إستكمالاً للمهمة المذكورة وملاحقة كل ما يشكل تهديداً للبيئة والموارد المائية.

الجهات المعنية


وقال علوية، إن الجهات المعنية التي تم التواصل معها خلال العام 2020 تنفيذاً لمهمة الحوكمة في حوض نهر الليطاني والتنسيق والمتابعة لهدف رفع التلوث عن حوض نهر الليطاني هي: وزارات (العدل – الصحة – الاقتصاد والتجارة – الطاقة والمياه – المالية – البيئة – الزراعة – الداخلية والبلديات ـ الصناعة، النيابات العامة (التمييزية، المالية، الإستئنافية)، قيادة الجيش اللبناني، محافظ (لبنان الجنوبي، البقاع، بعلبك الهرمل)، مكتب مكافحة الجرائم المالية – المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، المديرية العامة لأمن الدولة، مجلس الوطني للبحوث العلمية، جامعات، مجلس الانماء والاعمار، التفتيش المركزي، البلديات، مجلس شورى الدولة ومؤسسات المياه.

واقع الصرف الصحي


وعن واقع الصرف الصحي في حوض نهر الليطاني قال علوية: لقد أقرّ المجلس النيابي القانون رقم 63 تاريخ 27/10/2016 المتضمن (تخصيص اعتمادات لتنفيذ بعض مشاريع وأعمال الاستملاك العائدة لها في منطقة حوض نهر الليطاني من النبع الى المصب)، ومتضمناً تخصيص اعتماد عقد اجمالي قدره 1100 مليار ليرة لبنانية للقيام بالمشاريع اللازمة لمكافحة التلوث في منطقة حوض نهر الليطاني من النبع إلى المصب وأعمال الاستملاك العائدة لها، على ان تنفذ المشاريع خلال مدة سبع سنوات.
وحدد القانون رقم 63 تاريخ 27/10/2016 في مادته الثانية الجهات المعنية برفع التلوث وتوزيع المهام المتعلقة بتنفيذ المشاريع المنصوص عنها في المادة الأولى منه من قبل الجهات المعنية وبالتنسيق مع الوزارات والادارات المختصة وفق المادة الخامسة من القانون رقم 63 ودفع الاعتمادات الاجمالية لكل جهة وفق جدول وبرنامج اعتمادات الدفع التي تلحظ سنوياً في الموازنة.
وبالتالي فإن دور المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بموجب القانون 63 يقتصر على تنسيق الجهود بين مختلف الشركاء، وقد انقلب واقع تنفيذ القانون 63 من واقع صحي لإنقاذ النهر ورفع التلوث الى واقع مغاير يوازي هدر المال العام، نتيجة التأخر بتنفيذ مشاريع الصرف الصحي ومحطات التكرير من قبل الجهات المسؤولة عنها بموجب المادة الثانية من القانون 63، ما هدد صحة الناس وأدى الى انتشار الأوبئة في منطقة حوض الليطاني الأعلى وازدياد الامراض السرطانية هناك وفقا لما تثبته ارقام وزارة الصحة العامة والدراسات العلمية المنشورة.

تعثر


أضاف علوية، لقد رصد مبلغ 55 مليون دولار اميركي بموجب مشروع “الحد من التلوث في بحيرة القرعون” بناء على اتفاقية قرض لتمويل المشروع وقعت بتاريخ 2 أيلول 2016 بين الجمهورية اللبنانية ممثلة بمجلس الإنماء والإعمار والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، ونشر القانونين المتعلقين بالقرض (القانونين 64 و65) في الجريدة الرسمية عدد 52 بتاريخ 3/11/2016، والنشاط الرئيسي للمشروع هو بناء شبكات مياه صرف صحي لتوصيل مياه الصرف المنزلي الى محطات التكرير. (90 % من ميزانية المشروع لبناء شبكات الصرف الصحي) وينص على أهداف ثانوية تتكون من العمل على التقليل من استعمال الاسمدة والمبيدات الزراعية التي تلوث النهر، دراسات حول إدارة النفايات الصلبة، دعم عملية مراقبة نوعية المياه وبناء القدرات لدى المؤسسات الرسمية ومن بينها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني ومؤسسة مياه البقاع (10% من ميزانية المشروع) وتنحصر منطقة عمل المشروع في قضائي زحلة والبقاع الغربي، إلاّ أن تقرير البنك الدولي الذي صدر في شهر آذار 2020، وتبلغته المصلحة الوطنية لنهر الليطاني حول “المراجعة نصف المرحلية للمشروع”، أكد “تعثّر اتفاقية القرض” المخصص لتنفيذ مشروع “الحد من التلوث في بحيرة القرعون” بقيمة 55 مليون دولار اميركي، بل أن التنفيذ العام للمشروع غير مرضٍ بالنظر إلى التأخير الكبير في تنفيذه وجاءت المؤشرات كالتالي:
لم يتم إنشاء سوى 4٪ فقط من شبكات الصرف الصحي المقررة (18 كم من 441 كم)، لم ينفق سوى 6.3٪ فقط من الميزانية المتعلقة ببناء شبكات الصرف الصحي، ولم يتم وصل سوى 1.8بالمئة (168 منزل) من المنازل على شبكة الصرف الصحي من أصل العدد المحدد في المشروع والبالغ 9150 منزل.
ووفق الدكتور علوية فإن تقرير “المراجعة نصف المرحلية للمشروع” سلط الضوء على العديد من القضايا اهمها: الآداء الإداري السيئ للمشروع، عمليات الشراء الطويلة للأعمال وأنشطة المساعدة الفنية، ونقص التنسيق بين الأطراف المعنيين.

عجزٌ فهدر

وعن محطات التكرير المنتشرة في الحوض الأعلى لنهر الليطاني كشف علوية: أن محطات التكرير القائمة في الحوض الأعلى لنهر الليطاني “تعاني من ضعف هائل في قدرة التشغيل والمعالجة فنياً ومالياً من قبل مؤسسة مياه البقاع”، كما ان محطة تكرير زحلة مهددة بالتوقف بسبب عدم الاعتمادات لتشغيلها من قبل مجلس الانماء والاعمار و مؤسسة مياه البقاع، وقد وجهت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سلسلة كتب الى وزارات المالية، الداخلية والبلديات، الطاقة والمياه، البيئة والامانة العامة لمجلس الوزراء طلبت بموجبها العمل بشكل فوري على تأمين الاعتمادات اللازمة لضمان استدامة تشغيل وصيانة محطة تكرير الصرف الصحي التابعة لمدينة زحلة من قبل مجلس الانماء والاعمار او مؤسسة مياه البقاع تفاديا لوقوع كارثة بيئية وصحية تضاف الى معاناة سكان منطقة الحوض الأعلى لنهر الليطاني، خاصة وانه في حال عدم تجديد عقد الإدارة الحالية أو إيجاد حلول أخرى سيتدفق 18 ألف متر مكعب يومياً من مياه الصرف الآتية من المناطق السكنية التابعة لمدينة زحلة دون معالجة مما سيشكل “كارثة بيئية لمياه نهر الليطاني وبحيرة القرعون” تضاف الى الوضع البيئي، علما أن تكلفة بناء محطة زحلة قد بلغت 36.8 مليون دولار اميركي وإن التوقف عن تشغيل المحطة يكون بمثابة “هدر للمال العام وللموارد المائية والبيئية”.
وقد رصدت الفرق الفنية في المصلحة “خللاً هائلاً في تشغيل محطتي صغبين وجب جنين” التي قامت مؤسسة مياه البقاع بتلزيم ادرتهما وتشغيلهما، مما يطرح تساؤلات حول الأموال المهدورة على تشغيل تلك المحطات!!.

واقع الصرف الصحي والصناعي

ولفت علوية أن 69 بلدة في الحوض الأعلى (بناء على مسح المصلحة) + حوالي 15 بلدة في الحوض الأدنى (بناء على مسح شركة ELARD) “تلقي الصرف الصحي مباشرة في أراضٍ مكشوفة و/أو مباشرة في النهر دون أية معالجة أولية”. فيما باقي البلدات تقوم بتحويل الصرف الصحي إما إلى البحر أو جور صحية (غير معروف مدى فعالية معالجتها للمياه المبتذلة).
فالحجم التقريبي لكميات الصرف الصحي في النهر: بالاستناد الى المعطيات والأرقام والإحصاءات المتداولة عن عدد السكان في حوض الليطاني حوالي 46 مليون م3 سنويا تصب بمعظمها في النهر مباشرة أو تتسرب الى المياه الجوفية وسط غياب أو تعطل محطات التكرير، فضلاً عن كميات كبيرة وقاتلة من الصرف الصناعي تشكل حوالي 40% من المؤسسات الصناعية في حوض نهر الليطاني لا تعالج الصرف الصناعي الناتج عنها، تقدّر كمية الصرف الصناعي غير المعالج التي ترمى في النهر سنويا والناتجة عن 185 مصنعا تم مسحهم في الحوض الأعلى حوالي 4 ملايين متر مكعب.
وتشير التقديرات الى أن المساحات التقديرية للأراضي الزراعية على ضفاف النهر (على بعد 2 كلم على جانبي النهر) تبلغ حوالي 8396 هكتار “تُروى بالصرف الصحي”، فهناك أكثر من 1000 هكتار من هذه الأراضي يروي صيفا من النهر أي من مياه الصرف الصحي.

شاهد أيضاً

جائزة أفضل صورة صحفية في العام… لقطة من غزة “تفطر القلب”!

فاز مصور “رويترز”، محمد سالم، بجائزة أفضل صورة صحفية عالمية لعام 2024، الخميس، عن صورة …