أدباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي

الشاعر حسين حمادة
مجاز في الإعلام، ودراسات عليا في العلوم السياسية والإدارية. مشرف على تنفيذ المشاريع الثقافية في وزارة الثقافة

كاتب مسرحي، شاعر نثر، شاعر أغنية، صحفي ورئيس تحرير مجلة زهرة الجنوب ومدير تحرير مجلة ليبان ليسبوار.

في جعبته الكثير من الأعمال المسرحية نذكر منها
-أبي لقد قررت
-الوطن أولًا وأخيرًا
-قانا الشهيدة الشاهدة جرح في ذاكرة وطن .

له في الإذاعة العديد من الحلقات
-إبن البلد لأحمد الزين
-حكاية وتر

كتب حلقات من مسلسل بقعة ضوء وبعض الأفلام القصيرة
شارك في أعمال مسرحية وفنيّة، وساهم في تنظيم وإعداد مهرجانات فنية وثقافية ووطنية .

شاعر متمرّسٌ في الدهشة، كتاباته توعوية تثقيفية تحمل ثورة مدعّمة بالصدق والفكر النيّر.

الشاعر حسين حمادة:
وحده الفن بفروعه المختلفة يمكن أن يتكفل بتفعيل حركة الزمن

*كيف كانت رحلتك مع الشعر؟*

  • منذ نعومة اشعاري اصطدمت بحياة من كل الانحاء يخالطها الداء، أهتز قلمي الرصاص يبحث عن دواء لكي اصمد واواجه وبدأت من حديث مع الروح لكي تسكب مكنوناتها بين حنايا العمر فتعاقدت مع الكلمة لكي انهض بإنسانيتي نحو حياة تنفي وتنكر اساليب التقليد والتعقيد، حياة عارية من الصمت إلاّ من الوجود، حياة تعصر البذرة وتحاكي ورق الشجر، تعاكس هجرة الطيور، تقبض على النسمة لتتفجر مع عاصفة الابداع.

احببت القراءة واللغة بشغف التلميذ لفلش الصفحة الأولى من كتابه الاول، أحببت القواعد والانشاء.. هذه المبادئ اعطتني قوة التحرر الذاتي لكي أعبر بالكلمة فاعتمدت بعد فطام أولى كتاباتي الإبتدائية أن أتخذ المواقف التعبيرية لانني وجدتها اكثر واسرع تاثيراً من انفلاش الفوضى الكلامية وحتى من الشهادات المصدقة على جدران النجاح.

*هل الإبداع الشعري يقيده الحرف أو الظرف أو هو إبن اللحظة والدهشة؟

  • الإبداع هو إبن الحرية ذاتها وهو صنوها الابدي والابداع بشكل عام وبكل أنواع الفنون موسوم بالانعتاق القدري بمرسوم آلهي. اللحظة والدهشة وأيضاً الحدث هي مفاصل مرئية في عملية البناء الإبداعي، لذلك فإن الإبداع حر باشعاعه اليقيني لكنه يلتقط في اشراقية رحلته كل ما يلمع في تخوم الريح ومناكب الارض، فيجبلها بأحاسيسه المكثفة لتولد الشعلة البارقة في واحة خصبة كالسماء السابعة.
  • *بين الأعمال المسرحية أو الحلقات التلفزيونية والشعر، أين يجد حسين حمادة نفسه؟
  • اجد نفسي في أكثر من مكان في زمن واحد وفي لحظة متشظية، وما اعنيه فأنا أكون حيث أترك أثراً طيباً، وحيث المح إبتسامة رضى، وحيث تتفاعل العقول قبل التصفيق والتهليل، ولأحدد الإجابة للمسرح عندي طعم خاص، ولأشرح أكثر فأنا أسمع أغنيات كلماتي كالآخرين، وأيضاً الاذاعية أو التلفزيونية اتابعها وأتعمد أن أكون وكأني غريب عنها، أما المسرح ورغم أنني أكون في مكان ما في القاعة، إلاّ أنني أتحرك على الخشبة مع كل العناصر البشرية وحتى التقنية وأردد في نفس وقتهم كل الحوارات وحتى المؤثرات.. بإختصار أنا أنصهر بكلّي مع المسرح، ويبقى خاصية المسرح وهي الإلتحام المباشر مع الجمهور بكل مفاعيل وتجليات العمل المسرحي وخاصة المسرح التوجيهي الهادف.
  • *ما هو الدور الذي آليت على نفسك أن تقوم به لانقاذ الثقافة التي تتعرضر لأزمة وجود؟
  • لأهمية السؤال وموضوعه، نقّر جميعاً أننا في أزمة حادة، بل مصيرية على مستوى وجودنا الثقافي والحضاري، الأزمة التي تبدأ من الغياب السائد على فقدان التطور ونمو الوعي وجمود العقل عند خط عدم استوائنا واول ما أقول وأنصح وأتوسل وأناشد ان لا نقف عند الاطلال.
  •  (هيراقليطس) عبر عن إستحالة السباحة في مياه النهر مرتين، هذا التعبير الأمثل عن واقع الحال والكهوف التي تحنط صيرورتنا ومعيب بل كفر وقوفنا المستمر على أنقاض ما تهدم أو طواه النسيان وما سيطوى مما تبقى لدينا من أثر بعد عين،
    وطبعاً انقاذ وهي مسؤولية جسيمة وتتطلب تكامل ومشاريع وبرامج تحيط بكل جوانب القضية، ومن جهتي المتواضعة فأنا في سعيي الدائم وفي تنوع أعمالي أيضاً المتواضعة أركز على خصوبة الضوء بمعنى أنّ الضوء الحقيقي هو شعاع الخير والتقدم ونضوج الوعي وتفتح العقل ليصبح الفن هو رسالة الكون الهادفة المبشرة برقي وتطور إنساننا ومجتمعاتنا وبالتالي كل الأوطان التي تؤمن بكل الرسالات، وحده الفن بفروعه المختلفة يمكن أن يتكفل بتفعيل حركة الزمن وتبلوره في نص أو لوحة أو منحوتة أو قصيدة أو عمل موسيقي أو قصيدة شعرية.
  • *الكلمة تحمل حبيبات المعاني وتنثرها على جسد الاجيال القادمة، هل الحصاد بخير أو علينا أن نشعر بالقلق؟
  • أنا اقلق بالمعنى الإيجابي، وليكن القلق كذلك محفزاً لكي نبدأ، أو نواصل، ولكي نبدأ بداية صحيحة لنتذكر أنه في البدء كانت الكلمة، وعلى هذا الأساس السماوي لتكن الكلمة ضمير الوجود، الكلمة التي تخرج من رحم النور، الكلمة التي تخلع الظلام، الكلمة الصارخة المسكونة بالبرق والرعد/ الكلمة التي تتوشح مرايا الكون بين الأرض والسماء.

الأجيال القادمة أيضاً مسؤولية خطرة في إتجاهين، فهو الجيل الذي تستهويه أزرار التكنولوجيا، وهي حفر نار بين جبلين، وبنفس الوقت هو جيل خام، وأرض خصبة لكل زرع، فهل نحن الآن رقم ما في حلبة السباق التي لا ترحم ولا توفر، للاسف الإجابة لا، نحن قد نكون خارج الحلبة كلياً، وعليه فالجميع مطالب بالعمل الدؤوب، والجميع مسؤول والمسؤولية أمانة والأمانة ثقيلة في ميزان الحصاد .

  • *القصيدة باللهجة المحكية قريبة من القلب ولكنها ليست بالسهولة التي يظنها البعض، ما الذي يميزها وكيف استطاعت ان تحجز مكاناً متقدماً على الساحة الشعرية؟

  – أوافق انها قريبة من القلب والوجدان أيضاً، ويحتل الشعر المحكي حيّزاً هاماً في هامش مساحات الشعر اللبناني، الظن يعود إلى باطن العقل وشعوره اللامباشر بأنه لهجته المحلية اليومية المعتادة، مما لا شك فيه أن إيقاع الشعر المحكي هو أكثر مرونة من إيقاع شعر الفصحى، وهذه المرونة السلسة والجاذبة جعلته مضيئاً في بعض جمادات التفاعيل الكلاسيكية، وبالتالي مشهداً مستقلاً معبراً بصور ناطقة قبل الوصول إلى المعنى من خلال ايقاعيته المرنة والمحببة بشكل مألوف وقدرته على التعبير عن شتّى المواضيع التي كان الإعتقاد انها حصراً لشعر الفصحى، وتبقى اللهجة المحلية أكثر أُلفةً في اسماع المتلقين من شعر الفصحى إذا عولجت بحرفية عالية وتطور مستمر وحداثة عصرية.

  • *هل تتحمل وزارة الثقافة مسؤولية الفوضى الحاصلة في الساحة الثقافية أو هي أيضاً ضحية وأين القارئ من هذه التجاذبات؟
  •  – قد لا تكون كلمة “الفوضى” عنوان عادل للواقع المرير بقدر ما هي حالة تشتت ضمن التنوع غير المستقيم، وعنيت بالعدالة ان لا نوفي حق المبادرات الفردية والأنشطة المحلية والنتاجات الفنية التي تنهض من هول المعاناة.. أما وزارة الثقافة ورغم مسؤوليتها المباشرة كـ “سلطة رسمية وراعية وداعمة للثقافة الوطنية العامة” فهي في عجز ملحوظ ومنذ زمن وذلك يعود لاسباب مباشرة وغير مباشرة.
  • المباشرة عدم وجود الامكانيات وهذه إحدى فضائح السياسات التي تغيّب الدعم في الموازنات عن أهم وأعظم القطاعات وهي الثقافة التي هي وجه لبنان الحضاري بكل معانيه.
  • وغير المباشرة عدم وجود برامج عامة ومحددة والاكتفاء بدعم ما أمكن من القطاع الثقافي المدني الخاص، وهنا وحول القارئ تظهر الثغرة القاتلة ونعود إلى ما أشرنا إليه بأن القارئ سوف يتجه تلقائياً إلى ما يهوى وما تمليه عليه منصات مشبوهة يتلقفها مرغماً أو مستهوياً أو فضولياً، وهذا ما يزيد الشرخ الحاصل بين فكرة المواطنة، ومواطنة الغربة والمجهول.

*هل فعلاً الشاعر تلده قصيدة لا تتكرر مهما أبدع أو له في كلّ قصيدة حكاية حياة؟

  • القلب مركز التحول لكل إنسان، وللشاعر قلب يناجي العقل لإكتشاف الضوء، فتسقط القوانين المادية، القلب ينام على الورق في سكتة قلبية، والعقل في سكتة دماغية من جهد القلب وحكم العقل، يشتعل المركز فتولد القصيدة ويقول الشاعر ها أنا خرجت من المحدود إلى المطلق، والحكاية تكون لحظة إنتماء إلى روح القصيدة لا إلى فكرتها، وتكرار إنفجار القصيدة ليس هجرة إلى قصيدة جديدة، بل هو إختراق لزوال المساحات في النفس الشعرية المضيئة بأزليّة القدرة على التمسك بالضياء حيث تكمن أسرار هذا الكون
  • * أترك لك الختام في قصيدة تختارها لقراء كواليس..*

حلم خارج الوقت

عاندني حلمي يوماً وعاد إلى الوراء
وقبل أن أعاتبه اخبرني أنه عاد ليفتح البوابة الأولى
رافقته في ممر مهجور.. الممر مضاء بفوانيس بابلية
لم اسأله فقد علمت أننا لسنا في بلاد زيف الشعارات
قبل زلزال صفائح النظام والقشرة السياسية
كنا نتهافت لنسأل عن سعر باقة الورود
وتذاكر الصالات المخملية
ولم نسأل لماذا رحل النهر إلى البحر
ولماذا أنكسر القمر ولم تتحرر الطيور
حاولت الوصول ألى ظل أوراقي
ومزاجي وشجرة مهاجرة
كان مصباحي يتذوق طعم النار
وأوراقي تستجدي العيون
وقلمي يخيط ثياب الوقت بحبر التوبة
عرفت ان خطيئتي منذ الولادة بانه لا ينتظرني أحد
كلما عانقت شيئاً تحول الزمن إلى حرف
لمست الرغيف فتحول الجوع الى كلمة
وكلما زرعت غصناً تحول إلى سطور
أنا لا ينتظرني أحد وحتى حين عشقت امرأة
صارت قصيدة
وسألت جراحي فاصبحت كتاباً
وأنا لا أحد ينتظرني خارج الحلم
لماذا الأحلام لا يعترف بها أحد؟!

شاهد أيضاً

بركة للميادين نت: مفاجآت تنتظر الاحتلال في رفح.. والرد الإيراني استراتيجي

الكاتب عبدالله ذبيان   القيادي الفلسطيني علي بركة يكشف للميادين نت أن “كتائب رفح” لم …