السوبر ماركت … جوّعت اللبنانيين

طعّان حبشي

كما أنَّ النمل والنحل ينشطان طوال فترات الصحو لتجميع وتخزين ما يحتاجونه من طعام يقتاتون به خلال البرد والمطر، هكذا كان اللبناني عموماً وفي المجتمعات الريفيّة خصوصاً يعمل بكدٍ وتعبٍ على مدى الفصول الثلاثة الصيف ، الخريف ، والربيع ليدخّر ما يعوله ليس في الشتاء فقط بل خلال السنة كاملةً ، فكان يؤمِّن كل حاجاته واحتياجته والكفاية لمعظم متطلباته ومتطلبات عائلته من مؤنٍ وقوتٍ ، فكان في كل بيتٍ عبارة عن اهراءٍ صغير يحتوي على مختلف الحبوب من قمحٍ وحمص وعدس وفاصولياء وغيرها ، ومخزَنٍ يحتوي على شتى أنواع المؤونة من طحينٍ وكشكٍ وفواكه مجفّفة وبطاطا ، وجرارٍ من العسل والعرق والنبيذ عداك عن أوعية الكبيس من زيتونٍ ولبنٍ وباذنجان وغيرها من المنتجات المتعدّدة والتي لا مجال لذكرها كلها ، ولم يكن يقصد ما كان يُسمى بدكان السمانة الا نادراً وذلك لشراء ما لم يكن بالامكان تخزينه حتى صحَّ القول فيه ” فلاح مكفي سلطان مخفي ” . المهم انه وبعد أن درجت السوبر ماركات الكبيرة منها والصغيرة وانتشرت موضتها في كل المناطق اللبنانيّة ، ومع الوقت تخلى اللبناني عن نمط حياته القديم العريق والأصيل ، بل نسيَه تماماً ، وأصبحتَ ترى وتُشاهد النساء والرجال والأولاد أفراداً وجماعات وحشوداً داخل السوبر ماركات يتنقلون بداخلها بكثافةٍ ما بين أقسامها ورفوفها وبرّاداتها وأمامهم السلال يُمسكون ويدورون بها ، يتناولون ويتناتشون السلع بنهمٍ من الشمال ومن اليمين من الاسفل ومن الأعلى وغالباً ما يكدِّسون بداخلها فائض ما يزيد عن احتياجاتهم بسبب الدعايات والاعلانات والتقديمات المغرية التي تُبهرُ العيون وتحلّ عقدة الجيوب وتستنزف النقود ، ولم يخطر على بال اللبنانيين بأنّ هذه الحالة هي ليست دائمة وهي بحبوحة آنية مؤقتة تزول مع تعسُّر الاقتصاد وهي من عيوب الاقتصاد الريعي كمثل ما هو حاصل اليوم في لبنان ، وهنا نستذكر ما قاله جبران خليل جبران ” ويلٌ لامةٍ تأكل ممّا لاتزرع ومّما لا تنتج ” فحتماً ستحلُّ بها ضائقة العوز والفقر والمجاعة .

شاهد أيضاً

أفرام: “اقتراح قانون مع زملاء لتأمين تغطية صحية واستشفائية فعلية ولائقة للأجراء من خلال إتاحة خيار التأمين الخاص”

كتب رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” النائب نعمة افرام على منصة “أكس”: “نظراً للآثار …