بين التقسيم والتضامن.. فرق شاسع

علي هويدي*


في 29/11/1947 أصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة قرارها غير القانوني رقم 181 الذي بموجبه “أوصت” بتقسيم فلسطين إلى دولتين واحدة عربية بنسبة (42،88%) من مساحة فلسطين وأخرى يهودية بنسبة (55،47%) وأن تبقى مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية بنسبة (0،65%).

وفي 2/12/1977 اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً اعتبرت فيه تاريخ صدور قرار التقسيم يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

يعتبر القرار 181 أهم قرار مجحف أصدرته الأمم المتحدة خلال تعاملها مع القضية الفلسطينية، إذ يعد الأساس الذي قامت عليه دولة الكيان المحتل، وهو القرار الأكثر خطورة من كافة القرارات الدولية من الناحية السياسية لانه يتناول موضوع الأرض والسكان في آن واحد.

يعتبر خبراء القانون الدولي أنه وبمجرد إنتهاء الإنتداب “انتهت سلطات الإدارة التي كانت للدولة المنتدبة وترتب على هذا أن زالت القيود المفروضة على ممارسة شعب فلسطين لسيادته الكاملة، وأصبح شعب فلسطين بحكم هذا الحق وبحكم حقه في تقرير مصيره، مؤهلاً لأن يحكم نفسه ويقرر مصيره طبقاً للمبادئ والأصول الديمقراطية المألوفة، كونه يمثل الأغلبية الساحقة في فلسطين، غير أن هذا الحكم لم تحترمه الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أوصت بتقسيم فلسطين.

وبهذا المعنى يعتبر قرار تقسيم فلسطين غير قانوني ولاغياً لثلاثة أسباب:
أولاً: وفقاً لنصوص ميثاق الأمم المتحدة للعام 1945 فإن مهمة أي إنتداب، تهيئة الشعب المُنتَدَب لتقرير مصيره، وإذا عجز عن ذلك، يتم تشكيل نظام وصاية دولية خلفاً للإنتداب لحين بلوغ الشعب المنتدب القدرة على إدارة نفسه، إلا أن الأمم المتحدة لم تفعل هذا ولا ذاك مع الإنتداب البريطاني على فلسطين.

ثانياً: حتى وإن رأت الجمعية العامة وحسب النصوص أن خير حل للقضية الفلسطينية هو التقسيم، فلا يعتبر ذلك قراراً ملزماً لأحد وإنما يكون ذلك اقتراحاً منها وتوصية غير ملزمة صدرت وفقاً للمادة العاشرة من ميثاق الأمم المتحدة. وهذه التوصية لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تمس الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.

ثالثاً: وفقاً للنصوص، لا يحق للأمم المتحدة أن تنشئ دولة جديدة، أو أن تلغي دولة قائمة، إذاً من غير القانوني أو المنطقي أو الأخلاقي أن تصدر قراراً ينشئ دولتين.

هناك فرق شاس لا بل تناقض، بأن يحمل نفس التاريخ مناسبة ذكرى تقسيم فلسطين ويوم التضامن مع الشعب الفلسطيني والصادران عن جهة واحدة هي الجمعية العامة للأمم المتحدة، فالتضامن الحقيقي والعملي للأمم المتحدة مع الشعب الفلسطيني يتحقق فقط بمراجعة ما سبق وتصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكبته الأمم المتحدة نفسها بحق شعب وأرض فلسطين.

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 28/11/2020

شاهد أيضاً

لا تثق

بقلم فايز ابو عباس. / الخيام لا تثق بمن بنى القصور .. قلاعا وغدا … …