فاعتبروا يا اولي الالباب

محمد صادق الحسيني


كانت تلك لحظة الذروة. استعرض الإمبراطور حرس الشرف المكوّن من ألف وسبعمئة جندي على الخيول والجمال، وهم يرتدون لباس الجيش الفارسي القديم، ثم ألقى خطبته تلك. أراد الشاه حفلاً لا نظير له من قبل ولا من بعد. كيف لا، وهي الذكرى الأعز على قلبه. وهل هناك ما يفوق ذكرى 2500 سنة على تأسيس الإمبراطورية الفارسية التي هو وريثها وسليلها ويحكم باسمها بلداً كبيراً هائلاً؟ أعطى شاه إيران أولوية قصوى لهذه الذكرى التي ستكون فرصة لإبراز عظمته ومجده ومكانته، ليس على مستوى المنطقة فقط، بل في العالم كلّه. استدعى الإمبراطور رئيس ديوانه، أسد الله عَلَم، وكلّفه بمسؤولية الإعداد لحفلٍ سيُبهر العالم من حيث ضخامته وفخامته وتميّزه.
بدأ العملُ مبكراً استعداداً للحدث المقبل المرتقَب في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 1971، وبميزانيّةٍ مفتوحة لا تحسب حساباً لحجم الإنفاق. سنوات عدّة من العمل والترتيبات استمرّت لكي يكون حفلاً يُرضي الشاه، والشاهبانو أيضاً (كان الشاه قد توّج زوجته الثالثة، فرح ديبا، وأعلنها رسمياً إمبراطورة لإيران في حفلٍ ألبسها فيه تاجاً من الذهب المرصّع بالمجوهرات وصل وزنه إلى حوالى 5 كيلوغرامات). وبلغ اهتمام أسد الله علم بالترتيبات والتفاصيل إلى حدّ أنه مرةً جمَع المورّدين والمتعهّدين الذين تعاقد معهم، وقال: «إذا لم تنجزوا العمل في الموعد المحدّد وبأعلى مستوى من الالتزام، بأدقّ التفاصيل، فسوف أطلق عليكم الرصاص من مسدسي، ثم أطلق النار على رأسي!».
المشكلة الأولى التي واجهت عَلَم كانت المكان. فلا بدّ أن يكون الاحتفال في المكان ذاته الذي بنى فيه كوروش الكبير مجده. كانت بارسه (باليونانية برسيبولیس أو Persipolis) هي العاصمة القديمة للإمبراطورية الأخمينية (الفارسية)، وقد صارت مكاناً غير مأهول في صحراء فارس، وأصبح اسمها تخت جمشيد، وتبعد عن شيراز حوالى 70 كم شرقاً. وقد وجد علم حلّاً خلّاقاً لهذه المشكلة: سيعيد إحياء المدينة، ولكن هذه المرة ستكون مصنوعة من عدد كبيرٍ من الخيام ذات المواصفات الخاصة التي تناسب مقام الإمبراطور وضيوفه (الفكرة كانت مستوحاة من الخيام التي أقام فيها الملك هنري الثامن وحشمه، حينما دخل فرنسا ضيفاً على الملك فرانسوا الأول عام 1520).
لم يعلم أحد حقيقة المبالغ التي أُنفقت على الحفل. وكان كلّ ما جرى مثيراً للخيال لأقصى حد. شيء يشبه قصص ألف ليلة وليلة. الصحافة الفرنسية تضاربت في تقديراتها لتكلفة الحفل الإجمالية، ما بين 100 إلى 200 مليون دولار، بينما ذهبت بعض الصحف البريطانية في مبالغاتها إلى رقم 500 مليون! وبكل الأحوال، كان رقماً مهولاً ويتجاوز المليار دولار في أيامنا هذه.
اين ذهب كل ذلك !؟
بلحظة لقاء وعي الامة بوعي امامها ذهب كل شئ مع الريح ولم يبق الا ملك الله وعيال الله .
هكذا هي السنن الكونية دوماً
بعدنا طيبين قولوا الله

شاهد أيضاً

جنبلاط يلتقي البيسري

  استقبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط، في دارته في كليمنصو، مدير عام …