الإنتخابات الأميركية أكثر انقساماً وفرقةً وإثارة والنتائج مفاجئة

السفير أبوسعيد لـ”كواليس”: لا يمكن الجزم من الأفضل


 أحمد موسى


يصوّت الناخبون الأمريكيون في واحد من أكثر السباقات الإنتخابية إثارة للفرقة والانقسام منذ عدة عقود، وهو السباق الذي ينافس فيه المرشح الديمقراطي، نائب الرئيس السابق، جو بايدن الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، حيث فتحت أولى مراكز الاقتراع أبوابها في العاشرة من صباح الثلاثاء بتوقيت غرينتش في ولاية فيرمونت

فوز نسبي


وأدلى أكثر من 100 مليون ناخب تقريبا بأصواتهم بالفعل قبل يوم التصويت، مما يُدلّل على حماوة الانتخابات وضراوتها ويشارك فيها أكبر نسبة منذ قرن كامل تقريبا، محدّدةً الولايات الكبرى (المتأرجحة) التي ستبلغ ذروتها وستكون حامية الوطيس مصير البلاد مقررةً نتيجة الانتخابات ومن سيكون سيّد أميركا وبيتها الأبيض، رغم ترجيحات بفوزٍ ضئيل لبايدن على منافسه ترامب.


سقوط الهيبة


ليس ما يجري امامَ صناديقِ الاقتراعِ في الولاياتِ المتحدةِ الاميركيةِ هو تَغَيُّرٌ في المنظومةِ السياسيةِ او القانونيةِ او الدستورية، انما حقيقةٌ قديمةٌ كشفَها اداءُ الرئيسِ دونالد ترامب، فاَسقطَ ما تبقى من هيكلٍ هجينٍ اَسمَوْهُ الديمقراطيةَ الاميركيةَ المصابةَ اليومَ بالتصريحاتِ اللا اَخلاقية، والعَراضاتِ المسلحةِ في الشوارع، والاتهاماتِ المشينةِ على الشاشات.
فسَقطت الهيبةُ التي ظَنُّوا اَنها لا تُطال، ويكفي النظرُ الى المحالِّ التجاريةِ والاسواقِ التي يَتِمُّ تصفيحُها تحسباً لايِّ عنفٍ قادم، لمعرفةِ حقيقةِ ما آلت اليه امورُ هذا المارد.
إمّا أفوزُ – يقولُ دونالد ترامب – او تَخرَبُ الولاياتُ التي قد لا تبقى متحدة، ويُجيبُه خصمُه جو بايدن: امّا افوزُ او لا امكانيةَ لانقاذِ الاميركيينَ من الكارثةِ الاقتصاديةِ والانحدارِ السياسيِّ الذي يصيبُ البلاد.
وكلاهما اصابَ بلدَه وشعبَه، واصابَ كلَّ الانظمةِ المرتبطةِ بالاميركي عبرَ حبلِ السُّرَّةِ السياسي او الاقتصادي، وبالتالي من المبكر الحديث عن نتائج الفوز بالبيت الأبيض لصالح من سيكون داخله وحاكمة، فقد تأتي الرياح بعكس ما تشتهي السفن، بالتأكد سيشهد على تلك الولايات أجواء “اللامتحدة”.

أبوسعيد


وفي قراءة أولية للإنتخابات الأميركية قال مفوض الشرق الأوسط للجنة الدولية لحقوق الإنسان السفير الدكتور هيثم أبو سعيد في اتصالٍ مع مجلّة “كواليس”، ما من شك أن الولايات المتحدة الأميركية تعيش اليوم نوعاً جديداً من شكل ومضمون الانتخابات الرئاسية نظراً لشدة المعركة وسخونتها التي رافقتها كل هذه الفترة.
تعاطي ترامب وعدم المواجهة
إن المشكلة هي في شكل تعاطي الرئيس ترامب مع الاستحقاق الرئاسي وعدم قدرته على مواجهة المرشح الرئاسي جو بايدن ليس لأن الاخير قوي بل لأنه يستغل أخطاء ترامب طوال الأربعة سنوات التي مرت برغم بعض الإنجازات الاقتصادية المحدودة على المستوى الداخلي الأميركي التي نفذها الرئيس الأميركي.

نهب الثروات العربية

علينا أن لا نغفل أنه نهب ثروة كبيرة من العرب ووظفها في الداخل الأميركي كما وعد في حملته الانتخابية السابقة وقام بتنفيذ عدد من العناوين السياسية التي تصب في مصلحة اليهود وكيانهم، إلا أنه في السنة والنصف الأخيرة وعلى مستوى الاستحقاقات الدولية قد فشل ترامب من إيجاد حلقة توازن مع المجتمع الدولي، لا بل أكثر من ذلك فقد أخفق بشكل كبير في مقاربته للملفات الأممية وعناوينها الإنسانية والبيئية والصحية.


لعبة بايدن


من هنا عمد المرشح الرئاسي بايدن إلى الإضاءة على ذلك واللعب على وتر وصول أميركا إلى الحضيض، حيث باتت كلمة أميركا مع حلفائها شبه غير مسموعة وغير مطاعة، وعلى سبيل المثال لا الحصر فشل ترامب من الاستحصال مرتين في مجلس الأمن على التصويت ضد المشروع النووي الإيراني وجاء الفشل من قبل حلفاء أميركا قبل اخصامعا.

القطبة المخفية


تتسم هذه السنة الانتخابات بإجراءات جديدة نظراً للوباء المستجد “كورونا” حيث سيكون هناك انواع مختلفة من التصويت ومنها التصويت بالبريد وهذا ما يتخوف منه المرشحين وليس فقط ترامب.
هناك قطبة مخفية قد تفاجىء المرشحين في هذه الانتخابات وقد يعمد من له كفّة الترجيح في آخر لحظة من لعب ورقة استبدال الأصوات بعد الحصول على تنازلات في وقت بدل الضائع من قبل اللوبي الصهيوني الذي يجيد بإمتياز لعبة الابتزاز.

اللوبي الصهيوني


برغم كل الخلافات المهمة مع ترامب على مستوى العقائدي بين اليهود والرئيس الأميركي وبرغم مجازر حصلت مع اللوبي الصهيوني أثناء حكم ترامب، إلا أن هذا اللوبي التاجر للدماء يمكن أن يعقد صفقة معه للحصول على مكاسب يعتبرها “المصلحة العليا للبقاء والوجود”، وبالتالي نعم قد يحصل اللعب خطير في نتائج الانتخابات وقد يكون ضحيتها أيا من المرشحين.

تنافس نحو الأسوأ

علينا أن ننتبه جدياً وعدم الاسترسال في التفاؤل في السياسات الخارجية الأميركية تجاه القضايا الرئيسية للعرب والمسلمين، فهي لا تختلف كثيرا بين الديمقراطيين والجمهوريين إلا بالشكل لكن المضمون يكون يتنافس نحو الأسوأ تجاه تلك القضايا من أجل كسب ودّ اللوبي الصهيوني.
نحن نرى أن الوعود التي يدلي بها ترامب وبعد التجربة خلال الأربعة سنوات معه أثبتت أنه يصدق فيها أكثر من كل الذين تعاقبوا على الرئاسات برغم أدائه السيء جدا تجاه قضايا الشرق الأوسط.
لا يمكن أن نجزم أبدا أن هذا المرشح سيكون أفضل من الاخر بحيث إذا ما أخذنا مصالحنا منها نرى أن هناك نقاط قد نستفيد منها، وتلك النقاط ليست مجتمعة في شخص واحد وانما في الاثنين، لذلك علينا أن نرى أي من النقاط في الحد الادنى يمكن أن ترضي بالحد الأدنى مصالح شعوبنا. للاسف مرة أخرى مباراتنا كعرب تكون بين الكحل والعم. وليس بين الأبيض والأسود.

تخوّف صهيوني

لا نأمل في كثرة تغيير في مجمل تلك العناوين التي ذكرتموها، إلا أن المتابع لكل المراحل الرئاسية الأميركية نرى جلياً تغيير في الولاية الثانية وجود مرونة أكثر تجاه القضايا الحادة التي مارسها في ولايته الأولى.
من هنا نعتقد أن اللوبي الصهيوني واعٕ لهذه النقطة وليس كرها بترامب الذي أعطى الكيان الاسرائيلي أكثر مما كان يعتقد أنه قد يتحقق لجهة طموحاته الهدامة والمسيئة للقضايا العربية وخصوصا الفلسطينية منها.
وعليه يتخوف هذا الكيان من أن يقدم ترامب فيما لو فاز بالانفتاح على إيران بحسب ما صرح به، إلا إذا كان الكيان قد رسم خطة للتطبيع وأخذ الضمانات من ترامب المضي بهذا الاتجاه وتسخير التفاهمات مع إيران بهذا الشأن، يمكن أن نؤكد أن هذا المسار صعب جدا بالنسبة لإيران، لذلك تبقى الأمور مفتوحة المفاجآت كما حصل في الانتخابات السابقة.

شاهد أيضاً

ثلاثيّة العراق والضفة وسورية تلاقي اليمن ولبنان وغزة

ناصر قنديل – ثمانية أيام فقط هي التي مرّت على الردّ الإيراني على استهداف القنصلية …