ملاحظات حول ترشيح الرئيس الحريري نفسه وخطاب ما بعد تكليفه

عدنان علامه

شهد مطلع الشهر الحالي تحركات مكثفة لإستطلاع إمكانية تكليفه ولما وجد فرص النجاح جيدة في إعادة ترشيحه، قام بخطوة فريدة تخالف كل القوانين والأعراف في تكليف رئيس الوزراء. فرشح نفسه وقام بمروحة واسعة من اللقاءات لجس النبض ولتأكيد إلتزام الأطراف الذين تواصل معهم هاتفياً. وعندما وجد أن الأعداد غير كافية لترشيحه طلبت بعض الكتل من رئيس الجمهورية تأجيل الإستشارات النيابية الملزمة حتى يوم الخميس الماضي. فتكثفت الاتصالات والمشاورات لحسم اسم رئيس الحكومة المكلف لأن بعض الكتل لم تحسم أمرها، ولأن بعض النواب أرادو تسميه الحريري من خارج كتلهم النيابية بعد أن رشح النائب سعد الحريري نفسه لذلك.

ولما استشعر رئيس الجمهورية بأن كلمة السر التي كان يحملها شينكر تقضي بحتمية تشكيل الحريري بعد تأمين النصاب الكافي لذلك. لذا قرر رئيس الجمهورية عن عزمه لإلقاء خطاب يمكن إعتباره براءة ذمة للرئيس لأنه حمّل الرئيس عون في إشارة ضمنية إلى الرئيس سعد الحريري وبعض الأحزاب التي شاركت في الحكومات السابقة والسلطات المتعاقبة مسؤولية الفساد في سلسلة عناوين عدّدها سائلًا: “أين القضاء من سطوة النافذين؟”.

ودعا الرئيس عون النواب لتحكيم ضمائرهم، مذكرًا بمرور عام على إحتجاجات 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، و”ما يحمل من دلالات غضب المواطنين.
ونتيجة لإستشارة الرئيس عون للكتل النيابية؛ تم تكليف النائب سعد الحريري بتشكيل الحكومة وقد ادلى الرئيس سعد الحريري بخطاب مقتضب واقتبست منه التالي :-

أتوجه بالشكر إلى الزملاء النواب، وبخاصة إلى الذين شرفوني بتسميتي لتشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، مهمتها تطبيق الاصلاحات الاقتصادية والمالية والادارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية، التي التزمت الكتل الرئيسية في البرلمان بدعم الحكومة لتطبيقها.
واتوجه إلى اللبنانيين الذين يعانون الصعوبات الى حد اليأس، بأنني عازم على الالتزام بوعدي المقطوع لهم، بالعمل على وقف الانهيار الذي يتهدد اقتصادنا ومجتمعنا وأمننا، وعلى اعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ الرهيب في بيروت، وأنني سأنكب بداية على تشكيل الحكومة بسرعة، لأن الوقت داهم، والفرصة امام بلدنا الحبيب هي الوحيدة والاخيرة”.

وقد نقلت وسائل التواصل الأجتماعي انقسام الأراء حول تكليف الرئيس الحريري بين مؤيد ومعارض. وكان من أبرز التعليقات المثل القائل “يللي جرًب مجرْب بيكون عقله مخرّب”.

وفي العودة إلى الخطاب المقتضب حول تطبيق الإصلاحات الإقتصادية والمالية والإدارية الواردة في المبادرة الفرنسية لا بد من الإشارة بأن كافة الكتل النيابية السياسية وافقت على “عقد سياسي جديد” دون مناقشة التفاصيل وإقرار قوانين ومشاريع قوانين لتنفيذها.

وقد ألزم الرئيس الحريري نفسه يعهود لم يستطع تنفيذها سابقا بقوله : “بأنني عازم على الالتزام بوعدي المقطوع لهم، بالعمل على وقف الانهيار الذي يتهدد اقتصادنا ومجتمعنا وأمننا”.

عفواً حضرة الرئيس فقد كانت حكوماتكم طيلة ثلاثة عقود السبب الرئيسي في الوضع الإقتصادي المنهار وضياع أموال المودعين. وقد رفضتم التعاون مع سوريا لتأمين التبادل التجاري مع العراق وهي الممر الإلزامي الأقصر حتى اليوم. فالعراق هو السوق الوحيد لإبتلاع كافة المنتوجات اللبنانية. وقد لا يستمر ذلك طويلاً لأن للدول الخليجية الَمطبعة مع العدو تسعى للسيطرة على السوق العراقي في المستقبل القريب. فلا يبقى أمام لبنان سوى الأسواق السورية. وكنت آمل ان لا تطلق الوعود التي لا تستطيع الإلتزام بها.

ولا بد من التذكير بأنه يوم الاثنين 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 حكومة لبنان وافقت على ورقتكم الإصلاحية وموازنة 2020. ولكنكم بدلاً من تشكيل خلية أزمة تعمل على مدار الساعة للإيفاء بتنفيذ ورقة الإصلاحات؛ تقدمتم بإستقالتكم بتاريخ 29 تشرين الأول/اوكتبر 2019 وحتى تخليتم عن واجبكم بتصربف الأعمال بحجة أن الإستقالة جاءت إستجابة لرغبة الشعب. وجاء تكليف الرئيس حسان دياب بعد مخاض عسير فكشف بأن الدولة مفلسة وصادرت المصارف أموال المودعين. ولم يستطيع الرئيس دياب من إكمال مهمته بسبب عوائق داخلية سياسية معرقلة وتفشي وباء كورونا والإنفجار أو التفجير الكارثي لمرفأ بيروت فقدم إستقالته. وانت تعلمون علم اليقين كيف أفشلتم مهمة الرئيس مصطفى دياب من خلال نادي الرؤساء السابقين. وقد شهدت الأسواق المالية إنخفاضاً ملحوظاً في سعر صرف الدولار تزامن مع إعلانكم عن ترشيح أنفسكم لرئاسة مجلس الوزراء علما بأن الأسعار إرتفعت بدلاً من الإنخفاض علماً بأن لا يوجد أي عامل إقتصادي او منطقي لتبرير ذلك. فهل تعتبرون ذلك صدفة؟

وفي ختام الخطاب المقتضب ذكرتم “ستنكبون بداية على تشكيل الحكومة بسرعة، لأن الوقت داهم، والفرصة امام بلدنا الحبيب هي الوحيدة والاخيرة”.

لذأ آمل حضرة الرئيس أن تفوا بإلتزامتكم لأنكم بتصرفاتكم خلال ثلاثة عقود لم تفوا بأي إلتزام، ووضعتم أنفسكم موضوع الإتهام حين حميتم “شهود الزور”. وألزمكم بما ألزمتم به أنفسكم “الفرصة امام بلدنا الحبيب هي الوحيدة والاخيرة”.

وإن غداً لناظره قريب

24/10/2020

شاهد أيضاً

دراسة تكشف فوائد الوظائف المرهقة على الدماغ !

أولئك الذين عملوا في وظائف ذات متطلبات معرفية أعلى، شُخّص إصابة 27% منهم بضعف إدراكي …