محمد فوزي.. من الموالد والأفراح إلى التربع على عرش السينما الغنائية (٢/١)

زياد سامي عيتاني*


حلت منذ أيام ( 20 أكتوبر/تشرين الأول 1966) ذكرى رحيل معجزة القرن العشرين في الغناء والموسيقى والتمثيل “الأسطورة” محمد فوزي، الذي قدم النموذج المثال للفنان القدوة، من خلال إثرائه الحركة الفنية في مصر وجميع أنحاء الوطن العربي برصيد هائل من الأغنيات والأفلام الغنائية، ما يجعلنا دائماً نتذكره بما قدمه من تراث فني بديع.
رغم سنوات عمره القليلة، إلا أنه عاش في وجداننا وذاكرتنا، فهو إبن هذه الأرض الطيبة، فتشعر حينما تشاهده وتسمعه أنه ليس غريباً عنا، بل ينتمي إلينا، وننتمي إليه
أحد أهم وأشهر فناني الوطن العربي، في الموسيقى والغناء والتمثيل، حياته قصيرة وإنتاجه غزير، حباه الله بوجه بشوش وصوت كتغريد الطيور، إمتاز تمثيله بخفة الظل الذي لا يخلو من ثقل الممثل الجيد.
صوته مرحاً ليس من السهل تقليده، فكان قريباً من القلب، وكأن “غناه وصوته بيضحكوا”، وإمتاز بكونه السهل الممتنع، فرغم رشاقة ألحانه، إلا إنها صعبة التقليد.


•تعلم الموسيقى على يد أطفائي:


ولد “فوزي” في قرية كفر أبو جندي التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، في 15 أغسطس 1918، قبل شهور قليلة من قيام ثورة 19، حصل على الإبتدائية من مدرسة طنطا عام 1931، وتعلم أصول الموسيقى على يد أحد رجال المطافئ من عشاق الفن، إسمه “محمد الخربتلي”، وهو صديق لوالد فوزي، الذي أنجب 25 ولداً وبنتا، كان منهم محمد فوزي والفنانة الكبيرة هدى سلطان.


•البداية من الموالد والأفراح:


أحب فوزي الفن وسط عالم الموالد والليالي والأفراح، التي كان يصطحبه فيها والده، سمع هناك أغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وأصبح مثل المجاذيب بهما، ليلتحق بـعد نيله الشهادة الإعدادية بمعهد فؤاد الأول للموسيقى في القاهرة.
وفى إحدى إجازات الصيف طلبته إحدى الفرق الغنائية التى كانت تحيي حفلات بالموالد والأعياد، لكى يكون مطربها ووافق فوزى وذهب مع الفرقة ليحيى مولد سيدى إبراهيم الدسوقى مقابل 30 جنيهاً فى الشهر. وغنى فوزى وقتها أغنية «خايف أقول اللى فـ قلبى» للموسيقار عبد الوهاب، فنال تصفيقا وإعجابا غير مسبوق، لكن ضابطاً كان يتولى تأمين المولد طلب لقاء هذا المغني الصغير بشكل عاجل، وحين التقاه أخبره أنه يمت له بصلة قرابة ونصحه بترك الغناء وترك الفرقة الغنائية وأن يتفرغ لدراسته، فشعر فوزى بالحرج من قريبه فعاد إلى طنطا حزيناً كسيراً.


•الرسوب كمطرب في الإذاعة:


عندما بلغ محمد فوزي العشرين من عمره، تقدم إلى إمتحان الإذاعة كمطرب وملحن، غير أنه رسب كمطرب، ونجح كملحن، لكن هاجس الغناء كان يطارده، لذا قرر إحياء أعمال سيد درويش ليظل في فرقة فاطمة رشدي كممثل بديل يغني أدوار سيد درويش، حتى جاءته الفرصة عندما تعاقدت معه الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى ممثلاً مغنياً بديلاً عن المطرب إبراهيم حمودة في مسرحية شهرزاد لسيد درويش، ولكنه أخفق في العرض الأول، على الرغم من إرشادات المخرج زكي طليمات، وقيادة محمد حسن الشجاعي الموسيقية، الأمر الذي أصابه بالإحباط، ولاسيما أمام الجمهور الذي لم يرحمه!


•رشدي ووهبي ينقذانه تمثيلاً وغناءاً:


نتيجة الإحباط الذي أصابه من جراء الفشل، إختفى فوزي فترة إلى أن عرضت عليه الممثلة فاطمة رشدي، التي كانت تميل إليه وتؤمن بموهبته، العمل في فرقتها ممثلاً وملحناً ومغنياً فلبى عرضها .


في عام 1944 طلبه الفنان الكبير يوسف وهبي ليمثل دوراً صغيراً في فيلم سيف الجلاد ليغني فيه من ألحانه أغنيتين، غير أنه إشترط عليه شرطين أساسيين: الأول أن يختصر إسمه إلى محمد فوزي فقط بدلاً من محمد فوزي عبد العال فوافق من دون تردد، والثاني أن يجري عملية تجميل في فمه لتصغير شفته العليا، وهو الأمر الذي إستغرق وقتاً للتفكير فيه، غير أنه وافق عليه في النهاية.


•بداية التألق السينمائي:


فيلم “أصحاب السعادة” مع سليمان نجيب والمطربة رجاء عبده، كان بداية التألق السينمائي، المخرج محمد كريم هو الذي فتح الطريق لفوزي، باختياره وإيمانه به ممثلاً، خصوصاً وأن كريم كان يبحث عن وجه جديد ليسند إليه دور البطولة في فيلم “أصحاب السعادة” وكان نجاحه في الفيلم كبيراً وغير متوقع ويصبح وجهاً سينمائياً خفيفاً مدعوماً بموهبة الصوت الجيد واللحن المميز.


•التربع على عرش السينما الغنائية:


وساعده نجاح “أصحاب السعادة”، على تأسيس شركته السينمائية “أفلام محمد فوزي ” في عام 1947، والتي تركت بصمة في تاريخ السينما المصرية، فبعد ثلاثة سنوات فقط من تأسيسها، كان ” محمد فوزي ” يتربع على عرش السينما الغنائية والإستعراضية، وإستمر على القمة حتى نهاية الخمسينيـات،

وشاركته البطولة نجمات الأربعينيات والخمسينيات منهن: شادية، ليلى مراد، صباح، فايزة أحمد، ليلى فوزي وغيرهن، حيث قدم فوزي 36 فيلماً هي رصيده، ليصبح بذلك أكثر المطربين الذين يمتلكون رصيداً سينمائياً، ليتفوق على فريد الأطرش الذي قام ببطولة 33 فيلماً.


يذكر أنه من أوائل من أنتجوا أفلام بالألوان الطبيعية، من خلال فيلم “الحب في خطر” عام 1951، شاركته البطولة فيه الفنانة صباح.
ومن أهم هذه الأفلام: “سيف الجلادعام”، “قبلة في لبنان”، “أصحاب السعادة”، “مجد الدموع”، “عدو المرأة”، “قبلني يا أبي”، “عروسة” البحر”، “صباح الخير”، “العقل في إجازة”، “صاحبة العمارة”، “حب وجنون”، “نرجس والروح”، الجسد وبنت حظفي”، “المرأة شيطان”، “المجنونة”، “ماريكا وراشيل”، “صاحبة الملاليم”،” بنت باريز”، “آه من الرجالة”، “غرام راقصة”، “الزوجة السابعةفي، “الحب في خطر”، “نهاية قصة”، “ورد الغرام”، “من أين لك هذا”، “يا حلاوة الحب”، “إبن للإيجار”، “فاعل خير”، “دايما معاك”، وبنات حواء”…


*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.


-يتبع: عبقري مرسيقى القرن العشرين.

شاهد أيضاً

وجه كتاب توصيات لوزارة التربية

مطر: “فلنخفف على طلاب المدارس الرسمية” تجاوبا” مع طلاب المدارس الرسمية في صرختهم حيال الامتحانات …