حاله إنسانية استوقفتني..

لا أعلم من أين أبدأ أو كيف أبدأ، لكن جلّ ما أعرفه أن هذه الحالة الإنسانية استوقفتني عندما اطلعت عليها عبر وسائل التواصل الإجتماعي وال Facebook.

هذه الحالة ليست في لبنان، بل في جمهورية مصر العربية، وبما أنه من المفروض أن الوطن العربي متصل ببعضه البعض ومتقارب في الكثير من العادات والتقاليد، كان لا بد لي من متابعة هذه الحادثة والحديث عنها لعلنا نستطيع مساعدة هذا الشاب الطموح الذي وصل به الأمر إلى حدّ اليأس من وضعه.

شاب في مقتبل العمر، شاءت الأقدار بأن يصاب بإعاقة دائمة للأسف والسبب عمله الذي درسه بكل شغف وعشقه جداً.

أنا أتحدث عن مهندس مدني، شاب يبلغ من العمر 27 عاماً إسمه إسلام محسن أحمد أحمد موسى، الذي أصيب بإعاقة دائمة جراء سقوطه من «منور» البرج الذي كان يشرف عليه في إحدى ليالي رمضان المبارك عام ال 2017 والحكاية تقول بأن إسلام ذهب إلى موقع عمله في تلك الليلة المشؤومة بعد صلاة التراويح مباشرة وعندما جال في المكان ليشرف على عمله في ذلك البرج الذي يبلغ إرتفاع 9 طوابق، سقط من «المنور» الذي لا يتجاوز عرضه المتر ونصف المتر ولكم بأن تتخيلوا مدى الألم جراء هذا السقوط الذي كان من الممكن أن لا يخرجه حياً، لكن بالقدرة الإلهية استطاع بأن يصل إلى هاتفه الذي سبقه في السقوط وحط بعيداً عن مكان سقوط إسلام، المهم وبعد معاناة طويلة مع الألم لمدة لا تقل عن الساعة وهو وحيداً لا يستطيع أن ينادي أحداً ينجده استطاع التقاط هاتفه وهو يتشاهد على نفسه لأنه لم يكن يستطيع التقاط أنفاسه، كان على الهاتف والده الذي تفقده ولم يجده في موقعه، المهم حدد إسلام الموقع الذي سقط فيه ليتم بعدها انتشاله من مكان الحادثة التي تسببت له بتكسير كامل في أعضاء جسده دخل على إثرها إلى المستشفى وبقي لمدة شهر كامل في العناية المركزة بين الموت والحياة، خرج بعدها بمعجزة وذلك بشهادة الأطباء الذين عالجوه، لكن نتج عن ذلك تكسير في قدميه اليمنى واليسرى ممّا سبب له إعاقة دائمة، حيث حدث له كسر مضاعف بالساق اليمنى نتج عنه تركيب مسماري نخاعي 35×6، أما الساق اليسرى أصيبت بكسر في مفصل الكاحل وأجريت له عمليتين جراحيتين بها وتمّ تثبيت كامل لمفصل الكاحل، لكن الكاحل فقد وظيفته في الحركة ونتج عنه قصر طول في الساق اليسرى عن الساق اليمنى مع وجود كسر في «العصعوص» نهاية العامود الفقري وشرخ في الفقرة الثالثة القطنية ومنذ ذلك الوقت وهو يخضع إلى عمليات متتالية لكن الحال بقي كما هو، مما أثر ذلك على عمله، فهو لم يعد يستطيع الوقوف على قدميه لوقت طويل من أجل الإشراف على عمله في الهندسة المدنية «انشاءات».

حظي إسلام في بداية الحادثة بالدعم والتعاطف الكبيرين من أصحاب الكفوف البيضاء من داخل وخارج مصر وخصوصاً من الخليج العربي، جميعهم عرضوا المساعدة وإرساله إلى الخارج من أجل العلاج، لكن حالته الصحية لم تكن تسمح بذلك حينذاك واليوم هو مكانك راوح بلا عمل أو دعم.

لدى إسلام الكثير من الطموحات فيما يخص الهندسة المدنية، فكل ما يطمح إليه حالياً وظيفة يعتاش منها ويصرف من خلالها على والدته وشقيقاته خصوصاً بعد وفاة والده الذي ترك على عاتقه هذا العبء دون أن يحتاجون أحد بالإضافة إلى أنه يطمح لبناء مستقبل زاهر من خلال كده وتعبه وليس حسنة من أحد وهذا مطلباً شرعياً لشخص يريد أن يكون له مستقبل في بلده من أجل خدمتها أيضاً.


أنا أعلم بأنه لدى الحكومة المصرية قانون توظيفي من أجل ذوي الإحتياجات الخاصة يملك 5% من الوظائف الحكومية نتمنى بأن يكون لإسلام نصيب من هذه النسبة، فهو نموذج من الشباب الذين يفتخر بهم ويجب أن يحذوا حذوه، لأنه وبالرغم من إعاقته إلا أنه ما زال ينظر إلى الحياة بتفاؤل وحب ويسعى جاهداً لكي لا يبقى عاطلاً عن العمل كما هو حال شباب اليوم في الوطن العربي.

هذا المقال مرفق ببعض الصور لإسلام ينظر فيها بتفاؤل وأمل بالرغم من كل ما عايشه ويعيشه اليوم.

رانية الأحمدية

شاهد أيضاً

فتيل سريع الإشتعال للتفجير

___كتب /سعيد فارس السعيد: ١٧ / ٤ / ٢٠٢٤ لن تسطيع أية دولة بالدول النامية …