شهداء جبهة المقاومة اللبنانية في 16 أيلول

من صلب هزيمة مدوية عام 1982 تمثلت في اجتياح إسرائيل حتى بيروت، انبثقت في 16 أيلول جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وعلى وقع “يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار” إنسحبت إسرائيل بعد اسابيع قليلة  وتكرست المقاومة فإنتصرت العين على المخرز.

مجهولون صنعوا المجد ومضوا وظلت  عبارة “ما  بعرفهم” مرافقة لعمل نضالي يدفع  بصاحبه نحو كتم “السر الجميل” الا في حال استشهاده او اعتقاله من قوات العدو. اما الملفت فذلك التواضع  الشديد عند أهالي الشهداء على إعتبار شهادة آبائهم او أبنائهم تحمل قدسية وطنية وينبغي بقاؤها خارج الاستعراض.

ولادة المقاومة شكلت امتدادا لتجارب سابقة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي. فقوات الأنصار والحرس الشعبي كانت التمهيد الفعلي لتأسيس  مفهوم “المقاومة” كحق مشروع للدفاع عن الأرض وطرد الاحتلال ما حفر عميقا في الوجدان الشعبي في مناطق الجنوب تحديدا.

الشهيد الأول في صفوف الحرس الشعبي علي أيوب سقط العام 1978 أثناء الاجتياح الاسرائيلي الأول. واجه الدبابات التي تحركت  عند أطراف قريته عيناتا، واجه العدو منفردا  وإستشهد لكنه لم  ينسحب.

فجر 25 شباط، لاحظ علي أيوب حركة عسكرية مريبة وأمام أعين أطفاله الأربعة إستل بندقيته التشيكية ولبس جعبته، لم يأبه لحرق شديد في قدمه بقدر اطمئنانه على بقاء عائلته، سرعان ما وقع الاشتباك وعاد محمولا حيث  لم يترك رصاصة واحدة  في مخزنه.

حكاية الصمود حتى الاستشهاد اكملتها  زوجته  الحاجة زينب خنافر في عدوان 2006، الانسانة البسيطة التي تخلت بشكل مفاجئ عن مشاعر الخوف ورفضت مغادرة قريتها عيناتا حتى الاستشهاد  وفق سلوك غريب عن طباعها المعهودة.

لم تفلح مناشدات الأبناء ولا إيفاد فريق الصليب الأحمر إلى بلدة  عيناتا الجنوبية من تليين موقف الحاجة زينب صاحبة الـ78 عاما، ففضلت البقاء متنقلة من بيت إلى آخرإلى أن إختفت وتم العثور على كيس الدواء والعكاز تحت ركام احد المنازل فكان الدليل القاطع على استشهادها.

من الجنوب إلى عكار، ايلي حداد احد شبان اتحاد الشباب الديمقراطي إستشهد على أرض الجنوب في خريف عام 1987، اعتصم الطلاب ضد إدارة مدرسته الثانوية احتجاجا على رفض تنظيم  حفل تأبين و لسان حالهم “سقط منا شهيد في الجنوب ومن حقنا الاحتفال”.

ينحدر الشاب المتحمس من بلدة حدودية مع سوريا (المقيبلة) كما من بيئة مناقضة تماما لفكر المقاومة، رغم ذلك ترك صخب حفلات الاتحاد والمخيمات الشبابية وتطوع في المقاومة، في إحدى العمليات العسكرية فوجئ بكثرة الدبابات في الدورية الإسرائيلية  فما كان منه إلا اصدار الأوامر لأفراد مجموعته بالانسحاب حفاظا على حياتهم و غطى ذلك بالاشتباك مع العدو منفردا حتى استشهاده. 


(مناسبة ذكرى تأسيس المقاومة) 

شاهد أيضاً

دراسة تكشف فوائد الوظائف المرهقة على الدماغ !

أولئك الذين عملوا في وظائف ذات متطلبات معرفية أعلى، شُخّص إصابة 27% منهم بضعف إدراكي …