** حكومة الفرصة الأخيرة **

بقلم الكاتب عفيف قاووق

           ” لا نريد شيئاً، وليس لدينا أي مطلب خاص لحزبنا أو لتيارنا وكتلتنا، نريد تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن تضم أصحاب إختصاص ومن ذوي الكفاءات”.

بهذه العبارة خرج ممثلي الكتل النيابية من جولة الإستشارات الغير مُلزمة مع الرئيس المكلف.إلا أنه وكما كان متوقعاً  فإن مفاعيل هذه العبارة لم تصمد أكثر من يوم واحد . ليعود الطبع يغلب التطبع عند هذه الطبقة السياسية وتعود المطالب والتمسك ببعض المواقع تطفو على السطح وتُربك وتُعرقل مهمة الرئيس المكلف.

ومع مغادرة الرئيس الفرنسي لبنان إعتبر أقطاب هذه الطبقة أن بإستطاعتهم إستفراد الرئيس المكلف وليّ ذراعه بغية تطويعة ودفعه لإعتماد الآليات السابقة في تشكيل الحكومات،  من خلال محاولة وضع العصي في الدواليب، تارة بطرح –المناورة –  كالمداورة في الحقائب وصولا ربما لتكريس القديم على قدمه، وطورا بوجوب مراعاة الميثاقية  في التواقيع  ناهيك عن رغبة لدى البعض الذي

يفضل ان تتكون الحكومة من 24 وزيرا وحجته الظاهرة في ذلك تسريع وتنظيم الإنتاجية أما ما هو باطن فهو سعيه وإلتفافه للحصول على الثلث الضامن والذي هو بالحقيقة يشكل ثلثا معطلا أكثر منه ضامنا.

إنطلاقا مما  تقدم  فإننا نأمل أن لا يخيب الرهان على الرئيس المكلف وقدرته على إخراج لبنان من قبضة وهيمنة الذين تخصصوا وبرعوا في نهب خيراته  وثرواته . وأن يتمكن من أن يقدم لنا حكومة تلبي طموحات هذا الشعب الذي أمعنت هذه الطبقة في إذلاله لدرجة  الجوع؟! وهذا لن يتم إلا إذا إنصاعت هذه الطبقة إلى النصيحة –المطلب – التي إقترحها أحد المسؤولين في الخارجية الفرنسية  مؤخراً حيث قال ما حرفيته: ” أن الوقت حان لتنحي الأحزاب السياسية اللبنانية جانباً مؤقتاً وضمان تشكيل حكومة تعمل على التغيير. وشدد على أن البيان الوزاري للحكومة الجديدة يجب أن يتضمن برنامج الإصلاحات الضرورية”.

 وبالحديث عن الحكومة العتيدة والتي يعتبرها الجميع الفرصة الأخيرة لإنتشال لبنان من أزماته الخانقة على مختلف الصُعُد .نأمل ان يسارع الرئيس المكلف بتقديم التشكيلة التي يؤمن بها ويعتبرها الفريق المؤهل لهذه المهمة ، والإسراع وليس التسرع   هو المطلوب في ولادة الحكومة  قبل أن تعاود هذه الطبقة إلتقاط أنفاسها  بعد التشظي  الذي أصابها بعد إجتماعاتها مع الرئيس ماكرون وقبولها مرغمة بخارطة الطريق والمهل الزمنية التي وضعها لها مختتما  بقوله ” وإلا ” .  

من هنا نتوقع من الرئيس المكلف التحرر من كافة الضغوطات وأن يمضي قُدماً في تشكيل هذه الحكومة وفقا لما يراه السبيل الوحيد للنهوض بهذا البلد وفقا لقناعاته وبما يتماشى والغاية من قبوله التكليف وتصديه لهذه المهمة ، وبالتالي يقدم تشكيلته الى رئيس الجمهورية  ومن بعدها تمثل أمام المجلس لنيل الثقة. وفي حال  عدم توقيع مرسوم تشكيلها او حجب الثقة عنها، عندها يكون وراء الأكمة ما وراءها  ويتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود.     

 نقطة أخيرة يجب الإشارة إليها وهي ان هذه الحكومة المرتقبة وإن كانت ستمثل فريقا متجانسا كما وعدنا به ، فإن ذلك يبقى ناقصا إن لم تتمكن من إنتزاع صلاحيات إستثنائية في ميادين محددة لأجل الإسراع وانتظام العمل الإصلاحي المنشود. فلا يمكن لها  ان تكسب ثقة المجتمع الدولي من دون إجراء إصلاحات جذرية، وجوهرية، ومحاربة الفساد، والمفسدين، واستعادة الأموال المنهوبة، والمساءلة على التقصير وسوء الإدارة. وهذا  لن يتم إلا إذا توفرت لها حرية الحركة من خلال صلاحيات إستثنائية تمنح لها وتبعدها عن شبح التعطيل والعرقلة الذي قد تواجهه من قبل البعض في المجلس النيابي وإذا لم تمنح مثل هذه الصلاحيات فإن الأمل يتضاءل إلى حد بعيد في أن نرى انجازات على قدر الأمال المعقودة .

شاهد أيضاً

النكزة الأخيرة”… منشورٌ “ناريّ” للسيّد!

كتب النائب جميل السيّد، في منشور على حسابه عبر منصّة “إكس”: “كنا في المدرسة، احياناً …