“التيار سيسهّل إلى أبعد الحدود”… هل هو تأثير العقوبات؟!

منذ إسدال الستارة عن العقوبات الأميركية المستجِدّة، والتي شملت في “فصلها الأول”، كما يقول البعض، الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، ولا نقاش في الصالونات السياسيّة يعلو على “تأثير” هذه العقوبات على ملفّ تأليف الحكومة، نقاشٌ لم ينجح حتى حريق المرفأ الكارثيّ في التغطية عليه…

<

في هذا السياق، ثمّة وجهتا نظر تتنازعان، تقول الأولى إنّ العقوبات “فرملت” عمليّاً مفاوضات تأليف الحكومة، والتي كان الوزير حسن خليل “ناشطاً” على خطها، عن “الثنائيّ الشيعي”، وأنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يُخفِ “استياءه” من العقوبات، قرّر الردّ عليها بالمزيد من “التشدّد”، خصوصاً في ما يتعلق بحقيبة المال، بعيداً عن أيّ “ليونة” كان أبداها سابقاً.

لكنّ “التشدّد” الشيعي قوبل بـ “مرونة” على مستوى “التيار الوطني الحر“، وفقاً لمعظم التسريبات الصحافية، والتي تنطلق منها وجهة النظر الثانية، التي ترى في العقوبات عنصراً ضاغطاً “ميسّراً” لولادة الحكومة وليس العكس، وتستند في ذلك إلى ما قالته أوساط “التيار” في الساعات الأخيرة عن أنّ الأخير “سيسهّل إلى أبعد الحدود”، حتى لو بقي خارج الحكومة.

“التيار” يسهّل؟!

كلام أوساط “التيار” هذا استنفر الكثير من الأوساط السياسيّة في الساعات الأخيرة، حيث وضعه بعض خصوم “التيار” في خانة “الخوف” من “العقوبات”، في ظلّ “الوعيد” بأنها ستشمل رئيسه الوزير السابق جبران باسيل في دفعتها المقبلة، الأمر الذي يعزّزه “الصمت” الذي التزم به الأخير منذ الإعلان عن فرض العقوبات.

وإذا كان أصحاب هذا الرأي يعتقدون أنّ باسيل يفعل كلّ ما باستطاعته لتفادي أيّ “دعسة ناقصة” من شأنها أن تقضي على طموحاته السياسية، والرئاسيّة، فإنّ المقرّبين من “التيار” يستهزئون بهذا الكلام، ويعتبرون أنّ الحديث عن “تسهيل” ولادة الحكومة، بمُعزَلٍ عن الموقف النهائيّ منها، سابقٌ للعقوبات والضغوطات، ولاحقٌ لها بطبيعة الحال.

ويحيل هؤلاء المُتابعين إلى موقف رئيس “التيار” خلال الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا، وغير الملزمة في عين التينة، حيث شدّد باسيل في المناسبتين على ضرورة ولادة حكومة منتجة ومثمرة، نافياً وجود أيّ “شروط” له، ومؤكداً “انفتاحه” على كلّ الخيارات، حتى أنّه لم ينفِ “حماسته” للبقاء خارج الحكومة، مع منحها الثقة المطلوبة لتباشر في الإصلاحات الموعودة والمُنتظَرة.

العبرة في الواقع!

يقول البعض إن كلام باسيل الإيجابيّ هذا، مجرّد “حبرٍ على ورق”، بل إنّ من يحيل الآخرين إليه، يجب أن يعود إلى كلامه في كلّ الاستحقاقات السابقة، والذي تنطبق عليه مقولة “أسمع كلامك أصدّقك… أشوف أفعالك أستعجب”، علماً أنّ مثل هذا الكلام صدر عن “التيار” حتى حين كانت الحكومة تُعطَّل بالكامل “كرمى لعيون” باسيل.

من هنا، يعتقد هؤلاء أنّ العقوبات الأميركية وحدها يمكن أن تشكّل “عاملاً ضاغطاً” على “التيار” لإعادة النظر باستراتيجيّته، خصوصاً أنّ بعض التسريبات قبل ساعاتٍ قليلةٍ من العقوبات، كانت تتحدّث عن “استيائه” من عدم تشاور الرئيس المكلّف مصطفى أديب معه، بل عن “إصراره” على التمسّك بحقائب “التيار” الحاليّة، في حال لم يَسِر الآخرون بمبدأ “المداورة”، والذي يؤكد ضرورة أن يشمل جميع الحقائب، بما فيها الماليّة.

ولأنّ “العبرة” تبقى في التنفيذ وفي الواقع، خصوصاً أنّ الكلام “ليس عليه جمرك”، يقول البعض إنّ المطلوب إقران الأقوال بالأفعال، علماً أنّ البعض ينظر بعين الريبة إلى بعض تصريحات باسيل التي أظهر فيها “تعفّفاً” عن الحصص الحكوميّة، “متنازلاً” عنها لرئيس الجمهورية، وهو المحسوب على تيّاره، ما قرأ فيه البعض “خدعة” جديدة، من بوابة “الفصل الوهمي” بين الرئيس و”التيار”، والذي لم يعد ينطلي على أحد.

قد تنجح العقوبات الأميركية في “تليين” موقف باسيل، وقد يكون هو اتخذ بنفسه قرار “التسهيل”، وفق ما تؤكّد أوساطه، لكنّ الأكيد في مطلق الأحوال، أنّ المرحلة لا تحتمل “ترف” المماطلة، ليس فقط لأنّ “المهلة الفرنسية” أوشكت على الانتهاء، ولكن، قبل ذلك، لأنّ “الكوارث” التي بات اللبنانيون يستيقظون عليها كلّ يوم، تتخطّى كلّ الحسابات السياسيّة…

شاهد أيضاً

الخطيب يعرض مع شقير العلاقات اللبنانية – الخليجية

  بحث رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير مع عضو مجلس إدارة اتحاد مجالس …