هامش ماكرون يضيق…حكومة انتقالية او ساعة تخلٍ

تحاول فرنسا إظهار نفسها بصورة الدولة التي ترفض الانقياد خلف الادارة الاميركية في سياستها تجاه ايران ولبنان على وجه التحديد، بيد أن الواقع يظهر ان المحاولة الفرنسية سوف تتداعى أمام سياسة واشنطن في نهاية المطاف، خاصة وان المواقف الأميركية لا تزال وستبقى على الوتر نفسه من التصعيد لحين تبلور الصفقة الكبرى بين الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية، التي يفترض أن تبدأ اولى جولاتها بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، علما ان حبل الرسائل بين الطرفين لم ينقطع.


تقف فرنسا اليوم على مفترق طريق في ما خص دورها تجاه لبنان، فهي تدرك، بحسب مصادر متابعة، ان عوامل الاستجابة لطروحاتها ومبادراتها على المستويين الداخلي اللبناني والخارجي لا تزال غير متوافرة.

في مئوية دولة لبنان الكبير، يصر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي يحط في بيروت يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، على الإحتفال بالذكرى لما تحمل من رسائل للكثير من الدول الغربية والاقليمية ومنها تركيا، فبعد مئة عام من اعلان الجنرال غورو دولة لبنان الكبير وإعادة ترسيم الحدود بين البلاد التي كانت خاضعة للحكم العثماني ومن بينها سوريا ومتصرفية جبل لبنان معلنًا بيروت عاصمة لها في حضور البطريرك الماروني الياس الحويك يومذاك، يحاول ماكرون اليوم، استنساخ تلك التجربة وهو الذي دعا خلال زيارته بيروت عقب انفجار المرفأ الى الإعداد لميثاق سياسي جديد لتغيير النظام، خاصة وانه يدرك أن النظام الحالي لم يعد يصلح، ويتخوف من اندلاع حرب اهلية في لبنان اذا ترك في ايدي اقليمية فاسدة.


ومع ذلك، لن يستطيع ماكرون، بحسب المصادر، التمرد على الرئيس الاميركي دونالد ترامب، لكنه سيتحرك ضمن “الكوريدور” المرسوم له، واذا كان مساعد وزير الخارجية الأميركي  ديفيد شينكر قد ارجأ زيارته الى الثاني من أيلول بحجة جولته مع الوزير مايك بومبيو، بيد أن الزيارة تبدو وكأنها محاولة استكشاف حتمي لزيارة ماكرون والمواكبة الاميركية لها، لا سيما وان زيارة الرئيس الفرنسي قبل اسابيع اعقبتها زيارة للسفير ديفيد هيل الذي بحث في ملفات اقل تعقيدا من الملفات التي سيطرحها شينكر وتتصل بالترسيم والعقوبات وبالسياسة الداخلية، ولذلك تحاول باريس اظهار التناغم مع واشنطن واظهار رؤية مشتركة تجاه القوى السياسية في لبنان ومآل الامور في ما يتصل بالحكومة العتيدة، حيث أعلن مسؤول بالرئاسة الفرنسية أمس أن الوقت حان لتنحي الأحزاب السياسية اللبنانية جانبا مؤقتا وضمان تشكيل حكومة تعمل على التغيير.

وليس بعيدا فإن اختبار المرحلة المقبلة يتمثل بالسؤال الآتي: الى اي حد سينجح الفرنسيون في توسيع الهامش المعطى لهم اذا تطلبت محاولة نجاحهم ذلك، علما أن كل المؤشرات المحلية لا توحي بأن نهجا جديدا سوف يسلكه المعنيون بالتكليف والتأليف في لبنان رغم موعد الاستشارات النيابية الملزمة يوم الاثنين، والذي جرى تحديده بفعل الضغط الفرنسي؛ فهذا الموعد عرضة للتأجيل في ظل تأكيد مصادر معنية بمفاوضات التكليف ان لا توافق حتى الساعة على اية شخصية لتولي رئاسة الحكومة، هذا فضلا عن أن المؤشرات الاقليمية لا تبدو افضل حالاً. فالمعلومات تشير إلى أن انكفاء الرئيس سعد الحريري مرده أن بعض القوى المؤثرة لا تزال على موقفها الرافض لعودته إلى الحكومة، وهذا يعني أن الاندفاعة الفرنسية، بحسب المصادر، ليست محصنة بنيات حسنة من اللاعبين الآخرين على ساحة لبنان.  فالضغط الأميركي على “حزب الله” سيستمر لعدم مشاركته في الحكومة المرتقبة، في حين أن فرنسا لا تعي أن الحزب لا يتحمل مسؤولية ازمة الانهيار الاقتصادي والسياسي وانه مكون أساسي أسوة بباقي المكونات الممثلة في البرلمان والحكومة ويجب تحييد سلاحه عن البحث في معالجة الازمات المستفحلة في لبنان.

وسط كل ذلك، فإن لبنان في قلب أتون النار المالية والاجتماعية والامنية، ويحتاج إلى مرحلة انتقالية جديدة تفرض على المكونات السياسية كافة تقديم التنازلات اقله في الفترة الراهنة. من هنا يراهن ماكرون، بحسب المصادر، على أنه قد ينجح في الضغط على القوى السياسية من أجل تشكيل حكومة انتقالية وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة التي تعتبر شرطا أساسيا وحيدأ لحصول لبنان على المساعدات من الدول الداعمة، وإلا فإنه قد يسحب مبادرته ويطوي معها كتاب مساعدات “سيدر”، على قاعدة “قلعوا شوككم يايدكم”. 

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …