فضيحة “مدوّية” يكشفها حكم قضائي بحق مصرفي سابق

بعد عقدين من الزمن فضيحة “مدوّية” يكشفها حكم قضائي بحق المصرفي السابق “محمد ابراهيم حمدون، ويخالفه مصرف لبنان، بقبول مساهمته وعضويته بمجلس الإدارة، والأسوأ من ذك بتعيينه مديراً عاماً للبنك اللبناني الكندي.

من ضمن الإصلاحات المالية والإقتصادية المطروحة لخروج لبنان من أزمته، يدخل القطاع المصرفي كأحد البنود الإصلاحية في خطة التعافي الاقتصادية والممالية التي تقدمت بها الحكومة الحاليةوالمستقيلة برئاسة نجيب ميقاتي، وقبلها حكومة حسان دياب.

فالقطاع المصرفي، هو من ثلاثة مكونات يتحملون الخسائر التي مُنيَ بها لبنان، حيث تقع المسؤولية على الحكومات المتعاقبة والدولة اللبنانية، ومصرف لبنان، وكلُّ منهم يرمي الكرة عند الأخر.

والقطاع الذي أغرته الفوائد العالية، التي قدمها له حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حقق ارباحاً كبيرة، لم يوظفها بإقتصاد منتج بل ريعي، مما نتج خسائر للمودعين كما للمساهمين، فكان هذا القطاع بالفاسدين فيه متواطيء مع المصرف المركزي ومشاركة الحكومات المتعاقبة، وتمرير مجلس النواب للموازنات، فأدّى ذلك إلى إنهيار لبنان، وما حلّ به من خسائر وإفلاس الخزينة ونهب أموال المودعين، وسقوط هيكل المصارف، التي باتت مضطرة إلى إصلاح نفسها وإعادة بناء هيكلها واستعادة الثقة بها.

فتطهير القطاع المصرفي هو الولوية المطروحة والمتقدم على ما عداه، وإلا لن ينهض من جديد، وهو أحد شروط البنك الدولي، لأن الإصلاح المالي يبدأ به، إذ تضمّنت خطة التعافي إخراج مصارف من العمل، ودمج أخرى، لأن الممارسات التي حصلت خلال العقود الأخيرة، تدلّ على شوائب وارتكابات لا تحصى ولا تعدّ من قبل مسؤولين في المصارف، وتم التغاضي وحجب الرؤية عن أدائهم وتصرفاتهم، حيث أوصت الخطة بأن من دخلوا أو تسللوا الى القطاع المصرفي، وتسببوا بتشويه صورته وفقدان الثقة به، يجب أن يلاحقوا أمام القضاء، بسبب ما حلّ بالمودعين، وهم أحد نتائج الأزمة، حيث كانت بعض المصارف تحظى بغطاء مالي من مصرف لبنان، وسياسي من طبقة حاكمة، كانت مستفيدة من المصارف بأوجه متعددة.

وفي هذا الإطار، فإن أحد النماذج لهذا الأداء اللامسؤول، “الفضيحة المدوية” التي تم كشفها مؤخراً بواسطة حكم قضائي سابق، وموثقة لمساهم ومصرفي ومدير عام سابق  “محمد ابراهيم حمدون” في البنك اللبناني الكندي سابقاً، الذي أعلن تصفبته في العام 2011  وبيع موجوداته، بعد إدانة المصرف المذكور من قبل وزارة الخزانة الأميريكية ومن يديره، والتي سمتهم بالإسم ناسبةً اليهم جرائم تبييض الأموال والإتجار بالمخدرات والتجارة الغير مشروعة وارتكاب مخالفات… حيث أظهرت وثيقة بأن حكماً صدر بحق حمدون من المحكمة الإستئنافية في جبل لبنان، والناظرة بقضايا الغش والاحتيال، بتاريخ 23/04/2001 برقم 641/2001 أساس 107/2001، والذي قضى بإدانة “محمد ابراهيم حمدون” بمقتضى المادة 1/20 من المرسوم 54/83 تاريخ 29/07/1983 وتغريمه مبلغ خمسماية ألف ليرة لبنانية. فتقدم حمدون في حينه بدعوى إعادة المحاكمة، لكن المحكمة ردت بالإجماع الطلب شكلاً، ومصادرة التأمين وتضمين طالب الإعادة الرسوم والمصاريف، وصدر القرار بتاريخ 30/10/2003.

أما المخالفة الكبرى هي أن مصرف لبنان و “حاكم مصرف لبنان” وهيئة الرقابة على المصارف لم يعملواا بموجب قانون النقد والتسليف في مادته 42 والمعدلة بالمادة 148 والتي نصت على انه لا يجوز اختيار احد عضواً في مجلس الإدارة إذا كان قد اعلن إفلاسه ولم يستعد اعتباره منذ عشر سنوات في لبنان على الأقل أو إذا كان محكوماً عليه في لبنان أو في الخارج منذ أقل من عشر سنوات لارتكابه او لمحاوله ارتكابه جناية او جنحة وتطبيق الشروط عينها على ممثلي الأشخاص المعنويين في مجلس الإدارة.

وبذلك يكون “حمدون” مساهم في المصرف وعضو في مجلس الإدارة ونائب المدير العام ومن ثم مديراً عاماً ومسؤولاً كبيراً، في مخالفة واضحة وفاضحة لقانون النقد والتسليف في مادته 42 والمعدلة بالمادة 148 وغطاء من مصرف لبنان وحاكمه وهيئة الرقابة على المصارف.

أما الفضيحة الأكبر هي موافقة “مصرف لبنان وحاكمه وهيئة الرقابة على المصارف” على تعيين “محمد ابراهيم حمدون” ورئيس مجلس الإدارة الأسبق كمصفين على المصرف سنة 2011 بالرغم من الحكم الصادر سنة 2003 بحق “حمدون” وبالرغمن من إدانتهم من قبل وزارة الخزانة الأميريكية بالإسم ناسبةً اليهم جرائم تبييض الأموال والإتجار بالمخدرات والتجارة الغير مشروعة وارتكاب مخالفات… ما قد عرّض المصرف لخسائر مالية كبيرة لنتيجة الأفعال الغير قانونية التي ثبت ارتكابها من قبل من كان يدير المصرف المذكور وتم تغريم المصرف 102 مليون دولار أميريكي وبالرغم من مخالفة واضحة وفاضحة من “مصرف لبنان وحاكمه وهيئة الرقابة على المصارف” لقانون قانون النقد والتسليف في مادته 42 والمعدلة بالمادة 148 لا تزال ذيول تصفية المصرف منذ سنة 2011 مستمرة لغاية تاريخه وسط نزاعات قانونية وقضائية بحق المصفين لارتكابهم مخالفات وافعال غير قانونية بأعمال التصفية.

يذكر في هذا المجال أن غازي أبو نحل وشركاؤه كانوا قد تملكوا في العام 2007، لأسباب إستراتيجية، نسبة 24% من رأس مال البنك اللبناني الكندي. وكانوا اتخذوا اجراءات قانونية ضد السادة: جورج زرد أبو جودة ومحمد حمدون واحمد صفا في الولايات المتحدة الأميركية بين العامين 2013 و 2015. ومؤخراً أقرت وقضت المحكمة الجزئية الأميركية بإمكانية مقاضاة الموظفين الثلاثة المدّعى عليهم في الولايات المتحدة الأميركية. بناءً على ادعاءات بأنهم قاموا بغسيل أموال لتمويل هجمات ارهابية بما يعتبر إنتهاكاً للقانون الدولي.

مخالفات كثيرة أثيرت قبل سنوات وقبل سقوط المصرف، ولكن كان يتم تجاهلها او السكوت عنها، بسبب الحمايات “المزمنة” لـ “حمدون” وغيره، من مراجع في السلطة سياسية وعسكرية وأمنية وقضائية ومصرفية وهذا ما أدى إلى الكارثة التي وقعت على المصرف كما على اللبنانيين…

شاهد أيضاً

هل تنجح تركيا بإنقاذ نتنياهو حيث فشل الاخرون؟

ميخائيل عوض هزمت غزة في صناديق الانتخابات البلدية التركية حزب العدالة والتنمية هزيمة مذلة. ادت …