مقاربة أولية في ديوان (صورة شمسية لبنت البلد ) للأديبة الشاعرة /فلك مصطفى الرافعي/

عندما يقف المرء أمام مَعْلمٍ حضاري شاده الإنسان بإتقان وفرادة ..
وعندما يتأمل لوحةً فنيةً مستغرقًا في أبعادها وألوانها وظلالها وقد نفخ فيها فنانٌ مبدعٌ من روحه حتى أنطقها جمالا وحسنا..
يتملّكه الخشوع والافتنان بعظمة الانسان وبما أودع الله سبحانه فيه من ملكة الابداع واستودعه الجمالَ امانةً لا تحملها الجبال الراسيات في محاكاة صنع الله فنا وادبا وشعرا…

كذلك هو الشعور أمام مؤلف ادبي تناهى به الاتقان كانه منحوتة اسطورية مرت عليها يد الرحمن فكانت آية في الجمال والبهاء.

انه ديوان الشاعرة الكبيرة فلك الرافعي الموسوم بعنوان يختزن دلالات بعيدة المنال

 

(صورة شمسية ) وهي تعريف لهوية الشخص يتكافأ فيها الجميع..(لبنت البلد ) تعريف بالانتماء والتنشئة ..

وحين تغوص بين تضاعيف الديوان تدرك ان الصورة مرآة تعكس معالم الحياة والمجتمع والبلد… في منظومة (شمسية)
تأسرك بجاذبية كونية لا تخرج عن مدار (فلكها).. فلا تستطيع الاقتراب التصاقا.. ولا الانفصال افتراقا..

دخلت محرابها برهبة الخاشعين اتصفح واتفحص فاذا انا امام قطيفة شجراء تصدح بلابلها بالحان داوودية وتراتيل مريمية تعزف على اوتار الكلمات والحروف فتأخذ بمجامع القلوب
عذوبةً وقداسةً.

احدى وعشرون قصيدة تطلقها الشاعرة احتفاء بكل ضيف خفيف الظل يدخل الى حدودها المعترف بها انسانيا وادبيا

لم اقرأه ترفًا في المطالعة والثقافة.. بل موردًا نميرًا تستروحُ به النفس كلما اشتدّ أوامُها ويطمئن له القلب اذا ضاقت عليه الدنيا بما رحبت.

هذا الديوان يجعل من الشاعرة فلك رائدة الادب النسوي في عصرنا.. (امرأة أسطورة ) حفظت (الوصية) ..وشهرزاد الحكايا تدجّن شهريار المنايا..

وقفت امام قصيدة (قراري).. تأملت مليًا قرأت وأعدت مرارا.
قصيدة عصماء من البدائع الفريدة.. جمعت بها بين النغم الشعري والبعد الفلسفي والمنطق الكلامي..
إن أحببتني فهذا (قدرك) ولكن هو (قراري) بين الجبر والاختيار في علم الكلام..
ولانها شاعرة تعرف مكامن الجمال ليس فقط في رصف الكلمات بل ايضا في انتخاب الحروف واتقان تكرارها في اسجاع تطرب الاسماع
(شعري وشعوري واشعاري..
سروري ومساري واسراري
صرير ومصير واصراري….)

حروف هي نوتات موسيقية في ايقاع داخلي وارواء تروي العطاش.

وقصيدة (تعال بالأمس )عنوان صادم بين زمن المستقبل لفعل الامر ودلالة الماضي للأمس
ولا يعرف سر ذلك الا من أدرك فلسفة الزمان في حركيته الكونية ..

أنصح كل عاشق للشعر والجمال ان يقرأ هذا الديوان ويعيد قراءته لانه في كل مرة يظهر لك ما خفي عنك (يزداد حسنا كلما زدته نظرا)
فتبصر به ما لا عين رات ولااذن سمعت ولا خطر على قلب بشر..

كل التحية للشاعرة المحلقة بنت البلد
فلك مصطفى الرافعي

ابراهيم ديب أسعد

شاهد أيضاً

المكارثية السياسية والأقفاص المغلقة!

د. بسام  أبو عبدالله تعرف المكارثية السياسة بأنها سلوك يقوم بتوجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة دون …