“العاصفةُ الحمراء”

جِزتَ الصحارى والقفار
كي ترفَّ نسراً في الزمن
كما رفّ طيفُ الله فوق الماءْ
في ذاك العماءْ
حين كان وجهُ الغمر ظلمة
“في تلك الأزمان الأولى
لم يكن سوى المياه ”
لم يكن هنالك دماء
و لا سيوفٌ و لا ظلمٌ و لا عناءْ
لقد دخلت كجلجامش أرضَ الأحياء
وخلّدت للإباء ذكراً
و على ذُرى الوجود التي لم تُرفع فيها الأسماء رفعتَ الحقّ
فدوّى عبر السنين ولم يزل…
سالتْ الجراح
فغدتْ نهراً للمجدِ هدّاراً
نبعاً للحكمةِ
تسيل منه المأثرةُ
ترتوي منها العفّة
والأجيالُ والأحرار…
فاضت كلُّ الواحات بالدمِ
واحمرّت عيونُ النخيلْ
وبساتينُ العشق !
كان يومُ الريح
وأشباحُ اللؤمِ في كلّ مكانْ
راح الناسُ ينوحون
صارت العاصفةُ حمراءَ ثمّ سوداءَ سوداءْ
العاصفةُ العتيّة
ما انفكت تولولُ في الأنحاءْ
يحرقها البرقُ والندم …
ألهبها حرُّ الصحراء اللافح !
أيّها الصاعدُ على أشرعةِ المستحيل
ما هذا الألمْ ؟!
ما هذا العُجبْ
ما هذا اللهبْ
صار الناسُ يحترقونْ يلتهبونْ
كهجير الظهيرة
ما هذا الخطبْ؟
والصليلُ ضجَّ في الوهادْ
والظلمُ يلتهمُ البلاد ..
مضيتَ
أيّها المجندلُ المقطّعُ
المجبولُ بالنورِ والدمِ والطينْ
والنبالُ تولولُ على الصدرِ الحزينْ مجنونةً
تُمزّقُ القلبَ الندي
مضيتَ ولُججُ الموجِ
تتكسّر ْ
والفراتُ مقيّدٌ معقودُ الجبينْ
كان يودُّ أن يكون طائرَ الماءِ
كي يُبلّلَ
الفمَ الشريف …
قام السكونُ وافترشَ الفضاءْ
أفردَ لك الجناح
فمضيتَ أيها الملاكْ
قرأت مزاميرَ السيف
وآياتِ البطولة
اعتقلتَ الموتَ
زيّنت الشجاعة
فاغتبط الربُّ
وهبّتْ الشُعلة
أضرمتْ ثوبَ الفناء
فعدتَ وهجاً من دياجي الكربِ والبلاءْ ….

31/07/2022