تركيا تسرق القمح السوري

دمشق – علي حسن

بعد الفوضى والاقتتال الداخلي وعمليات السلب والنهب التي تسببت بها الفصائل الارهابية الموالية لأنقرة في شمال سوريا دخلت تلك المناطق في طور أزمة كبرى جديدة لا تقل فظاعة عما سبقها وذلك بعد تزايد عمليات التهريب لمحصول القمح الاستراتيجي حيث تقوم تلك الفصائل بنقل آلاف الأطنان منها إلى تركيا عبر معبر الراعي الحدودي الذي تسيطر عليه مما يستنزف انتاج تلك المناطق ويهدد بحدوث ازمة غذائية حادة.

تهريب ممنهج
كشفت مصادر حقوقية وأهلية عن عمليات تهريب منظمة وعلى نطاق واسع تقودها قيادات الفصائل الارهابية في تلك المناطق، لمئات الأطنان من محصول “القمح” الاستراتيجي، مما ينذر بحدوث كارثة إنسانية كبيرة مع تصاعد التحذيرات من أزمة غذاء عالمية ستؤثر على سوريا وتلك المناطق بالذات أكثر من غيرها.
الخبير الاقتصادي مضر غانم قال لموقع “العهد” الإخباري انه وبمجرد انتهاء عمليات الحصاد عمدت تلك الفصائل الى تهريب كميات كبيرة من القمح الى تركيا عبر معبر الراعي الحدودي الذي تسيطر عليه وان الكميات الكبيرة للقمح المهرب وعلنية التهريب الذي يتم في وضح النهار يقطعان أية شكوك في احتمالية أن يكون التهريب مجرد عمليات فردية يقوم بها مجموعة من الأفراد. ومما يعزز فرضية أن التهريب يتم بغطاء مما يسمى بالحكومة المؤقتة التابعة لتركيا هو الثمن البخس الذي وضعته تلك الحكومه لشرائه من الفلاحين حيث لم يتجاوز سعر الطن ٤٥٠ دولارا
مما يدفع الفلاحين في تلك المناطق الى بيعه لتجار هم بالحقيقة ليسوا أكثر من واجهات لقادة الفصائل الارهابية وحكومتهم المؤقتة ليقوم هؤلاء بنقل القمح علنا وعلى رؤوس الاشهاد الى تركيا.

وفي سبيل الحصول على متطلبات الاستحواذ على القمح، قام قادة تلك الفصائل بتمويل عمليات الجمع والشراء، وصولاً إلى تسهيل عمليات النقل عبر الحواجز العسكرية، وليس انتهاء بمرحلة تهريب المادة الأساسية إلى خارج سوريا.
أرقام كبيرة للقمح المهرب
ورغم تشكيل ما يسمى بالحكومة المؤقتة لجنة لتسلم القمح من المزارعين في مناطق عمليات “غصن الزيتون ودرع الفرات”، وأخرى في “نبع السلام”، شهدت مراكز التسلم إقبالاً ضعيفا جداً، ضمن “عين البيضا – بزاعة – إعزاز – مارع”.
وقدر مصدر مطلع إن الأراضي المزروعة بالقمح في منطقة جرابلس شرقي حلب وحدها سلمت حتى تاريخ اليوم 400 طن فقط وذلك من أصل كمية متوقعة تصل إلى 2000 طن، مشيرا إلى أن تجار السوق السوداء اشتروا من الفلاحين المحصول بأكثر من السعر المحدد رسمياً بمبلغ تراوح بين (10 – 15) دولار أمريكي للطن الواحد، مشددا على حالة ضعف الإقبال لا سيّما في مناطق ريف حلب الشمالي.
الخبير الاقتصادي أكد أنه كان من المتوقع أن إجمالي انتاج القمح في المناطق الخاضعة للإرهابيين في الشمال يبلغ 11510 أطنان من القمح غالبيتها من منطقة “نبع السلام”، فيما تشير توقعات الإنتاج إلى 116849 في عموم مناطق سيطرة الارهابيين في منطقة نبع السلام حيث تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في مناطق عمليات “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام” 453749 دونماً وفق إحصائيات حكومية، وهنا يظهر حجم الفروقات بالأرقام بين الكمية المتوقع إنتاجها وبين التي جرى تسليمها لمراكز الحبوب ما يعني أن الفرق الواضح ذهب إلى طرق التهريب إلى خارج مناطق الشمال السوري.
تداعيات كارثية لتهريب القمح
وفي سياق محاولة تقدير حجم الضرر الذي لحق بالمواطن السوري نتيجة تهريب القمح الى تركيا نشر فريق “منسقو استجابة سوريا”، يوم الأربعاء الماضي تقريراً حول استمرار تراجع القدرة الشرائية للمدنيين، تضمن أرقاماً جديدة لنسب خط الفقر وعجز تأمين المتطلبات الضرورية للمعيشة، مشيرا إلى أن عدم ضمان استمرار عملية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود يزيد من معدلات الأرقام الحالية إلى مستويات جديدة.
وفي شباط/ فبراير الفائت سلط تقرير لفريق “منسقو استجابة سوريا” الضوء على الأوضاع الإنسانية في شمال غرب سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية من تاريخ نشر التقرير، في ظل تفاقم الوضع المعيشي لملايين المدنيين، لا سيما قاطني المخيمات الذين يعانون أوضاعا إنسانية صعبة.
وتحدث التقرير عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 400%، كما ارتفعت أسعار المواد غير الغذائية بنسبة 200%، وارتفعت أسعار المحروقات بنسبة 350%، كما ارتفعت أسعار مادة الخبز بنسبة 300% وسط تأكيدات أن القمح هو “من الحبوب الرئيسية في الغذاء عالميا وسط أزمة الغذاء مع وقوع القمح في صلب نزاع في الأسواق العالمية التي هزّتها الحرب في أوكرانيا وعواقبها، وسط تحذيرات من أنّ “خطراً مستداماً” يخيم على الأمن الغذائي لا سيّما في سوريا في ظل تفاقم أزمة الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار المتصاعد في عموم البلاد

شاهد أيضاً

#سبعون # ميخائيل_نعيمه

أتعرف أنّ ملايين من الناس يعتقدون أنّ حياة الإنسان لا تبتدئ في المهد ولا تنتهي …