اول سابقة قانونية في التاريخ كانت جريمة قتل ارتُكبت في بلاد سومر في حدود 1850 قبل الميلاد.

إعداد المحامي كميل سلوم 

وملخص الحادث ان ثلاثة رجال حلاق و بستاني وشخص لم تُذكر مهنته قتلوا احد موظفي المعبد
ولأسباب غير معروفة ، اخبر هؤلاء القتلة زوجة القتيل بمقتل زوجها .. و لكن الغريب في هذه المسالة ان الزوجة احتفظت بسر القتلة ولم تبلغ السلطات الرسمية بالامر !
بيد ان يد العدالة كانت ، مهيمنة وقوية خاصة في بلاد سومر المتمدنة. فبلغ خبر الجريمة علم الملك “أور-ننورتا” وهو في مدينة “ايسن” فأحال القضية للنظر فيها الى “مجمع المواطنين” في مدينة ” نيبور “، وهو المجمَّع الذي كان محكمة للفصل في القضايا من هذا النوع المعقد.
وفي ذلك المجمع نهض تسع رجال ليقاضوا المتهمين قائلين “ان الذين يقتلو ن رجلا لا يستحقو ن الحياة”
وابدى هؤلاء رإيهم في نقاش القضية بأن الجريمة لا تقتصر على الرجال الثلاثة وهم القتلة الفاعلون ، بل يلزم ايضاً مقاضاة الزوجة بسبب بقائها ساكتة ، الامر الذي يجعلها شريكة في الجريمة.
ثم انبرى في المحكمة رجلان للدفاع عن المرأة ، فقالا ان المرأة لم تشترك في قتل زوجها ولذلك ينبغي تبرئتها فلا ينالها العقاب.
فأقرّ اعضاء المحكمة حجج الدفاع مبررين قرارهم بأن تلك المرأة كان لها من المبررات ما حملها على السكوت لأنها كانت متضررة من زوجها بسبب عدم اعالته لها
و ختم اعضاء المحكمة قرارهم بالقول”ان العقوبة ينبغي الا تشمل سوى القتلة الفاعلين” و بموجب ذلك تم اصدار حكم الاعد ام على الرجال الثلاثة وتبرئة الزوجة واخلاء سبيلها

الغريب في الامر انه بعد أن تمت ترجمة هذا النص من قبل البعثة المنقبة المشتركة لمعهد شيكاغو وجامعة بنسلفانيا في حدود العام 1950 ميلاديا .. رات البعثة انه من المناسب مقارنة هذا الحكم الصادر قبل الاف السنين بما يكون عليه قرار حديث في قضية مشابهة .. فارسلت البعثة نص قرار الحكم الى اوين ج. روبرت عميد كلية الحقوق في جامعة بنسلفانيا حينئذ ، سائلين عن رأيه في الحكم

لقد كان جواب عميد كلية الحقوق في جامعة بنسلفانيا ، ذا أهمية عظيمة ، اذ قال
أن المرأة لا يمكن أن تُعد شريكة في هذه الجريمة وفق قانوننا ، لأن الشريك في الجريمة بعد ارتكابها ليس من علم بارتكاب الجريمة فقط ، بل يجب أن يكون قد آوى المجرم القاتل او اسعفهُ او ساعده او تسلم ربحاً .. ولذلك يجب تبرئة الزوجة
وهكذا فقد كان القرار القضائي واحداً ومطابقا .. فقد اتفق قضاة عصرنا الحاضر في هذه المسألة القانونية مع القضاة السومريين الذين صدر حكمهم العادل قبل الاف السنين

#المصدر : الواح سومر _ صاموئيل كريمر / ص 131-134

شاهد أيضاً

الجعيد استقبل وفد “التيار الاسلامي المقاوم”: “وحدة صف المسلمين ضرورة في ظل العدوان على غزة”

استقبل المنسق العام ل “جبهة العمل الإسلامي” في لبنان الشيخ الدكتور زهير الجعيد، بحضور أمين …