عصام رجي في ذكرى رحيله:

من “الكورال” إلى نجم المسرح الغنائي…

زياد سامي عيتاني*

بالأمس مرت ذكرى رحيل الفنان اللبناني الشامل بصمت، تماماً كهذا الصمت الموحش الصاخب الذي يخيم على البشرية بأسرها من جراء الحصار الوبائي، تماماً كما كان رحيله صامتاً…

توصيفه بالفنان الشامل ليس على سبيل الإطراء الذي يميله غيابه عن عالمنا، بل لأنه يستحقه عن جدارة وكفاءة. فهو إضافة إلى كونه مرادف للأغنية الشعبية التي تتلاءم مع حنجرته الذهبية، كان يتمتع بثقافة موسيقية وتلحينية واسعة، كذلك هو من الرعيل الذي رافق نهضة الأغنية اللبنانية بأعمال من الصعب نسيانها، والتي تتلاءم مع حنجرته الذهبية، فضلاً عن أنه من أبرع راقصي الدبكة اللبنانية، التي أضافها إلى أدواره المسرحية التي لعب بطولاتها ببراعة…
عصام رجي من أجمل الأصوات اللبنانية التي يمكن الإستماع إليها، فهو المغني والموسيقي، وأحد نجوم المسرح الغنائي في أزهى سنوات إزدهاره في لبنان، إذ لم يكن يشارك فيه بالغناء وحسب، وإنما كان يلحن الكثير من أغنيات المسرحيات والمهرجانات، وهو الإسم الذي سطع في المسرحيات الغنائية التي كانت تعرض في مهرجانات بعلبك.

•البداية في “كورال” الرحابنة:
المعروف أن الفنان الراحل من الرعيل الذي رافق العصر الذهبي للأغنية اللبنانية التي أغناها لحناً ونغماً وأداء.
بدأ حياته الفنية ضمن البرنامج التلفزيوني “الفن هوايتي”، وتعرف بعدها على الأخوين رحباني وعمل معهم ضمن الكورال.

•روميو لحود ينقله إلى النجومية:
في سنة 1965 نقله الفنان روميو لحود إلى مسرح “فينيسيا” أول مسرح دائم في لبنان ليلعب معه دور البطولة في مسرحية “موال”، وبعدها توالت الأدوار تمثيلاً وغناءً بأكثر من ٢٥ عملاً مسرحياً مع الفنان روميو لحود، بينها بعض الأعمال التي قدمت على أدراج قلعة بعلبك الاثرية ضمن مع جاناتها العملاقة، ومنها: “القلعة” و”الفرمان” و”الليالي اللبنانية”.

•أشهر مطربي السبعينات:
إكتسب عصام رجي شهرة واسعة في السبعينيات، بعدما سجل أغنيته الخاصة “فوق الخيل” التي أحدثت ضجة كبيرة، قبل أن يقدم له الموسيقار فريد الأطرش الذي كان من أعز أصدقائه أغنية “هزي يا نواعم” التي شكلت قفزة نوعية في مسيرته الفنية، وتبعتها مباشرة أغنية “يا صلاة الزين”.
صحيح أن أغلب أغنياته هي من المسرحيات الغنائية، ورغم إرتباطها الدرامي بالعمل الذي أنتجت من أجله، إلا أنها وبحكم نجاحها الواسع ورواجها الكبير، تمكنت من المحافظة على إستمرايتها منفردة خارج أعماله المسرحية. وفي هذه المسرحيات وغيرها غنى أشهر أغنياته مثل “قديش قضينا سوا” و “دبكتنا ع الميجانا” و “فوق الخيل” و”شفتها بعيدة وأنا بعيد” و”اتغيرتي كتير علينا” و”هبي مع الهوا”…
وأثبت عصام رجي قدرته على التعبير الدرامي الممتاز في أغنيات أبطأ إيقاعاً مثل “إتغيرتي كتير علينا” التي غناها لحبيبته قمر في مسرحية “فرمان”، وتلك الأغنية القصيرة الساحرة “هبي مع الهوا” التي غناها في مسرحية “المواسم” التي تميزت بتواصل الغناء وإمتداده وأنسيابه بهدوء وإرتفاع الصوت وإنخفاضه.

•أفلامه السينمائية:
شارك عصام رجي في بطولة عدة أفلام سينمائية من أهمها: “موال” 1966، و”ملكة الحبة” 1973، و”مسك وعنبر” 1973، و”الجائزة الكبرى” 1974.

•قدم أجمل ألحانه لصباح:
إلى جانب الغناء، سخّر عصام رجي ثقافته الموسيقية في التلحين، وتبقى أشهر أعماله لفنانين آخرين، أغنية “سعيدة ليلتنا” للصبوحة، التي وقف أيضا إلى جانبها في أعمال مسرحية، و”يا ناس الدنيا دولاب”.

•الهجرة والزواج خلال الحرب، ثم العودة:
تأثر رجي بالحرب اللبنانية، مثل كل الفنانين اللبنانيين الذين هاجروا سعياً وراء رزقهم في دول أميركية وعربية.
فإنتقل للعيش متنقلاً في بعض الدول العربية وتعرف على زوجته الأردنية في مسقط، وتزوجها في سوريا.
ومع إبتعاده عن الفن الغنائي أسس شركة إنتاج تلفزيونية سينمائية وإذاعية، ثم عاد إلى الغناء في الثمانينيات مع مجموعة لاقت النجاح، إضافة إلى عمل مسرحي اسمه »هاللو بيروت« مع مروان وغدي الرحباني.
أما آخر أعماله أغنية من كلمات الشاعر منير عبد النور ولحنها وغناها مع الفنان نور مهنا وشاركه في أدائها في برنامج “جار القمر” عام 1999 بعنوان “لعل وعسى” وحازت شعبية وإنتشاراً كبيرين.
*****
عصام رجي، رغم غيابه الطويل، ما زالت أغانيه العابقة بنسمات الشرق والتراث الموسيقي القديم، يرددها الجمهور اللبناني والعربي، تمسكاً بالمستوى الغنائي الراقي والأصيل، الذي جسدها طيلة مسيرته الفنية الحافة…

*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

شاهد أيضاً

طموحات أردوغان التوسعية: إلى العراق دّر

     د. سماهر عبدو الخطيب  تعتبر زيارة الرئيس التركي طيب رجب أردوغان الأولى إلى …