ثقافة الفرح في المجسّم الفني “مكتبة الزمن القادم” للدكتور فضل زيادة

بقلم الدكتورة بهيّة أحمد الطشم

تُبهرنا ألوان الفرح التي تزيّن لوحةً استثنائية ومسبوكة في حنايا مجسّم فني من مادة الخشب ومزدان بألوان الأكريليك,اذ تستشرف أنظارنا وعقولنا في آن معاني البهجة من مبلغ الألوان الزّاهية والمتناثرة بألقها في أرجاء المشهد الفني الذي نحن بصدده.

 

لقد خطّت ريشة الرسّام الأشكال الهندسية المتنوعة,وابتكرت الخطوط والألوان المُشرقة في خضّم هندسةٍ فنية بارزة تستثير المغزى من تشييد مُدن الجمال فناً وواقعاً.
يرتكن البناء في الزمن الآتي كما تتخيّله أنامل الفنان على شكل هندسي يُحاكي المستطيل الموسوم برحابة مساحته الداخلية,حيث احتضن الأشكال الهندسية الأخرى في قلبه بطريقة مسسستمة,ويناظر(المستطيل) بأبعاده شكل الكتاب في مدينة زاخرة بالثقافة والأبحاث العلمية.
لقد جعل صانع المجسّم حجم الكتب مختلفة وناطقة بألوان السّرور (الزّهري,الأخضر, الأزرق بتدرّجاته المختلفة,وكذلك الأحمر والأبيض,وكأنّ في ذلك اشارة الى كيفية تعلّم أو استشفاف عالم الطاقة الايجابية من عُمق الأزمات ,اذ تنبض بضرورة اذكاء الفرح في نفوس الأجيال الناشئة,وتنمية روح السرور في قلوب الأطفال(أجيال المستقبل).
فلا شيء يعمّق شخصية الأطفال أكثر ممّا يفعله الاحساس بالعطاء المعنوي في هذا الاطار.
ولا غرو, فقد اعتبر أبرز علماء النفس والتربية أنّ الطفولة هي المرحلة التأسيسية في حياة كل انسان….
من هنا, أهمية تكريس العطاء العاطفي وابتكار وسائل التحفيز الايجابية حِيال الأطفال واقصائهم عن أجواء الحزن والحروب والظلم المُحدق في بقاع الأرض.

ولعلّه من الأهمية القصوى ,أن لا تتأثّر الطفولة البريئة بكلّ ألوان الظلم والجور,بل علينا أن نعلّم الأطفال صناعة الفرح ,أو أنّنا يجب أن نُنسيهم الأحزان لافساح المجال بتفريغ الطاقة الايجابية في مجال الابداع…ونستذكر في هذا السياق المقولة البارزة في علم النفس:”التذكّر فن,وكذلك النسيان فن.” ممّا يعني تفعيل النسيان التلقائي والمقصود والذي يسوّغه الدماغ لكل الآثار السلبية للأحداث المُحبطة التي تختزن في ذاكرة الاحساس عند الطفل وترافقه في سيرورة حياته,ولا غرابة في ذلك لأنّ أهم العُقد النفسية السلبية مصدرها الأساسي مرحلة الطفولة القاسية في حياة الانسان (العدائي ,السادي,المازوشي,المجرم,المنبوذ, المنحرف, وكل المبالغين(نساء ورجال) في استعراض اجسادهم وبعناوين مختلفة……….)
ولا ننسى في هذا السياق الحادثة التي مرّت في طفولة العالِم الشهير توماس اديسون,وكان لذكاء والدته العاطفي دوره الرائد في عدم احباط طفلها بعدما قرأت الورقة المُرسلة من المدرسة على مسمع طفلها بطريقة عكسية ….وقالت له العبارات المناقضة الموجودة على تلك الورقة و(دونما أن تُشعره بذلك) تلك العبارات التي تصفه بالغباء,وقالت له أنت ذكي جداً,سأقوم بتعليمك في البيت.
ونلتمس ها هنا مدى الأهمية القصوى لتفعيل الأمل في النفوس بمنأى عن استبداد الظروف,فدوام الحال من المُحال.
وبالعودة الى المجسّم الفني,وفي سِياق استقراء فلسفة الألوان: ينمّ اللون الأخضر البارز كقاعدة صُلبة في أسفل المجسّم عن رمز الخصوبة والزرع,ويعمّم الشعور بالتفاؤل.
يعكس اللون الأزرق ألق الأمل بالمستقبل ,ويستعير اللون الزهري رونقه من بهاء الورود في فصل الربيع.
كما يُحاكي اللون الأحمر أفهوم الحماس الزاخر ,ويسطع اللون الأبيض وكأنّه عالم من النقاء المجرّد كلياً من جمّ الشوائب.

وفي الخلاصة,تسطع في عقولنا عبارة ذهبيّة “أمة تقرأ,أمّة ترقى.”
وما أرقى تشييد مُدن العلم المُزدانة بعالم الكتب,حيث الكتاب مدماكها وتاجها,وصانع أجيالها المبدعة !

شاهد أيضاً

أفرام: “اقتراح قانون مع زملاء لتأمين تغطية صحية واستشفائية فعلية ولائقة للأجراء من خلال إتاحة خيار التأمين الخاص”

كتب رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” النائب نعمة افرام على منصة “أكس”: “نظراً للآثار …